IMLebanon

بلاد اللامسؤوليّة!  

 

 

يترقّب اللبنانيّون ما سيقوله اليوم أمين عام حزب الله حسن نصرالله حول تشكيل الحكومة العتيدة، فالعقدة والحل والرّبط والتعطيل والتعجيل والتبطيء بيد السيّد، أما كلام الوزير جبران باسيل بالأمس فهو في رأينا المتواضع «مناورة» جديدة ويترجمها مثلٌ مصري شعبي يقول: «فيها لاخْفيها»، واليومين المقبلين كفيلان بخروج فرقة تفسير الكلام على طريقة قصد ولم يقصد.

 

في هذا الوقت علينا أن نسأل وبجديّة من هي الجهة التي تملك خطّة أو تصوّر لإنقاذ لبنان؟ حتى الآن الإجابة الواضحة هي لا أحد! حتى خطّة «فتح مجارير» في حال طوفان البلد بفعل غزارة الأمطار لا يوجد أي جهة تملك خطّة!! حتى انزلاق جزء من جبل نفق شكّا منذ شتاء العام الماضي لا أحد يملك خطة لحفظ أرواح النّاس على الأقل!! يتهدم منزل آيل للسقوط على شقيقان يقتلهما في ريعان الشباب ولا أحد يملك خطة للمباني والمنازل المصنّفة أثرية ومعظمها آيلة للسقوط ولا أحد يحمي أرواح الناس بإخلاء هذه الأماكن وتأمين بدائل للقاطنين فيها!! هذه بلاد تقاذف المسؤوليّة وإعلان اللامسؤوليّة!

 

كلّ ما قلناه عن الحكومة المستقيلة بأنها لم تملك أصلاً برنامج إصلاح، وأنّها عجزت عن إنجاز شيء، إلا إذا كانت تظن إعدادها موازنة مالية «إنجاز» وأنّها لا تملك مشاريع تنهض بالبلد، وأننا لا نصدّقها عندما تقول أنّها ستنفّذ خطّة طوارىء إقتصاديّة مع علمها يقيناً أنّ هذا النّهب والخراب المالي جرت مراكمته عبر الحكومات التي تتالت من بعد اتفاق الطائف.. مجدداً يجد اللبنانيّون أنفسهم مجبرين على خوض تجربة فرصة جديدة لحكومة كائناً ما كان نوعها، وسيكون مصير هذه التجربة الفشل والانهيار الكامل، سبق وتوقعنا في أيلول الماضي انفجار الشارع في وجه الحكومة بل حتى كيف ستتوزع الاتهامات وقلنا أننا أمام مشهد «تجريبي» لما ستكون الأيّام المقبلة، كرةُ نار ستكبر وبسرعة وكلّ الخوف أن تُشعل البلد، ولا أحد يستطيع أن يتهمّ هذه التحرّكات في الشّارع والدّعوات إلى التّظاهر بأنّها مؤامرة داخلية أو خارجيّة، ولا أنّها مؤامرة على العهد.. ولا تزال الأمور تسير بنفس المناورات والتذاكي والمماحكات، ماذا ستفعل حكومة تكنوقراط وسط هذا الخراب؟!

 

لبنان.. إلى أين؟ من يستطيع أن يجيب اللبنانيين على هذا السّؤال؟ نحن في بلدٌ غارق وعلى جميع المستويات، والأفق اللبناني شبه مسدود، وكل وزارة فيه تحوّلت إلى مغارة نهب منظّم، فماذا سيفعل وزير متخصّص على رأس وزارة مغارة مدرّبة على الفساد؟ من المؤسف أنّ الذين يلون أمور اللبنانيين «مافيا» مدرّبة على نهب ثروات الشعب، ولن تغادر هذه الطبقة السياسيّة الحكم إلا بعد إفلاس البلد وانهياره التامّ؟!

 

مجدّداً نجد أنفسنا أمام أحاديث المسؤولين اللبنانيّين عن حكومة إنقاذ مزعومة من المتخصّصين وعن نذر العفّة والتقشّف، ومجدداً سيجد اللبنانيّون الذيم احتلوا الشوارع أنفسهم عائدين إلى منازلهم، لا شيء معهم إلا كلمات، عن إنقاذ وطوارىء ومساعدة الدول، وسيكتشفون لاحقاً أن شروط الدول للمساعدة ستقضي على الرمق الأخير الذي تبقّى منهم، وأول الرّقص حنجلة موازنة 2020 وزيادة الضرائب، وترشيق القطاع العام، فيما سيستمر نزيف القطاع الخاص من تسريح موظفين ونصف راتب أو حتى إقفال الشركات والمحلات والمصانع أبوابها…

 

حضرات الكاذبين، لماذا تخفون الحقيقة عن الشعب اللبناني، لماذا تلتزمون الصمت عما يتردد عن تسريح مئة ألف موظف حتى نهاية العام الجاري، ولماذا تخبئون أخبار ماهيّة موازنة العام 2020 التي تستقتطع من اللحم الحيّ للمواطن اللبناني، فعن عن أي إنقاذ تتحدّثون؟!