IMLebanon

طريق «لبنان» نحو التسوية محفوفة بالمخاطر فمن يدفع الثمن؟ 

 

 

لم يكن مستغرباً وصف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لقائد الجيش جوزاف عون بـ «قائد الانقلاب»، فهو كان يقول هذا الكلام سابقاً عندما كان ميشال عون لا يزال في قصر بعبدا، فالتيار يعتبر أن قائد الجيش لم يقم بواجباته خلال حراك تشرين 2019، بل كان مسهلاً للتحركات التي أعاقت النصف الثاني من عهد رئيس الجمهورية، وبالتالي لا يزال باسيل يحمل في قلبه امتعاضاً كبيراً من عون وعمله في تلك المرحلة.

 

إن هذا الرفض القاطع من باسيل لوصول قائد الجيش الى سدّة الرئاسة، يُعاكس المواقف العربية والغربية من الرجل، فبحسب مصادر سياسية متابعة فإن أجواء الثلاثي القطري – الفرنسي – السعودي تؤيد وصول عون الى بعبدا، ولو كان الأمر وحده غير كاف بالنسبة الى المملكة السعودية التي تسعى الى حلّ متكامل يتضمن رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وشكلها وبرنامج عملها، وبالتالي لا بد من البحث عن طريقة لتسويق ترشيح قائد الجيش.

 

إن الواقع اليوم يؤكد انسداد أفق وصول أي من المرشحين الأساسيين الى قصر بعبدا، أي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، قائد الجيش جوزاف عون، وطبعاً مرشح قوى 14 آذار ميشال معوض، الأمر الذي يتطلب تحضير الأرضية المناسبة التي تدفع القوى الداخلية إلى تقديم تنازلات تقود إلى انتخاب عون، المدعوم خارجياً، كون وصوله يبدو الأسهل بين هذه الأسماء.

 

نعيش هذه الأيام، بحسب المصادر نفسها، وضعاً سلبياً على الساحة النقدية، بحيث وصل الدولار الى مشارف 46 ألف ليرة لأول مرة بتاريخ الجمهورية اللبنانية، كما هناك توترات أمنية حصلت في الجنوب بعد التعرض لقافلة اليونيفيل وسقوط ضحايا، الى جانب تحريك ملف بلدة رميش الجنوبية التي تتجه لكي تشبه بوضعها بلدة لاسا في جبيل، وبالتالي فإن التطور السلبي بأي من هذه النقاط قد يعني مزيداً من التدهور السريع، يؤدي الى تزعزع الاستقرار الذي كان قائماً منذ عامين تقريباً.

 

يؤكد باسيل أنه يمكن للبعض إيصال شخصية مسيحية الى رئاسة الجمهورية دون رضى التيار، ولو أنه يُعارض بشدة وصول شخصية لا تحظى بغطاء مسيحي، لكن قائد الجيش يحظى بهذا الغطاء، وسيؤمنه بالحدّ الأدنى حزب القوات اللبنانية، وبحسب المصادر فربما لا يكون قائد الجيش بحاجة الى دعم التيار الوطني الحر العلني الى وصوله، ففي أروقة المفاوضات، تُبحث أكثر من صيغة قد يكون من ضمنها استمرار التيار في معارضة عون بالعلن، وتأييده ضمنياً بحال تمكن القطريون من إيصال المحادثات مع باسيل الى منطقة معقولة تمنح رئيس التيار ضمانات يسعى إليها، أبرزها الاحتفاظ بموقعه السياسي في العهد الجديد، ومشاركاته في الحكومة بحصة وازنة، كذلك في التعيينات، ففي النهاية هذا ما يريده باسيل من أي رئيس جمهورية مقبل، كون الظروف الراهنة لا تسمح له بأن يكون الرئيس.

 

تعتقد المصادر أن باسيل يرفع سقف معارضته لقائد الجيش لأجل اهداف تتعلق بالتفاوض، فكلما ارتفع السقف كانت الأثمان للتنازل أكبر، إنما الاهم من كل هذا بحسب المصادر هو أن لا تسبق التسوية توترات أمنية على الساحة اللبنانية، لأن المواطن سيكون الخاسر الأول والاخير، علماً ان خسائره المباشرة بدأت بتسجيل الدولار، الذي هو بجزء منه سياسي، ارتفاعات جنونية غير مسبوقة.