IMLebanon

مَن نُصَدّق… وزارة الخارجية الإيرانية أم السفير؟

 

 

نعيش في عالم كله كذب وغش وخداع، وقلب حقائق. والمصيبة الكبرى ان بعض هؤلاء الكذابين لهم مراكز مرموقة في الدولة: من رئيس جمهورية الى رئيس حكومة، الى وزير، الى زعيم طائفي… وفي بعض الأحايين رجالات دين.. والأنكى ان هناك من يصدّق هؤلاء الذين ذكرتهم طبعاً من دون أسماء، لأني لا أحب التجريح…

 

ما دفعني الى كتابة هذه المقدمة قراءتي لبيان الناطق الرسمي باسم الخارجية الايرانية واسمه ناصر كنعاني، إذ قال تعليقاً على عقد الوقود بين إيران ولبنان: إنّ العلاقات بين إيران ولبنان ودّية، وإيران حاولت دائماً المساعدة في حل مشاكل لبنان بما في ذلك المشاكل السياسية وخاصة في العامين الماضيين، واستطاعت أن تلعب دوراً بنّاءً في مجال توفير الطاقة.

 

وأوضح كنعاني «ان ايران مستعدة للمساعدة في حل مشاكل لبنان وفق إمكانياتها في اطار المصالح المشتركة، وأنّ المفاوضات بين البلدين هي أساساً لمساعدة لبنان اقتصادياً، لكن قضية الوقود المجاني غير مطروحة». وزاد «نأمل أن تساعد المفاوضات المقبلة بين البلدين على تلبية احتياجات الشعب اللبناني».

 

هذا ما قاله ناصر كنعاني، الناطق باسم الخارجية الايرانية.. في حين ان وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان، وعلى هامش أعمال الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد لقائه وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب جدّد استعداد إيران لتزويد لبنان بالنفط، وما يطلبه من مساعدات أخرى، لمساعدته في التغلّب على مشاكله…

 

من ناحية أخرى، وافقت الحكومة الايرانية على تزويد لبنان بـ600 ألف طن من الفيول، مقسّمة على 5 أشهر، حسب ما طلب الجانب اللبناني الذي توجّه الى ايران للبحث في ملف الطاقة… فيما أعلنت السفارة الايرانية في بيروت «ان السفن المحمّلة بالفيول الايراني ستكون جاهزة خلال أسبوع أو أسبوعين للإبحار الى لبنان… كما انها جاهزة للتسليم فور موافقة الجانب اللبناني على الهِبَة»…

 

مواقف إيرانية متناقضة… فمَن نصدّق؟

 

لبنان بدا جادّاً في مسألة استقدام النفط من إيران، رغم وجود محاذير وتداعيات. إذ على الصعيد التقني… فإنّ الفيول الايراني يحتاج الى استبدال بفيول من «غراد» مختلف لأنه لا يتطابق ومواصفات المعامل اللبنانية… وهذا الاستبدال لن يكون عملية سهلة بما أنّ الفيول الايراني محظور عالمياً…

 

وخطورة الإقدام على هذا الأمر، أنه قد ينعكس أو يعكّر على بيروت مسار توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بينها وبين «تل أبيب».

 

الى ذلك، استوقفني في كلام الناطق باسم الخارجية الايرانية قوله:

 

أولاً: إنّ المفاوضات بين لبنان وإيران، خُصّصت أساساً لمساعدة الاقتصاد اللبناني… وهنا نسأل الناطق الايراني: ما دامت العلاقات بين لبنان وإيران مميّزة -كما تدّعون- فلماذا نحتاج الى مفاوضات… ولو كان كلام الناطق صحيحاً… فمن الأجدى والأفضل أن تعمد إيران الى تقديم هِبَة للبنان لإخراجه من الأزمة الاقتصادية الحالية، التي كانت إيران سبباً رئيساً في إيقاعه بها، لأنّ دخول لبنان محور الممانعة، أوصله الى هذا الانهيار، والدليل على ما أقول: ما يحدث في دول محور الممانعة والمقاومة من فقر وغياب الكهرباء والجوع والتخلّف والدمار.

 

والدليل الأكبر… ما حدث ويحدث يومياً على شاطئ مدينة طرابلس، حيث تنطلق مراكب الموت حاملة أشخاصاً بلغ بهم اليأس ذروته… ففضلوا الموت على البقاء في ظل حرمان ونار جهنم.

 

بالمقابل، لا نرى هذه المظاهر المحزنة والتي تدمي القلوب موجودة في الدول المتهمة بأنها تابعة لمحور الشر أي (أميركا)… فالسعودية تتيح 500 ألف فرصة عمل للبنانيين يعيشون فيها في أفضل الحالات من البحبوحة والأمن والرفاهية، ويرسلون الى أهاليهم حسب الإحصاءات 4 مليارات دولار هذا عن عام 2021 وفي ظل ظروف «الكورونا»، وهناك أيضاً 150 ألفاً يعيشون في أبوظبي ومثلهم في دبي، وحوالى 50 ألفاً يعملون في قطر.

 

هؤلاء اللبنانيون أصبحوا المصدر الوحيد لإعانة عوائلهم، فهم يساعدون أهلهم في لبنان.

 

بالله عليكم كم هو عدد اللبنانيين الذين يعملون في إيران؟.. طبعاً «صفر»، وماذا تقدّم لنا الدولة الاسلامية؟.. إنها تقدّم لنا مليار دولار صواريخ ومليار دولار سنوياً أيضاً للقيام بأعمال ظاهرها مقاومة وممانعة وحقيقتها السيطرة على الدولة اللبنانية..

 

أخيراً… لن أنسى تجارة المخدرات التي تُرْسَل من لبنان الى دول الخليج… ولن أنسى كذلك هذا العهد الجهنمي الذي جاء به نظام «الملالي» في إيران…

 

لقد حقق هذا العهد الإنجاز المطلوب، وهو تحقيق أسوأ العلاقات مع العالم العربي منذ تأسيس لبنان.