IMLebanon

لماذا الصمت عن تعديل «إسرائيل» للبلوك 72 والدخول إلى البلوكين 8 و9 اللبنانيين؟

 

الخلافات تعرقل تعديل المرسوم 6433 والخط 23 والتفريط بحقوق لبنان النفطية

 

الوفد اللبناني متمسك بالخط 29 الذي يرفع المساحة المتنازع عليها من 860كلم2 إلى 2290 كلم2

 

من الممكن والمعقول، ان يتفهم اللبنانيون الخلافات السياسية والمطالبة بحصص في الكهرباء والمياه والنفايات، لكن ما لا يمكن فهمه وجود تباينات واعتراضات حول ملف ترسيم الحدود البحرية للبنان وعرقلة تعديل المرسوم 6433 الصادر عام 2011 والذي يحدد خط الحدود البحرية الجنوبية المعروف بالخط 23، مما يؤدي إلى خسارة لبنان 1430 كيلومترا مربعا من مياهه البحرية المليئة بالنفط والغاز، علما ان المادة الثالثة من هذا المرسوم تسمح بالتعديل، وهذا التعديل اذا حصل واعتمد الخط 23 يعيد للبنان حقه بمساحة 1430 كيلومترا مربعا اضافية تقع جنوب الخط 29، وإذا لم يتم تعديل المرسوم بأقرب موعد فإن لبنان سوف يفاوض على مساحة 860 كلم مربع ويخسر حقوقه النفطية. كما ان العدو سوف يبدأ في النصف الثاني من العام الحالي استخراج النفط من حقل كاريش الذي يمر به الخط 29، وهذا إن حصل سوف يضعف موقف لبنان أكثر فأكثر، ومن هنا نرى أنه يجب على الوفد المفاوض شرح أهمية تعديل المرسوم 6433 والوصول الى تصور مشترك مع القيادات السياسية وخصوصا أن مرجعاً كبيراً متمسك بكل ليتر غاز من حقوق لبنان النفطية، والذي تنقل عنه مصادر اعلامية تحفظه على الطرح الجديد والتمسك بالمرسوم 6433 «الخط 23» تجنبا لطرح خطوطا جديدة وتوقف المفاوضات وضياع حقوق لبنان والدخول بالمماطلة من قبل العدو الإسرائيلي. وهذا امر مستغرب لا يمكن أن يصدر هذا المرجع الكبير الذي كان يُطالب قبل الآخرين بالمساحات الاضافية جنوب الخط 23، والذي يعلم ان الخط الجديد سوف يجبر العدو العودة الى المفاوضات بأسرع ما يمكن لإنقاذ وضع شركة انرجين التي تعمل في حقل كاريش.

 

مصادر متابعة للملف النفطي، تؤكد ان الخط 29 ليس جديدا، وهو مبني على أسس قانونية ومستند الى تقرير قدمه الخبير الدولي جون براون من مكتب «الهيدروغرافيا» البريطاني قبل صدور القانون 136 “تحديد المناطق البحرية للجمهورية اللبنانية بتاريخ 18/8/2011 والمرسوم 6433 بتاريخ 1/10/2011 والذي حدد الخط 23، وأوضح الخبير البريطاني انه بإمكان لبنان اعتماد خيارين جنوب الخط 23، وهذا التقرير أعطى لبنان حوالى 1400 كيلومترا مربعا اضافيا من خلال اعتماد طريقة خط الوسط انطلاقا من نقطة رأس الناقورة وعدم «اعطاء صخرة» تخليت أي تأثير في رسم الحدود البحرية الجنوبية.

 

وتؤكد المصادر المتابعة للملف النفطي أيضاً، ان لبنان لم ياخذ بالتقرير البريطاني والخط 29، ولا حتى بوجود خط ثان يعطي لبنان 300 كيلومترا مربعا اضافية اقترحه هذا المكتب للبنان كخيار آخر، وأنه من المستبعد أن يكون قد تمّ طرحه على مجلس الوزراء في حينه، واكتفى بتوقيع المرسوم 6433 والخط 23 ولم يتم الاخذ بكل المراسلات في هذا الشأن، وتم ابلاغ الامين العام للأمم المتحدة بهذا المرسوم حسب الخط 23.

 

وتضيف مصادر أخرى متابعة، انه منذ العام 2014 ،أنشئت مصلحة «الهيدروغرافيا» في الجيش اللبناني، وتم تزويدها بكل التجهيزات العلمية والتقنية، واصبحت هذه المصلحة توازي أهم مكاتب الهيدروغرافيا في العالم من ناحية الدقة واحتراف العمل الهيدروغرافي، وعلى هذا الأساس ومنذ أسابيع قليلة قبلت منظمة الهيدروغرافيا العالمية انضمام لبنان إليها، وقد قامت هذه المصلحة في العام 2018 بمسح جديد لخط الأساس في منطقة الناقورة مما وفر معطيات جديدة تسمح بتعديل المرسوم رقم 6433/2011 استناداً للمادة الثالثة منه التي تسمح بذلك عند توفر تلك معطيات أكثر دقة.

 

والسؤال البديهي حسب المصادر المتابعة للملف، هل يمكن تجاهل الخريطة الجديدة والخط 29 الذي اقترحه المكتب الهيدروغرافي البريطاني المعروف بأنه الأهم عالمياً بشأن ترسيم الحدود البحرية، وكيف يتم رفض هذا الاقتراح؟ الجواب انه لم يصل الى مجلس الوزراء حينها، وإن الحجة بأننا رسمنا الخط 23 ولا نريد التغيير حجة باطلة كلياً ، فالخط 29 ليس جديداً فهو نتيجة اقتراح بريطاني ومن ثم دراسة معمقة تقنية وقانونية من قبل الجيش اللبناني الذي أكمل الملف عام 2019 وأرسله عبر وزارة الدفاع إلى مجلس الوزارء ولم يعالج، وقد اعادت وزيرة الدفاع إرسال الملف الذي يتضمن الخط 29 مرة اخرى الى حكومة حسان دياب لإتخاذ القرار في الحكومة، ولا زال حتى الأن في الدرج، وعندها أخذت قيادة الجيش المبادرة في هذا الملف، وعرضته على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وشرحت له كل حيثياته وإقتنع به من كل النواحي، كما تم عرضه على الرئيس حسان دياب فكان موقفه إيجابياً وإقتنع أيضاً من الناحية القانونية، لكن المصادر الاعلامية تقول أن المرجع الكبير نفسه لم يكن متحمسا للطرح، إلا أنه يعتقد أن هذا الموقف غير صحيح، كما تقول المصادر الاعلامية ان الرئيس حسان دياب يطالب بالتوافق كي يتم إصدار مرسوم جديد يحمل تعديلاً للمرسوم 6433، وقد فشلت كل المحاولات لعقد إجتماع بين الرؤساء الثلاث للتوافق على التعديل وهذا أمر غريب ومفاجئ.

 

ليكن معلوماً الوفد المفاوض في الأساس ولا يزال يرفض التفاوض على المساحة المفترض انه متنازع عليها بين الخط الاسرائيلي – 1 – والخط اللبناني 23 لأن ذلك سيعطي لبنان مساحة أقل من 860 كيلو مترا مربعا، بينما الخط 29 يجعل المنطقة المتنازع عليها 2290 كيلومترا مربعا أي 15% من مساحة لبنان، وبنتيجة التفاوض سوف يحصل لبنان على كامل حقوقه البحرية جنوب خط الـ 23. ومن هنا نرى سبب اعطاء قائد الجيش العماد جوزف عون توجيهاته لانطلاق التفاوض على أساس الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة براً والممتد بحراً تبعاً لتقنية خط الوسط دون احتساب أي تأثير للجزر الساحلية التابعة لفلسطين المحتلة إستناداً إلى دراسة قيادة الجيش ، وهذا يعني الخط 29 حسب الدراسة البريطانية، وهذا أكد عليه رئيس الجمهورية وتمسك به الوفد اللبناني.

 

وتؤكد المصادر المتابعة للملف، إن تعديل المرسوم 6433 الذي حدد الخط 23، هو الطريق الوحيد لإعطاء أوراق قوة للمفاوض اللبناني وللوصول الى الحل المنصف والعادل، ودون ذلك لن يتم التوصل الى حل، وللدولة اللبنانية ألحق بالتعديل في الأمم المتحدةَ من الناحية القانونية، ويحق لها سحب وتعديل أي وثيقة تم إيداعها من طرف واحد، وهذا وفقاً لميثاق الامانة العامة للامم المتحدة، خاصة أن المادة الثالثة من المرسوم 6433 تسمح بتعديله بالاضافة الى ان العدو الاسرائيلي لم يعترف به وهذا سبب آخر للتعديل، وإذا لم يتم تعديل المرسوم 6433 نحن خاسرون، وان مقولة أن لبنان بدل مواقفه سبع مرات بهدف عدم الشروع بالتعديل، فهذه كذبة كبيرة، فلبنان لم يعدل موقفه ولا مرة في ما يتعلق بالحدود البحرية الجنوبية، وأهم دليل على ذلك صفحة لبنان على الموقع الرسمي للأمم المتحدة الذي يُعنى بالحدود البحرية، وفي حال تعديل المرسوم 6433 سوف يكون ذلك التعديل الأول والذي هو دون أدنى شك من حق لبنان وفقاً للقانون الدولي.

 

أما المستغرب والأهم حالياً بالموضوع هو الكشف منذ أيام قليلة عن خريطة بلوكات النفط الاسرائيلية، وقد ظهر فيها تغيير حدود البلوك 72 الذي يقع شمال حقل كاريش (كما هو مبين على الخريطة) وامتداده شمالاً ليتداخل مع البلوك رقم 8 والبلوك رقم 9 اللبنانيين، وهذا يعني الدخول إلى عمق منطقة الـ860 كيلومترا مربعا دون رد من قبل المسؤولين اللبنانيين وصمت مريب. ألا يستحق هذا الإعتداء السافر استنفار الطبقة السياسية بكافة أطيافها والتخلي عن حساباتها الداخلية والوقوف جنباً الى جنب مع الوفد المفاوض والقيام بتعديل المرسوم 6433 كرد فوري على الاعتداء الاسرائيلي على مياه وسيادة وثروة الشعب اللبناني. ألا يحرك هذا الاعتداء الذي يضرب حقوق لبنان النفطية ويجعل من حقول النفط اللبنانية حقولاً مشتركة مع العدو الاسرائيلي ضمائر المسؤولين. هذا التطور الإسرائيلي هو الأول منذ 10 سنوات ولم يكن موجودا منذ ايام قليلة، كيف يتم تداول هذا الخبر في الإعلام اللبناني وكأن شيئاً لم يكن، أليس عدم التحرك جريمة بحق الوطن، كيف نقول أننا سوف ندافع عن كل حبة مياه في البحر اللبناني ولا نقوم بأية خطوة عملية تنفيذية على الارض. كفا الشعب اللبناني عدم الإكتراث من قبل مسؤوليه بحقوقه والاكتفاء بالشعارات الرنانة الكاذبة، فمن له حق توقيع على تعديل المرسوم 6433 فليقم بواجبه لأن التاريخ والشعب اللبناني لن يرحم بعد الآن.