IMLebanon

كيف سنتعامل مع مليون طن نفط من العراق؟  

 

 

لا بد من شكر العراق دولة وشعباً على مد يد العون للدولة اللبنانية، عبر وزارة الطاقة والمياه لتأمين حوالى مليون طن من النفط الخام سنوياً ضمن سلّة تسهيلات مالية متفق عليها وغير معلنة لغاية تاريخه، أهمها ان الشراء سيتم بالليرة اللبنانية مع تسهيلات بالدفع لسنة كاملة.

 

هذه المعلومات تبقى غير موثّقة. ومن هنا نتوجه لمعالي وزير الطاقة لنشر الاتفاقية الموقعة مع الجانب العراقي وذلك لاعتماد الشفافية ومنعاً للتأويلات والعمل على إنجاح هذه التجربة كي نشجع الدول الشقيقة والدول الصديقة على مد يد العون في مجالات متعددة أخرى.

 

ومن منطلق الإضاءة على هذه الاتفاقية نورد ما لدينا من معلومات أولية مع ملاحظاتنا المتعلقة ببعض البنود التي أعلنها معالي الوزير:

 

أولاً: ان العقد موقع مع شركة سومو Somo العراقية، وهي الذراع التجاري للدولة العراقية في تسويق النفط، ولدى هذه الشركة الباع الطويل والتجربة الغنية في هذا المجال، والفريق اللبناني لم نعلم هل هو وزارة الطاقة أم منشآت النفط؟ وهنا الفرق الكبير بين الاثنين وسنعود لذلك ضمن هذه الملاحظات.

 

ثانياً: سيقدّم العراق كما ذكرنا مليون طن من النفط الخام أو ما يعادل حوالى 7.3 ملايين برميل سنوياً، ضمن برنامج سنوي وضمن جدول كميّات شهرية، وغير المعلن حتى الآن هو أي نوع من النفط الخام العراقي هو المعروض.

 

ثالثاً: يتم تسديد المبالغ المتوجبة بالليرة اللبنانية ضمن حساب يُنْشأ في مصرف لبنان ويتم تسديده مقابل البضاعة المسلمة في تروك Trock تشمل خدمات صحية ودراسات واستشارات إضافة الى مواد أولية.

 

رابعاً: ستتولى وزارة الطاقة بيع الكميات المسلمة من النفط العراقي الى شركات نفطية أو الى مصافٍ خاصة يتم تبادلها مع كميّات من الفيول أويل ضمن المواصفات اللبنانية المطلوبة لمعامل الكهرباء في لبنان.

 

هذه هي المعلومات الأولية حول هذا العقد والملاحظات التي نوردها هنا حسب تسلسل هذه المعلومات.

 

كما ذكرنا لدى شركة سومو الخبرة الواسعة ولديها زبائنها للنفط الخام العراقي والطلبات المقدمة لها تفوق إمكانية تلبيتها كل الطلبات. فالسؤال هو لماذا لا نستفيد من خبرة سومو ونقوم بتكليفها ببيع حصة لبنان المقررة من الحكومة العراقية وتأمين المبالغ النقدية في صندوق خاص لدعم لبنان ليتم من خلاله شراء الفيول أويل ضمن المواصفات اللبنانية المطلوبة؟

 

وكما ذكرنا أيضاً: من هي الجهة اللبنانية التي وقعت هذا العقد: هل هي وزارة الطاقة؟ وهل يمكن قانونياً لهذه الوزارة التعاقد وتحميل لبنان حوالى 500 مليون دولار سنوياً من دون العودة الى مجلس النواب والحكومة اللبنانية؟ وإذا كانت الجهة الموقعة هي منشآت النفط فهذا يعتبر نوعاً من الالتفاف على القوانين اللبنانية أيضاً وتحميل عبء مالي لميزانية الدولة وهي في عجز واضح وفاضح بحيث لم تتمكن حتى تاريخه من تأمين اعتمادات لمادتي المازوت والفيول حاجة كهرباء لبنان. فكيف يمكن تحميلها عبء 500 مليون دولار وحتى لو كان المبلغ ديناً مؤجلاً؟

 

أما الحديث عن التسديد بالليرة اللبنانية، فالقاصي والداني يعرف أنّ تسعيرة المواد النفطية تصدر بشكل يومي وبالدولار الاميركي وهي أسعار متقلبة وبشكل سريع، فأي سعر للدولار مقابل الليرة اللبنانية سيعتمد؟ وهل هو السعر الرسمي 1500 ل.ل. أم سعر 3900؟ أم سعر المنصة أم السعر الموازي؟ إضافة لذلك هل لدى وزارة الطاقة أي نوع من الخدمات والدراسات التي ستقدمها مقابل عقود الشراء؟ الجواب نعرفه ان ليس لوزارة الطاقة أي إمكانيّة لذلك، والذي يمكنه أن يؤمن هذه الدراسات والاستشارات والسلع هو القطاع الخاص. فمن سيسدّد للقطاع الخاص بدل خدماته؟ وأية آلية معتمدة؟ وهل يتعهد مصرف لبنان بتأمين حوالى 40 مليون دولار شهرياً لتغطية كهرباء لبنان؟ هنا نقول إنّ الذي خرج من الباب يدخل من الشباك ضمن سيناريو غريب عجيب. وأخيراً كيف سيتعاطى الجانب اللبناني مع هذا العقد، وهل هناك دفتر شروط واضح وشفاف يشمل كافة التفاصيل حتى الجزئية منها؟ على سبيل المثال كلفة شحن النفط الخام، وكلفة تكرير النفط الخام، أي كلفة كل برميل وكلفة نقل المنتج الى لبنان وعمولة الشركة، هل هي عملية تبادل: نعطي النفط الخام ونتسلم كمية مقابله من الفيول أويل، أم عملية عقد تكرير لصالح الدولة اللبنانية؟

 

نطالب بمزيد من الشفافية ونأمل أن لا يكون هناك أي بند «سري» ضمن هذه الاتفاقية لأنّ أي فشل في هذه التجربة، وهي الأولى في لبنان، يمكن أن تكون كارثية مستقبلاً على قطاع الكهرباء بشكل عام وقطاع النفط بشكل خاص.

 

مرّة أخرى شكراً للعراق الشقيق على كل مساعدة وهو المبادر الاول لذلك، ونأمل من المسؤولين اللبنانيين التعاطي مع هذا الموضوع بشفافية كاملة.