IMLebanon

هل من مجال للعقل؟  

 

أعترف بأنّه من الصعب الكتابة في هذه المرحلة، ليس  لهروب الأفكار، وهي في المتناول. وليس لنضوب الكلمات، ونبعها دفّـاق. وليس لندرة القضايا، وما اكثرها! إنّما لأنّ الحدث البارز الذي سُجّل  ظهر يوم أول من أمس السبت يجري تناوله بآراء مسبقة، وبمواقف معروفة، وبأداء معظمه هستيري، وبكلمات مستهلكة.

 

أليس هذا ما هبط على اللبنانيين من سيول الحكي، والقيل والقال، والثرثرة، وهجين القول حيناً ووحشيّ الكلام حيناً آخر.

وليؤذن لنا أن نتناول الموضوع البارز (استقالة الرئيس سعد الحريري) بهدوء ورويّة. فنقول:

أولاًّ: لا شك في أنّ القرار الكبير استجدّ في اللحظة. فالأجواء التي سبقته كان يمكن ان تمهّد لأي احتمال بإستثناء احتمال الإستقالة. وفي ملاحظتنا الشخصية، وقد كنا على مقربة من دولة الرئيس سعد الحريري قبيل ساعة من سفره الى المملكة العربية السعودية، خلال مؤتمر القرصنة الإعلامية الذي عُقد في السراي الكبير. فبدا رئيس الحكومة «في أحلى حالاته» كما يُقال، وكان يعلّق على بعض التطوّرات بالتنكيت، ولم تكن البسمة لتفارق ثغره، وألقى مداخلته في المناسبة التي عُقدت برعايته وهو في غاية الارتياح والطمأنينة، وزفّ الى الحضور، والى الجميع في الخارج، بُشرى تكذيب ما نُسب الى السعودية من ممارسة ضغوط، وتحدث عن خطط مستقبلية… ما لم يكن ممكناً أن يوحي بأن هذا الرجل ذاهب الى الاستقالة خلال ساعات.

ثانياً: على أهمية أن تكون الاستقالة قد أعلنت من المملكة فإننا نريد ألاّ نقف عند هذه النقطة (فذلك كان خياره)، وهو سيد قراره، وأن نتجاوز الشائعات والمعلومات والغرق في تفاصيل ما كانت مرة إلاّ مكمناً للشيطان، فإننا نعرب عن  تقديرنا لرد الفعل الاول الذي صدر عن رئيس الجمهورية والذي فهمناه على أنّه:

أ – حرص على استمرار التعاون بينه وبين الرئيس سعد الحريري.

ب – حرصه على عدم التسرّع في القرار  «الاخر».

ج – إصراره على مدى واسع قد يتوصل خلاله أصحاب النيات الحسنة الى مخرج ما من المأزق.

د – وفي العموم حرصه على الرئيس سعد الحريري شخصياً.

ثالثاً:  إننا على صعيد شخصي، نرى أنّ التقليعة «يجب» أن تكون بالرئيس سعد الحريري نفسه. فقد لا يكون منظوراً، في المرحلة الراهنة، احتمال ترؤس شخصية أخرى الحكومة اللبنانية، أمّا كيف يكون ذلك؟ وهل هو ممكن؟ وهل ثمة شروط وشروط مضادة؟ (…) فهذا ما يمكن أن يتضح في الأيام المقبلة..

رابعاً: معاذ الله أن نزعم أننا نعظ أو ننصح… فقط نتحدث من منطلق اإماننا بهذا الوطن لندعو الى أكبر قدر ممكن من التهدئة والتحلي بالوعي، وتغليب العقلانية على الغرائز، والاعتصام بحبل الوحدة الوطنية التي كانت في أول كلام الرئيس ميشال عون  تعقيباً على الاستقالة.

ونأمل أن يكون الجميع قد اتعظوا من التجارب القريبة أيضا بأنّ أحداً لا تهمه مصلحة لبنان واللبنانيين إذا لم يكونوا أنفسهم حرصاء على مصلحتهم ومصلحة وطنهم.