IMLebanon

زيارة جيفرز لبيروت لزوم ما لا يلزم طالما بلاده تغطّي الاعتداءات الإسرائيلية

 

 

رفع سقف الموقف الرسمي بوجه راعيي اتفاق الهدنة مطلوب لردع العدوان

 

 

من المفيد رفع سقف المواقف الرسمية لجهة تحميل الراعيين الأميركي والفرنسي مسؤولية الضغط على إسرائيل لوقف استهدافاتها واعتداءاتها شبه اليومية على لبنان، بعد أن باتت تتصرف وكأن لا وجود للقرار 1701، ولم تُوقّع مع لبنان اتفاق الهدنة بعد الحرب الأخيرة.

ومن الطبيعي أن يضع الرؤساء الثلاثة رئيس هيئة المراقبة الدولية المشرفة على تطبيق وقف النار في جنوب لبنان الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز الذي سيزور لبنان اليوم بما تقوم به إسرائيل، وسيطلبون بردعها عن اعتداءاتها واختراقاتها لوقف النار والانسحاب من النقاط الخمس التي تحتلها في الجنوب، علما ان هناك معلومات سبقت مجيء جيفرز تفيد بأنه سيكون مهتما بطلب إنهاء ملف سلاح «حزب الله»، وربط ذلك بكسب لبنان ثقة ودعم الدول المعنية، وهذا يعني أن حضور جيفرز الى بيروت لن يكون أفضل من غيابه وهو المتواري عن الأنظار منذ مدة طولة ولا يحرّك ساكنا حيال ما تقوم به إسرائيل ضد لبنان الذي ما زال ملتزما الى أبعد الحدود بتنفيذ مندرجات القرار 1701، وكل بنود اتفاق الهدنة.

 

تقول مصادر نيابية في هذا السياق: لا شك ان الجنرال جيفرز سيسمع في المقرات الرئاسية الثلاثة الطلب نفسه، وهو ضرورة أن تقوم بلاده ومعها فرنسا كونهما الراعيين للاتفاق بالضغط على إسرائيل لإنقاذ الاتفاق، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، والانسحاب من التلال الخمسة، لكنها أعربت عن خشيتها من أن تكون الزيارة محصورة بمواكبته المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران، والاطّلاع على ما آل إليه التواصل بين الرئيس عون وقيادة «حزب الله» حول حصر السلاح بيد الدولة، ووضع القرار على سكة التطبيق عندما تتوافر الظروف.

ودعت هذه المصادر الى عدم التعويل كثيراً على هذه الزيارة لإحداث خرقٍ لدى الجانب الإسرائيلي، كون أن تل أبيب تتمتع بضوءٍ أخضر أميركي يسمح لها بالتحرّك داخل الأراضي اللبنانية الى حين تحقيق شروطها بسحب سلاح حزب الله أولاً ووقف أي إمكانية لبناء قدراته العسكرية في المستقبل، وعليه فإنّ هذه الزيارة ستكون فقط من باب تسجيل الحضور فقط، فالضغط على إسرائيل لا يحتاج الى موفدين وما شابه، إذ يكفي اتصالا هاتفيا من البيت الأبيض في حال كانت واشنطن صادقة النوايا تجاه لبنان، حتى تلتزم إسرائيل بكل نقطة وفاصلة في اتفاق الهدنة.

من المؤكد ان رئيس لجنة المراقبة يعرف تماما بأن إسرائيل هي من تعطّل تطبيق القرار 1701 بعدم انسحابها من الجنوب، ورفضها التجاوب مع الجهود الدولية لإطلاق من لديها من الأسرى اللبنانيين، على الرغم من أن الحزب لم يعلن عن عددهم في ظل الصعوبة التي يواجهها في كشف مصير المفقودين نتيجة طلعات المسيّرات الإسرائيلية على مدار الساعة في الأجواء، وتنفذ أحيانا عمليات اغتيال، مع العلم أن لبنان اتخذ قراره بحصرية السلاح بيد الدولة، وأنّ لا عودة عنه، ولا يترك رئيس الجمهورية مناسبة أو لقاء إلّا ويشدّد على ما جاء في خطاب القسم لهذه الناحية، وأن انطلاق الحوار مع «حزب الله» يتوقف على مدى استعداد إسرائيل لإطلاق الأسرى اللبنانيين والانسحاب من جنوب لبنان إلى الحدود الدولية.

من المستغرب تلكؤ واشنطن في رعاية اتفاق الهدنة، وهي العالمة بمدى التزام لبنان بهذا الاتفاق وتنفيذ مندرجاته كاملة، حيث بات الجيش اللبناني مسيطرا على بعض البلدات في شمال الليطاني، وتحديداً تلك التي انطلقت منها الصواريخ باتجاه مستعمرتي المطلة وكريات شمونة، وهذا ما كان ليحصل لو لم يكن «حزب الله» متعاونا مع الجيش الى أبعد الحدود، لقطع الطريق على إسرائيل في غطرستها اليومية، والتي كان آخرها قصف خيمة في الضاحية الجنوبية الأحد الفائت بحجة أنها منشأة صواريخ تابعة للحزب.

وفي هذا السياق يُخشى أن يكون الجنرال الأميركي يريد العمل على مضيعة الوقت، وأن يكون حضوره إلى بيروت مجرد عملية استطلاعية لمعرفة ما إذا كانت الحكومة اللبنانية جادّة في بسط سلطتها وسحب سلاح «حزب الله»، مع العلم المسبق بأن الإدارة الأميركية لن تحرّك ساكناً، في المدى المنظور، للإبقاء على الضغط الإسرائيلي المفروض على «حزب الله» لمنعه من إعادة بناء قدراته العسكرية.