IMLebanon

السلاح الوديعة والفيلق المتأهّب

 

لم يكن العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية وعلى سيدها ومن قبْله رفاق المسيرة ذات الرعاية الإيرانية، فقط لأن السيد حسن رحمة الله عليه تصرَّف نصيراً للشعب الغزاوي بعدما بلغ التدمير والتهجير والتجويع المدى الذي لا يجيز لنصير أن يكون راصداً فقط للتطورات وإنما أن يساند ما دامت أنواع السلاح ضاقت ذرعاً بمخابئها.

كان العدوان في دافعه ودافعيه يتمثل في جانبين أولهما ثأر الكيان الصهيوني من الهزيمة المشهود لقوات «حزب الله» إلحاقها في حرب تحرير الجنوب الصامد من العدوان الإسرائيلي الذي تمدَّد نتيجة عدم الصدّ له إلى العاصمة بيروت. وكانت تلك الهزيمة للإسرائيليين قريبة الشبه من الهزيمة التي لحقت بهم من الجيش المصري في حرب رمضان 1973 والتي استعجل قائدها الرئيس أنور السادات رحمة الله عليه أمر توظيفها، واضعاً مصر ما بعده بالمعاهدة التي أبرمها توازن بين ظروف المعاهدة ومقتضيات إبرامها وبين إتخاذ موقف بحجم أهمية مصر عربياً وإقليمياً إزاء اعتداءات إسرائيلية تستهدف أشقاء على نحو ما زال يزداد تدميراً وتجويعاً للشعب الفلسطيني في غزة، وما بلغ مداه الأبعد المتمثل بالعدوان التدميري على مناطق جنوب لبنان وعلى العاصمة بيروت التي كانت ومعظم البلدات الجنوبية والبقاعية والشمالية الرقم اللافت في الستينات في تلك الوقفة الشعبية الصامدة إلى جانب مصر عبدالناصر بعد تداعيات إنفصال سوريا من الوحدة مع مصر. وتجدر الإشارة هنا إلى أن العدوان البنياميني على فلسطينيي غزة ثم على لبنان من جنوبه إلى بقاعه تركيزاً على الضاحية الجنوبية للعاصمة وعلى مناطق أُخرى من بيروت ما كان ليتم بالوتيرة التي تم فيها لو كان غير مزود سياسياً وحربياً من «الإدارة الأميركية الديمقراطية» ومن بعدها «الإدارة الجمهورية». وتحضرنا للمناسبة عبارة الرئيس السابق بايدن «إنني إذا لم أكن يهودياً فهذا لا يعني أنني لستً صهيونياً». وهو قول مثيل لأقوال الرئيس ترامب خلال ترحيباته برئيس الوزراء نتنياهو المُدان من محكمة العدل الدولية.

 

لم يتحقق الجانب الأول من أغراض العدوان ومراميه بما يأمله المساند والفاعل، ذلك أن فظاعة التدمير والاغتيالات، وكلها خارج المواجهة التي تتسم بأصول الاحتراب، أحدثت رد فعل صمودياً بالغ التقدير، فضلاً عن أن ما تبغيه الإدارة الأميركية من موضوع السلاح وهو تسليمه بعدما إستعصى تدميره كما تدمير عمارات على مَن فيها من نساء وأطفال ومسنين لم يتحقق وها هي الضغوط والمبعوثون والمبعوثات في حالة لهاث لكي يتم حسم موضوع السلاح وبصيغة الاستسلام، في حين أن الذي يحفظ الأواصر اللبنانية والوحدة الوطنية والطوائفية هي صيغة «السلاح الوديعة» وإستحداث «فيلق الإحتياط» لساعة الخطر، حيث هما الحل الذي يتسم بحفظ كرامة لبنان الدولة وكرامات الناس وليس التكبر عليهم وبالذات الذين أمضوا ساهرين على الورقة التي توضع على طاولة الحلول العادلة وليس الرضوخ للإملاءات.

ومن ملامح التفاؤل خيراً بـ«السلاح الوديعة» أو «فيلق الإحتياط» أو «الفيلق الرديف» لساعة الشدة، أن رحيق الصمود الجنوبي حاضر في شخص كل من القائد الذي بات رئيساً للبلاد والقائد الذي خلَفَه في قيادة الجيش، حيث كلاهما من أبناء المنطقة التي كانت شجاعة وصامدة في زمن العدوان.

بإعتماد صيغة «السلاح الوديعة» في اليد اللبنانية والذي كان يروم العدوان تدميرها كما التدمير الذي شمل مناطق كثيرة من لبنان، تبقى الطمأنينة مستقرة في النفوس وتتعزز هذه أكثر بـ«الفيلق الرديف المتأهّب».

وبعد ذلك لا إنشغال بالمبعوثين والمبعوثات وضخ الاستفزازات في تصريحات ونداءات وكلام غير مستحب في بعض المواقع، وإنما بإستعادة لبنان القوي غير المستقوى عليه والمتعافي خير تعاف. وعلى الله الإتكال لصفاء البصيرة.