IMLebanon

الاحتلال الإيراني

شكّل تحرير مدينة ادلب في الشمال السوري، بعد تحرير مدينة بصرى الشام في الجنوب، محطة مفصلية على طريق تحرير كامل التراب السوري من نظام بشار الاسد ومعه “الحرس الثوري” الايراني وميليشياته المتنوعة من لبنان والعراق وغيرها. هذا إذا احسن الثوار استثمار الانتصارين الكبيرين، عبر العمل الجدي على توحيد كل الفصائل الثورية لتصير في لحظة ما “الجيش السوري الحر” الجديد. فلا تحرير لسوريا ما لم تتحد الفصائل، واضعة خلافاتها الصغيرة قياسا بالهدف النهائي، جانبا.

و أثبت تحرير بصرى وادلب ان القوى الاقليمية الداعمة يمكنها متى اتخذت قرارا جديا لا ينتظر سياسات الادارة الاميركية المائعة، ولا يخشى “فيتو” اسرائيل وتقاطعه مع حرب ايران التوسعية في المنطقة، ان تحدث تغييرا كبيرا على الارض في سوريا. فالنظام سقط منذ امد بعيد، ومن يقاتل على ارض سوريا هو ايران نفسها بتشكيلاتها التابعة لـ”فيلق القدس” مثل “حزب الله”، معتبرة ان حربها ضد الشعب السوري هي حرب للدفاع عن النظام في قلب طهران وقم. لقد دلت “النتائج” الأولى لتفاهمات الرياض – انقرة ان القوتين الاقليميتين اللتين اتحدتا في عملية “عاصفة الحزم” في اليمن لصد الاختراق الايراني الخطير، يمكنهما احداث خرق كبير على الارض، كانعكاس مباشر لما جرى الاتفاق في شأنه بين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس رجب طيب اردوغان خلال القمة التي جمعت الزعيمين في الرياض قبل ثلاثة اسابيع، من ان البلدين سوف يتعاونان على دعم المعارضة السورية لإحداث نتائج ملموسة على الارض.و قد ظهرت بوادر لهذا التعاون الذي لم تكن الدوحة بعيدة عنه نظرا الى تقاطعها مع الرياض وانقره على حد سواء، وتأثيرها على بعض الفصائل المعارضة في سوريا.

لقد دلت “النتائج الملموسة” وهي في بداياتها ان تعاونا اقليميا حقيقيا، يجمد الخلافات التي نجمت عن الوضع المصري، ويقدم التوافقات حول هدف أهم هو صد الاختراق الايراني الذي يمثل الخطر الاول على أمن المنطقة بشقيه العربي والتركي.

لقد دعونا في الأشهر الاخيرة الى تدفئة العلاقات العربية – التركية من جديد، والى ان تبادر الرياض الى فتح قنوات التعاون حول القضايا المتفق عليها، وترك القضايا المختلف عليها لمرحلة مقبلة يجري العمل على تبريدها. ولعل اهم بند على جدول اعمال التعاون السعودي – التركي هو سوريا، وضرورة مواجهة الاختراق الايراني الخطير، عبر تغيير المعطيات على الارض.

ان ما تحقق غير كاف، وهو بداية الطريق. ولذلك ينبغي للطرفين المعنيين ان يعمقا تعاونهما في سوريا لإلحاق الهزيمة بالسياسة التوسعية الايرانية. لقد تحول الايرانيون بنظر اهل الاقليم، بفعل سياساتهم الى قوة احتلال، وان تلطوا هنا وهناك خلف ادوات محلية كالحوثيين و”حزب الله”.