IMLebanon

هل يجمّد سلامة رخصة «التجاري السوري» إرضاء لواشنطن؟

مساعد وزير الخزانة الأميركية: لن نتراخى بملف حزب الله كالسابق

 

هل يجمّد سلامة رخصة «التجاري السوري» إرضاء لواشنطن؟

 

تحوّلت زيارات مسؤولي وزارة الخزانة الأميركية إلى مشهد عادي في بيروت. طلباتهم تتنامى وتزداد وقاحة. كانوا يكتفون بالطلب، سراً، من هيئة التحقيق الخاصة، الاستعلام عن لوائح حسابات عائدة لأفراد وشركات، أما اليوم فباتوا يطلبون صراحة إقفال مصرف أو حساب في مصرف، ويسعون مباشرة للنيل من رجال الأعمال الشيعة في لبنان وأفريقيا

 

على مدى يومين، في 22 و23 كانون الثاني الماضي، زار مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسلي بيروت والتقى الرؤساء الثلاثة ووزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف. في بعض هذه اللقاءات، طغى على كلام الزائر الأميركي التهويل «التقليدي» الذي اعتادت الإدارة الأميركية إطلاقه لتخويف المصارف ودفعها الى التعاون وتقديم المعلومات. وكشف بيلينغسلي أن إدارته «ستتعامل مع ملف حزب الله بحزم وشدّة أكثر من الإدارة السابقة». ووجّه إلى سلامة طلباً مباشراً بإقفال «المصرف التجاري السوري اللبناني» بتهمة مخالفة قانون العقوبات الأميركية!

 

وبحسب المعلومات، فإن بيلينغسلي لم يتحدث لا مباشرة ولا مواربة عن بنك صادرات إيران، لكنه لفت الى وضع أحد المصارف التركية الكبيرة على لوائح العقوبات الأميركية بعد رصد عمليات وتحويلات قام بها لمصلحة «جهات إرهابية».

وكان وفد من جمعية المصارف زار، في تشرين الأول الماضي، نيويورك وواشنطن للقاء مصارف المراسلة وحضور اجتماعات صندوق النقد الدولي، والتقى بيلينغسلي الذي كان قد عُيّن حديثاً في منصبه خلفاً لدانيال غلايزر. يومها سمع المصرفيون كلاماً واضحاً عن رصد الإدارة الأميركية تعاملات لـ«المصرف التجاري السوري اللبناني» بالعملات الأجنبية رغم أنه مدرج على لوائح العقوبات الأميركية والأوروبية.

 

وبحسب مصادر مصرفية، ردّ سلامة على الطلب الأميركي بأن المصرف لم يقم بمخالفات للقوانين اللبنانية تستدعي إقفاله في لبنان، وأكّد أنه ليس متاحاً لأي مصرف مدرج على لوائح العقوبات تنفيذ أي عمليات بالعملات الأجنبية. لكن الردّ لم يلغِ الطلب الأميركي، ما فرض على سلامة البحث عن تسوية لا تؤدي إلى الإقفال النهائي للمصرف وترضي الأميركيين في الوقت نفسه. وبحسب المصادر، فإن ملامح التسوية المعروضة تقضي بـ«تجميد» رخصة المصرف مؤقتاً كعقوبة على «الخطأ الذي ارتكبه» بإرسال طلب تحويل مالي بالدولار إلى أحد المصارف الاميركية والتعامل مع أحد الصرافين بالعمليات النقدية بالدولار، على أن يُسمح له باستئناف العمل لاحقاً.

التسوية التي قد ترضي الأميركيين في شأن «المصرف التجاري السوري اللبناني» لا تنسحب على نية الأميركيين التصعيد ضد حزب الله. فقد نقل مصرفيون عن بيلينغسلي أن إدارته غير مقتنعة بتأكيدات المسؤولين اللبنانيين والمصارف بأن حزب الله يستخدم شبكة واسعة من التعاملات النقدية (الكاش)، ولا يلجأ إلى القطاع المصرفي لتحويل الأموال أو لإجراء أي عمليات محلية أو خارجية. «ولأن حزب الله يغسل أموال تجارة المخدرات عبر المصارف اللبنانية مباشرة أو مواربة، ويستخدم هذا النظام بشكل متواصل»، بحسب بيلينغسلي، فقد جزم الأخير بأن إدارته «لن تتراخى في التعامل مع ملف حزب الله كالإدارة السابقة، بل ستكون أكثر شدّة وحزماً، والأدوات التي تملكها لذلك كثيرة ولا تنحصر بالقطاع المصرفي في لبنان. والقوانين القائمة في الولايات المتحدة كافية للقيام بهذه المهمة». وأكّد بيلينغسلي أن إدارته لا تستهدف الطائفة الشيعية في لبنان، ولا القطاع المصرفي الذي يملك مستوى مرتفعاً من الامتثال.

وفي الشهور الماضية، زارت جمعية المصارف ونواب لبنانيون واشنطن والتقوا مسؤولين وأعضاء في الكونغرس، منبّهين من تأثير استهداف القطاع المصرفي على الاقتصاد اللبناني، وشدّدوا على عدم تحميل الطائفة الشيعية ما تراه واشنطن «وزر سلوك حزب الله في لبنان والمنطقة»… إلا أن تهديدات بيلينغسلي وما يجري فعلياً على الأرض لا يشي بأن هذه التنبيهات لقيت آذاناً صاغية. فالملاحقات الأميركية للشركات والأفراد اللبنانيين، في الفترة الأخيرة، تحمل نمطاً واضحاً باستهداف البيئة الشيعية، خصوصاً في افريقيا. وبحسب مصادر مطلعة، فإن هذا النمط لا يتعلق بملاحقة من يشتبه بتمويلهم حزب الله في القارة السمراء، بل يتصل بأهداف تجارية والسيطرة على الثروات الأفريقية التي يدير اللبنانيون جزءاً منها. وفي تقدير هذه المصادر أن هذا الأمر «متفق عليه بين الأميركيين والسعوديين وبعض الأوروبيين».

وسبقت زيارة بيلينغسلي جولة قامت بها هيئة التحقيق الخاصة على المصارف في لبنان بهدف الاستعلام عن حسابات أفراد وشركات من ضمن لائحة كبيرة. وبحسب المطلعين، فإن هذه اللائحة تكاد تكون محصورة برجال أعمال شيعة، وهي ليست الأولى في هذا المجال، بل سبقتها كتب خطية عدة تطلب من المصارف تجميد حسابات ومراقبتها بموجب لوائح تضمّ أسماء رجال أعمال شيعة أو شركات يملكها رجال أعمال شيعة.