IMLebanon

إنّها بلـدة دولـة الــرئيس

 

 

البعض يصفها بـ«قلب المتن»، فيما يقول آخرون عنها إنها رعرعت في أحيائها وأزقتها عظماء من لبنان. قد يكون أول ما يلحظه المار في هذه الدوحة المتنية الوادعة هو ذلك السكون الذي يلفّ شوارعها، قبل أن يراجع تاريخها ويتعجّب لصمودها في وجه الأزمات والحروب وتشكيلها درعاً منيعاً لأهلها. هي بركان قد يشتعل في أي لحظة غدر، وبحر لن يتوانى عن إغراق أي غازٍ يحاول النيل من أبنائها.

«بتغرين، عاصمة أعظم رجل في لبنان»، لم يجد أبو شربل كلمات أخرى يصف بها بلدته، ترتسم على محيّاه ابتسامة، ويقول لـ»الجمهورية»: «ما تركنا وهرب ولا مرّة، حافَظ علينا. ولا قذيفة نزلت إلّا لَمّا إجو هَاو»، لم يفسّر أبو شربل جملته أكثر، معتبراً أنّ أهل بتغرين يعرفون هويات الأشخاص الذين يتكلم عنهم، فهم عانوا ظلمهم وجشعهم وطمعهم في بلدة لم تكن لهم سوى حضن حنون. نَفض الرجل الغبار عن علمٍ للبنان كان يحمله وأكمل مسيرته مستطرداً: «لا أستطيع التأخّر أكثر، فبعد قليل يصل أبو الياس وعلينا استقباله بما يليق به».

ميشال المر بالنسبة الى أهالي بتغرين «خط أحمر»، يُجمعون على أنه «صانع الرؤساء، وعلى أنه «لم يخذل كلّ من قصده أيّاً كانت طائفته»، ويقول أحد المشاركين في احتفال أمس: «أبو الياس لم يحافظ على بتغرين فقط، بل حافظ على لبنان كله، يوم الإجتياح السوري خبّأ الناس، الى درجة أنه لم يؤذَ أحد بكلمة، حتى «ببوسة ما حدا تأذّى»، أبو الياس خدم أكثر من 50 ألف شخص من بينهم 10 آلاف فقط من المتن، ففي حال كان هناك وفاء لدى الناس يكون ميشال المر الأكثر تحصيلاً للأصوات في المتن كله، ليس فقط من طائفة الروم الأرثوذكس أو من المسيحيين، بل من المتنيين بكافة طوائفهم».

بتغرين

تطوف في شوارع بتغرين فتشاهد ميشال المر في كل زاوية، على أسطح البنايات، على شرفات المنازل، على أعمدة الكهرباء، على واجهات المحال، ميشال المر في كل مكان، فهذه البلدة سَكنته قبل أن يسكنها، في شوارعها لعب وفي مدارسها تعلّم ومن ينابيعها شرب مياه الوفاء وحبّ خدمة الناس والتفاني في الدفاع عنهم.

في هذه البلدة نَما صبي صغير، تعلّم النشيد الوطني وردده في كل المناسبات، هنا كوّن أحلاماً وخطّط للغد، هنا عمل بكد وتعب، هو الذي لطالما تعلّم أنّ الرزق الذي لا يأتي بعرق الجبين لا يباركه الله، من هنا انطلق شابٌ أحلامه لا تَسعه، ومن هنا أصبح رجلاً بحجم دولة عرفه اللبنانيون والعرب والعالم… فاستحقّ ان يصفه البعض بأنه رجلٌ في أمة وأمة في رجل.

نتائج مفاجئة؟

ترد على لوائح قيد الناخبين في بتغرين أسماء 3294 شخصاً يُتوّقع أن ينتخب من بينهم نحو 2400 شخص، بالإضافة الى 73 شخص اقترعوا في بلاد الإغتراب، فيما كانت قد سُجّلت في الإنتخابات الأخيرة مشاركة 2205 أشخاص.

ولا تتردد بعض المصادر المتابعة في توقّع «مفاجآت» يوم «الأحد الكبير»، في اعتبار أنّ حالة تعاطف كبيرة تولّدت لدى المتنيين ولا سيما منهم أهالي بتغرين، الذين لمسوا وجود محاولة لإلغاء شخصية يعتبرونها مصدر فخرهم واعتزازهم، وملجأهم في ساعات الشدة.

وفيّة هي بتغرين، لا تعرف الغدر حتى بمَن غدر بها، فكيف والحال مع ابنها الذي شهدت شوارعها على مراحل حياته؟ كيف والحال مع من احتضنَ أبناءها الذين لطالما خافَت عليهم من ظلم حكّام وجَور طغاة يسحقون كل ما يأتي في طريقهم؟

وفيّة هي بتغرين فما خَيّبت ظنّ ابو الياس يوماً ولن تخيّبه الآن، ففي «الأحد الكبير» الآتي نهاية هذا الاسبوع ستردّ له ولَو جزءاً صغيراً من جميله، وسنردّ عنه سهام الغدر، وسيقترع أبناؤها بأصواتهم التفضيلية لمَن عاش ويعيش معهم حلو الحياة ومرّها.