IMLebanon

إسرائيل والغارات في سوريا: … وغابت عنك شحنات

تعددت تقديرات المعلقين الاسرائيليين للعدوان الذي شنه سلاح الجو المعادي في الاراضي السورية أول من أمس، بين من أكد محدودية جدواه، لكونه يأتي بعدما نجح حزب الله في نقل كل ما يريده من اسلحة نوعية الى الاراضي اللبنانية، وآخرون رأوا أن هذا الاعتداء يأتي بعدما نجح حزب الله في منع اسرائيل من فرض معادلة جديدة على الساحة اللبنانية. أما بخصوص توقيت القرار بالضربة الجوية الاسرائيلية، فرفض العديد من المعلقين اتهامات مسؤولين إسرائيليين بأن نتنياهو هدف من وراء هذه الضربة الى تعزيز شعبيته المتدنية.

رغم ان اسرائيل ما زالت تلتزم الصمت الرسمي إزاء نتائج الاعتداءات التي نفذها سلاح الجو بالقرب من دمشق، إلا ان العديد من المعلقين عكسوا جانباً من الصورة السائدة في الساحة الاسرائيلية. اذ أكدت صحيفة يديعوت احرونوت أن ما تحققه اسرائيل من نتائج ليس سوى «نقطة في بحر». ولفتت الى ان حزب الله نجح في تفريغ كل انواع الاسلحة الموجودة في حوزة الجيش السوري تقريباً ونقلها الى مخازنه. واضافت يديعوت ايضاً أن فرضية العمل في الجيش هي انه في أي مواجهة مقبلة مع حزب الله «سوف يواجه الجيش الاسرائيلي منظمة لديها قدرات دولة، الامر الذي سيحوِّل الحرب القادمة الى حرب معقدة جداً». والامر نفسه لمّح اليه وزير الشؤون الاستراتيجية المقرب من نتنياهو، يوفال شطاينتس، بالقول إن اسرائيل «تحاول قدر الإمكان منع نقل اسلحة متطورة وكاسرة للتوازن الى تنظيمات ارهابية». وفي سياق آخر، أقرت يديعوت بأن الهجوم الذي أدى الى رد وتغيير قواعد اللعبة هو الهجوم الذي نُسب الى اسرائيل في الاراضي اللبنانية في شهر شباط الماضي.

الحرس الثوري يواصل إمداد حزب الله بالأسلحة القادرة على إلحاق دمار هائل في إسرائيل

من جهته لفت معلق الشؤون الامنية في موقع «واي نت» رون بن يشاي، الى أن لا ضمانة بأن يواصل حزب الله واسرائيل سياسة عدم الرد على الضربات داخل الاراضي السورية. ولفت الى ضرورة بقاء الجيش الاسرائيلي متيقظاً على الجبهة الشمالية، براً وجواً. ورأى بن يشاي أن الحرس الثوري الايراني ما زال يواصل إمداد حزب الله بالاسلحة القادرة على إلحاق خسائر كبيرة ودمار هائل في اسرائيل. وذكّر أيضاً بالخطوط الحمراء الثلاثة التي حددها وزير الأمن موشيه يعلون، «نقل الاسلحة الكاسرة للتوازن لحزب الله، والاسلحة الكيميائية اضافة الى مهاجمة ما سمّاه «السيادة الاسرائيلية»».

اما معلق الشؤون العسكرية في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، فاعتبر ان الهجوم «الذي نُسب إلى سلاح الجو الاسرائيلي هو استمرار للسياسة التي حددتها تل ابيب، في ما يتعلق بالحرب السورية منذ اكثر منذ ثلاث سنوات». ورأى انه «بالرغم من أن إسرائيل لا تؤكد ولا تنفي مسؤوليتها رسمياً لكن زعماءها يهتمون بنقل رسائل واضحة كلما سنحت لهم الفرصة سراً وعلناً». ورأى أيضاً ان العدوان الاخير على الاراضي السورية، «كان استثنائياً من ثلاث زوايا، لجهة أنه تم بعد أن بذل حزب الله جهوداً لتحديد قواعد اللعب الجديدة امام اسرائيل في الجبهة الشمالية، وبعد أن قام المجتمع الدولي بتغيير اولوياته في ما يتعلق بالحرب في سوريا»، في اشارة الى استبدال اولوية هزيمة داعش بإسقاط الرئيس بشار الاسد. واضاف أن السمة الثالثة تتمثل بأنها «المرة الاولى التي تعمل فيها اسرائيل على الاراضي السورية منذ اعلان نتنياهو نيته الذهاب نحو الانتخابات».

وأقرّ هرئيل بأن توازن الردع تغير في شهر شباط الماضي، بعدما أغارت اسرائيل على الاراضي اللبنانية، مشيراً إلى أن حزب الله حدد منذ ذلك الوقت ثمناً خاصاً به، ورسم قواعد للعبة، وفق معادلة أن أي عمل اسرائيلي في الاراضي اللبنانية سيتم الرد عليه.

أما لجهة علاقة قرار الضربة في الاراضي السورية بالانتخابات الاسرائيلية، فاعتبر هرئيل انه إن «كان أحد منافسي نتنياهو يدعي ذلك، يجب أن يثبته». ووصف هذا الاتهام بأنه «غير منطقي»، مضيفاً أنه على الرغم من أن «نتنياهو يريد الإبقاء على التهديد الامني ضمن النقاش العام، لكن الوضع الامني حساس جداً في كل الحدود تقريباً. ومن الصعب رؤية نتنياهو يبادر الى هجوم كهذا ـــ ويجرّ وراءه الأذرع الأمنية ـــ من دون أن يتسرب هذا الأمر للإعلام». وقد اتهم العديد من مسؤولي حزب «يوجد مستقبل» وحزب العمل، اضافة إلى وزير الامن السابق عمير بيرتس، نتنياهو بأنه اتخذ قراراً بالضربة على خلفية تراجع شعبيته ولحسابات سياسية داخلية.

لكن التقدير نفسه كرره يوسي يهوشع في صحيفة يديعوت احرونوت بالقول ان من «يحاول ربط الهجوم المنسوب إلى اسرائيل في سوريا بمؤامرة سياسية هدفها الحصول على مقاعد انتخابية، يبدو أنه لا يعرف الجيش الاسرائيلي في العصر الحالي، وبالتأكيد ليس رئيس الاركان الحذر، واحياناً الحذر جداً، بيني غانتس». وانسحب الموقف نفسه على معلق الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت احرونوت، اليكس فيشمان، الذي شدد على رفض ربط ما جرى بالانتخابات المبكرة. لكنه تساءل عما إن كانت هذه الضربة ستكون بمثابة «القشة التي قصمت ظهر البعير ويمكن أن تسخن المنطقة الحدودية». ونقل ايضاً تقديرات عدد من الخبراء الاسرائيليين الذين رجحوا أن الرئيس الاسد «سيفضل في هذه المرحلة عدم إشعال المنطقة الشمالية لأن الثمن الذي سيدفعه سيكون باهظاً». لكن فيشمان حذر من أن «التقديرات الاستخبارية لما يدور في عقول القادة العرب، عموماً، صحيحة بنسبة 50%».

من جهته، اعتبر قائد سلاح البحرية الاسبق، اللواء احتياط ايلي مروم، ان هجوماً من هذا النوع «يتطلب أولاً وقبل كل شيء معلومات استخبارية دقيقة، قدرة تخطيط فائقة وقدرة تنفيذ من المستوى الاعلى. وفوق كل شيء مطلوب وجود قدرة على اتخاذ قرارات محسوبة وحساسة، تأخذ في الحسبان عموم المخاطر والاحتمالات وفي نهايتها تصادق على هجوم دقيق وانتقائي على الهدف الذي تم اختياره».