IMLebanon

القدس الخطوة الأخيرة قبل اعلان فلسطين دولة يهودية

 

لنعترف بالواقع والوقائع كما هي لنبني على الشيء مقتضاه للمستقبل… والحقيقة الأولى، هي ان قرار الرئيس الأميركي ترامب بنقل السفارة الأميركية الى القدس لم يأت من فراغ. والولايات المتحدة اعترفت بالقدس عاصمة لاسرائيل منذ العام ١٩٩٥، أما قرار نقل السفارة فتمّ ربطه ب الأمن القومي الأميركي، مع اعطاء الرئيس صلاحية التأجيل لمدة ستة أشهر. ومعنى هذا التأجيل ان النقل سيتم عندما تزول المخاطر عن الأمن القومي الأميركي. ولم تفعل القيادات الفلسطينية والعربية والاسلامية شيئا لمواجهة ساعة الاستحقاق هذه، في حين ان القيادة في أميركا واسرائيل خططت بعناية ودقّة ودأب لاختصار زمن التأجيل. وهذا الأمر تحقق في عهد الرئيس ترامب، ليس لأنه أكثر صهيونية ممن سبقه في البيت الأبيض، بل لأن العوائق أزيلت على مدى العقدين ونيّف السابقين، وتمّ ضرب كل مواقع القوة التي تمثل خطرا على تنفيذ هذا القرار، فلسطينيا وعربيا واسلاميا. ولو كان في البيت الأبيض رئيس آخر مثل هيلاري كلينتون أو غيرها، لاتخذ القرار نفسه، للأسباب ذاتها!

… والحقيقة الثانية على مرارتها الفادحة، هي ان النظام الفلسطيني الرسمي انضم بعد مرحلة النضال المسلح الى سياق النظام العربي القائم، بالانضمام الى مسيرة أوسلو وما بعدها. وبعد اغتيال ياسر عرفات حدث تحوّل مهمّ وانحراف خطير في مسيرة النضال الفلسطيني… وبعد أن كان الهدف من التعاون مع الأنظمة العربية الذي جذبها الى تبني أهداف ثورة التحرير الفلسطيني من الاحتلال، حدث العكس، وانضمت القيادة الفلسطينية الى مسيرة الحلول والتسويات على طريقة الأنظمة العربية التي كانت غالبيتها تريد ضمنا التخلص من هذا العبء الذي يثقل كاهلها على مدى عقود. ولما لم يكن لدى الأنظمة العربية سوى تصور سلبي واحد وهو التخلص من العبء، فقد نشطت القيادة الأميركية والاسرائيلية على الفعل الايجابي بتمهيد الطريق الى القدس بانهاك الأنظمة العربية، وتفجير طاقاتها ضد بعضها بعضا، بعد حقنها ب الفيروس التكفيري!

 

… والحقيقة الثالثة، هي ان نقل السفارة الأميركية الى القدس ليس سوى خطوة تمهيدية نحو الهدف الأخير، وهو اخلاء فلسطين من الفلسطينيين، واعلان فلسطين دولة يهودية تحت علم اسرائيل. والطريق الى ذلك لم يعد لغزا… وبعد زوال همروجة القدس، سيدعو ترامب الأنظمة العربية بما فيها السلطة الفلسطينية الى مؤتمر سلام نهائي بين الفلسطينيين واسرائيل بمباركة الأنظمة العربية وأميركا، ويكون عنوان المؤتمر: السلام النهائي وتبادل الأراضي! وسيتم ايجاد أراض يتم نقل فلسطينيي الضفة اليها سلما وبموافقة سلطتهم، ويوفّر بذلك على اسرائيل ترحيلهم بطريقة الترانسفير وبالعنف الوحشي، مما قد يثير اشمئزازا دوليا! وهو أمر لا يقدّم ولا يؤخّر شيئا بالنسبة لاسرائيل التي لا تهتمّ اذا بصق عليها العالم بأسره، ما دامت تستولي على الأرض، وتتخلّص من الفلسطينيين!

 

قد يتغيّر التاريخ مرحليا كما يحدث اليوم، ويميل لمصلحة اسرائيل، ولكن الجغرافيا الطبيعية تبقى ثابتة ولا تتغيّر حتى مع أعتى الزلازل! والأنظمة تتغيّر ولكن ليس الشعوب. وكل هذا الظلم والغضب المتراكم تحت كبت الأنظمة منذ العام ١٩٤٨، سيقود يوما الى انفجار المرجل الشعبي الأممي، فتذهب الأنظمة ضحيّة زيادة ضغطها على شعوبها. وبعدها يتغيّر التاريخ مرة أخرى، ولكن هذه المرة لمصلحة الشعوب الخارجة من الظلم والكبت الى الحرية والتحرير! ويومها فقط ستدق ساحة الحساب مع اسرائيل وأميركا… وبالتأكيد لن يطول الانتظار الى المئوية الثانية لوعد بلفور!