تستهدف إسرائيل بيروت والضاحية الجنوبية من جديد. مع تهديد لهما ومع توسّع العمليات العسكرية. ويعود جنوب لبنان مسرحاً للغارات الإسرائيلية.
إذ تؤكد إسرائيل أن «الأمن الإسرائيلي» هو العامود الفقري لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان! وهو خارطة الطريق لتنفيذ القرار الأممي 1701. لا بل هو القرار 1701+.
ومنذ اللحظة الأولى لاتفاق وقف النار ذكرتُ مراراً أن تفسير مضمون الاتفاق سينتج انزلاقات أمنية كبيرة قد تؤدّي الى عودة الحرب الشاملة.
فالجانب الإسرائيلي يركّز على المخاطر التي تتهدّده وتتهدّد شماله، وتتهدّد قرى ومستوطنات هذا الشمال. وتمنع عودة 60.000 مهجّر منها إليها! وهو ما تعتبره إسرائيل في أعلى سلّم أولوياتها بعد ملف الأسرى!
وفي هذا الإطار، لا تتوقف الحسابات الإسرائيلية عند حدود نهر الليطاني. ولا فرق بالنسبة لها بين جنوب الليطاني وشماله. ولن تتوقف بالتالي عملياتها العسكرية حتى تعطيل قدرات حزب الله وقدرات «محيطه» و«حلفائه» وقدرات كل العناصر «المنضبطة» في فلكه العسكرية والصاروخية!
وتتسلح إسرائيل بالصواريخ التي تضربها! فتبني ردّها «غير المتوازن» على القرى الجنوبية في لبنان. وبدأت توسّع رقعة أهدافها باتجاه بيروت!
حزب الله ينكر إطلاق الصواريخ على المطلة والشمال الإسرائيلي. ولكن الكل يدرك أن حزب الله يظلل مطلقي الصواريخ بسيطرته الأمنية والميدانية على الجنوب. وبسبب إدارته الأمنية لكل ما يجري في المواجهات مع العدو الإسرائيلي، وصولاً الى تنظيم التحركات الشعبية بالتكليف الشرعي إذا لزم الأمر عند الحاجة.
«رسمياً»، يلتزم حزب الله تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. وهو بالتالي لا ينفذ مباشرة ولا يتبنّى عمليات إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه المطلة. صواريخ تُطلق بطرق بدائية، بعيدة عن أسلوب حزب الله الاحترافي.
ولكن إسرائيل أدخلت معادلة جديدة! فبعد أن كان حزب الله في زمن السيد حسن نصرالله قد اعتمد معادلة تل أبيب مقابل الضاحية، أطلقت إسرائيل معادلة «بيروت مقابل المطلة»!
ما يعني أن بيروت والضاحية الجنوبية لن تكونان بمأمن من الغارات الإسرائيلية، التي يمكن أن تطالها مع (أو من دون) التحذيرات التي يطلقها المتحدث الإسرائيلي أفيخاي أدرعي تحذيرياً لإخلاء المباني قبل تدميرها بصواريخ الطيران الإسرائيلي.
لا شيء يمنع حزب الله من العودة للمواجهة العسكرية المباشرة. وهو وحده يدرك حجم قدراته الميدانية التي استُهلكت كثيراً في المرحلة السابقة. وهو وحده يدرك تماماً إذا كانت هيكليته التنظيمية وقدراته اللوجيستية وقدراته المالية تسمح له بالعودة للمواجهة، بعيداً عن تقديرات المحللين التي تذهب الى تقديرات سلبية لهذه القدرات.
أما الدولة اللبنانية، فهي تحتاج الى تثبيت قدراتها على منع إطلاق العمليات العسكرية من لبنان باتجاه إسرائيل. أي فعلياً، تحتاج الى «حماية إسرائيل لحماية لبنان». وإن كانت هذه المعادلة صعبة القبول من اللبنانيين! وهي على أي حال لا يمكنها لا ضمان التزام إسرائيل بوقف النار في أي ظرف كان! بل تستمر في عملها الديبلوماسي لتأمين مظلة حماية دولية للبنان.
وكانت المظلة الدولية والأميركية تحديداً، والتي ساهمت بالتفوّق الإسرائيلي في الحرب قد نجحت في تحييد ضرب مطار بيروت والبنية التحتية من محطات كهرباء وجسور ومحطات تخزين للوقود ومحطات وقود وغيرها. بخلاف ما حدث في حرب 2006.
هل عادت الحرب الى لبنان؟ أم أن الانزلاق العسكري محدود في الزمان والمكان؟! المؤشرات في مجملها… سلبية! وبيروت في خطر!