IMLebanon

إسرائيل ترحّب بالعقوبات الأميركية: في انتظار المزيد

 

وسط نجاحات توصف في تل أبيب بأنها عابرة للدول في مواجهة حزب الله، رحبت إسرائيل بالعقوبات الأميركية الجديدة على مسؤولين في حزب الله، وطالبت بالمزيد من الضغوط، على أن تشمل أيضاً الجيش اللبناني وقوة اليونيفيل، ودفعهما إلى محاربة حزب الله.

لم يصدر عن تل أبيب الرسمية ــــ إلى الآن ــــ تعليقات وردود فعل على العقوبات الأميركية الأخيرة ضد حزب الله، رغم سياقاتها وظرفها الخاص وأهدافها الواضحة في تحقيق الإرادة الإسرائيلية، لكن تكفل الإعلام العبري بالإعلان عن الترحيب، مع تغطية خبرية واسعة، بالخطوة الأميركية التي وصفت بـ«الشجاعة وغير المسبوقة».

والواضح أن غياب التعليق الرسمي يأتي نتيجة قرار متخذ مسبقاً في تل أبيب. وهذه المرة ليس على خلفية الخشية من تبعاته، إذ إنه في ذاته لا يستدعي رداً «متطرفاً» من حزب الله، لكن على خلفية المصلحة في إبعاد إسرائيل نفسها عن الواجهة، كي تظهر الخطوة ضمن سياقات مواجهة دولية لتهديد حزب الله الذي يتجاوز إسرائيل بعدما بات كما تروّج الدعاية العبرية «تهديداً عاماً للبشرية» من دون استثناء.

وكشفت القناة 12 العبرية ليل 10/7/2019 أن الدافع المركزي لإدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب هو المزيد والمزيد من الضغط الاقتصادي على حزب الله، «إلا أنها في الموازاة تسعى كذلك إلى التأثير على السياسة في لبنان من خلال هذه الخطوة، إذ إنه نوع من التحريض الموجّه ضد مسؤولي حزب الله».

لكن هل تأمل إسرائيل فعلاً أن تكون هذه الخطوة، والمنطق الذي يقف خلفها، قادرة فعلاً على الحد من تهديد حزب الله لإسرائيل؟ الواضح أن الإجابة الإسرائيلية ستكون «لا كبيرة» يصاحبها أيضاً «ولكن». فإن كان يتعذر على إسرائيل أن تواجه «160 ألف صاروخ من بين ما لدى حزب الله من وسائل قتالية»، كما ورد أمس على لسان عضو المجلس الوزاري المصغر تساحي هنغبي، إلا أن ذلك لا يعني الاستسلام والامتناع عما من شأنه إزعاج حزب الله في حد أدنى ومحاولة الوقيعة بينه وبين الدولة اللبنانية وبيئته الحاضنة.

هذا الواقع يفسر طلب الخبراء والمعلقين الإسرائيليين مزيداً من الضغط على حزب الله، وإن ثبت أن جزءاً من هذه المطالب صعب التحقق، وتحديداً التحريض المباشر أو المبطّن على الاقتتال الداخلي في لبنان، سواء من الجيش اللبناني أو من قوة اليونيفيل، ضد حزب الله.

وفي ذلك، تؤكد افتتاحية صحيفة «جيروزاليم بوست» أن جهود إدارة ترامب ضد حزب الله موضع ترحيب في إسرائيل، وخاصة أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، «يدركان حجم تهديد حزب الله، وأنه يخدم طموحات إيران الإقليمية في الشرق الأوسط»، فضلاً عن «طموحات عالمية أكبر حجماً. ولا يخطئ أحد، فتهديد حزب الله هو تهديد عالمي. وهو ليس تهديداً موجّهاً لإسرائيل أو للبنان! بل مشكلة للجميع».

وتؤكد الصحيفة ضرورة استغلال الظروف القائمة في المنطقة «كي يقترن الدعم الأميركي للجيش اللبناني، الذي يقدر أنه تجاوز الـ 1.7 مليار دولار، بشروط واضحة ترتبط بالدور الواجب عليه القيام به في مواجهة حزب الله والحؤول دون تلقيه السلاح الإيراني، فكما هو معلوم، يعتمد لبنان على المعونات الخارجية، ولدى الولايات المتحدة نفوذها الخاص في هذا المجال».

في هذا السياق أيضاً، تشدد الصحيفة، على ما ورد عن رئيس الأركان السابق، غادي آيزنكوت، في مطالعة له على موقع معهد واشنطن في الأسبوع الماضي، بمناسبة مرور 13 عاماً على حرب عام 2006، وتحديداً مطالباته بوجوب العمل على تعزيز تفويض قوة اليونيفيل في لبنان لمواجهة حزب الله، إذ حسب اعتقاد الصحيفة أن «هذا الظرف هو الأمثل للضغط على لبنان».

في ذلك كله، يجدر تأكيد ملاحظتين:

أن واحدة من أهم الثوابت التي تحكم أفعال العدو وشركائه في مواجهة حزب الله، هي أن أي مقاربة عدائية أميركية، حتى وإن كانت مقتصرة على الإزعاج الظرفي، فقرارها يأتي بالشراكة والتكافل مع إسرائيل، ومحاولة تغييب تل أبيب عن الواجهة لا تغيّر من الحقائق شيئاً.

الملاحظة الثانية تتعلق بـ»الظرف الأمثل» الوارد في الإعلام العبري، الذي تقدر تل أبيب أنه يتيح تفعيل مزيد من الضغوط على حزب الله! وإنْ كان بالإمكان الموافقة على التوصيف الوارد في أن الظرف الحالي هو الأمثل، إلا أن الخلاف يبرز إزاء تحديد الجهة التي يمكن أن تتعامل مع هذا الظرف، على أنه أمثل لها. وفي ذلك الحديث يطول.