IMLebanon

إيران تريد الأنبار المفتوح جغرافياً على سوريا والأردن والسعودية

الدكتور علي ولايتي، ليس مجرد مستشار في مكتب المرشد آية الله علي خامنئي الذي يضم حوالى 12 ألف مستشار وممثل له وموظف. ولايتي هو الرقم واحد في دائرة السياسة الخارجية لدى المرشد، ما يعزز موقعه أنه أمضى أكثر من عشر سنوات وزيراً للخارجية. لذلك عندما يزور ولايتي لبنان في هذا الوقت، يعني أنه يريد نقل «رسالة» مباشرة من المرشد الى الرئيسين نبيه بري وتمام سلام، وفي الوقت نفسه يعمل على نقل «صورة» كاملة للوضع المعقد في لبنان الى المرشد مباشرة، بعد أن يكون قد أنهى عملية «المسح» للميدان اللبناني.

المحصلة المعلنة لزيارة ولايتي كما قدمها في توحيد المسارين: «مواجهة الظواهر الارهابية التكفيرية، وأن يتم العثور على مخرج لأزمة الفراغ الرئاسي«، «الدعم» الذي قدّمه، لم يتبلور بالتفاصيل. وبقي غارقاً في العموميات ومحصوراً بالتمني «ان إيران تأمل وتدعم أن يتم ملء الفراغ الرئاسي بأسرع وقت«، أما كيف ومتى فهذا يبقى سرًّا تحت «عباءة» السيد حسن نصرالله والمرشح الجنرال ميشال عون. عملية بسيطة لفكفكة لغة الترميز الإيرانية: السياسة الإيرانية، ليست مستعجلة على الحل في لبنان، لأن لديها اهتمامات أوسع وأشمل.

العراق في الأولويات، لأنه «المركز» في المنطقة. طهران تعتقد، أن من يسيطر على أكثر من نصف العراق وأكثر من نصف القرار العراقي يمسك بالقرار العراقي.

ولايتي اختصر الموقف رغم وجود وزير الدفاع العقيد حسين دهقان في بغداد بالقول: «نحن مستعدون لتحرير الرمادي من قبضة داعش». الوزير دهقان لن يغادر بغداد قبل أن ينهي اجتماعاته مع كل الدولة العراقية والقوى الفاعلة. في بغداد وخارجها يقال أن طهران دفعت باتجاه سقوط الرمادي بيد «داعش»، لتصبح مشاركتها بالقتال والتوجيه والتأطير مطلباً عراقياً أميركياً.

عراقياً، تريد إيران مدّ نفوذها بأي طريقة وأي ثمن على الأنبار، عبر المشاركة مباشرة وأيضاً عبر قوات «الحشد» لتحرير الرمادي من «داعش». الأنبار هو «قلعة» السُنَّة العراقيين الذي أتعب الأميركيين. وللأنبار حدود مشتركة مفتوحة على كل من: سوريا والاردن والسعودية. إمساك إيران بالأنبار يعني أنّها فتحت مسرباً للنظام الأسدي، و»باباً» للضغط على الأردن، وفتحت جبهة واسعة ضدّ السعودية، وأخيراً قدّمت مثالاً ميدانياً للعراقيين بأنّ عليهم عدم الاعتماد على الأميركيين لأنّ فشلهم بارز وواضح، وفي الوقت نفسه تقدّم للأميركيين سبباً إضافياً للاعتماد عليها في الحرب ضدّ «داعش»، مع ما يعني كل ذلك من مقايضات في ملفات وساحات أخرى.

سوريا دائماً في قلب اهتمامات إيران وفي المقدمة المرشد ومستشاروه وأبرزهم ولايتي، خصوصاً وأنّ سوريا الأسد تبقى «الملكة» على رقعة «الشطرنج الخامنئي». لذلك كرّر ولايتي موقف طهران «الداعم بشكل كامل ومطلق لسوريا والمقاومة لأنّ في ذلك تقوية محور الممانعة في المنطقة برمتها«.

الولي الفقيه وكل النظام الإيراني يعرفون أنّ سوريا انتهت. لكن طبعاً لن يستسلموا، فالمفاوضات تشكّل باباً للحل السياسي الذي يحفظ لهم بعض ما يريدونه، لذلك بعض الخسائر الإضافية من الاستثمارات المستمرة تحفظ لهم حصّة مقبولة لهم. لتقدير حجم الاستثمارات اليومية فإنّه في الوقت الذي كان ولايتي يتنقل في بيروت كان مستشار النائب الأول للرئيس الإيراني، وهو رئيس لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية الإيرانية السورية (حسب النصّ الرسمي السوري الإيراني) رستم قاسمي، يبحث في دمشق «سبل التعاون لسدّ حاجة السوق السورية من المشتقات النفطية والأدوية والأجهزة الطبية للمشافي وقطع الغيار للمعامل والمنشآت السورية ومحطات الطاقة الكهربائية والصوامع والمطاحن وتأمين احتياجات القطاع التمويني والزراعي والموارد المائية ووضع آليات جديدة للتعاون بما يعززه». كل هذا التعاون والليرة السورية تنحدر يومياً ليرتفع منسوب التضخم وصعوبات الحياة المعيشية للمواطن السوري.

«إيران الخامنئية» تقاتل بقوّة لتكسب مواقع جديدة وتضمن عدم خسارتها بعض مكاسبها. في وقت يبدو فيه جلياً بعد قمّة كامب دايفيد أنّ الرئيس باراك أوباما ترك لأهل المنطقة خصوصاً العرب منهم «أن يقلعوا شوكهم بأيديهم»، ما يبشّر بصيف خانق من الصدامات الواسعة واستمرار الفراغ الرئاسي في لبنان مفتوحاً على الخريف وربما ما بعده».