IMLebanon

جحا

 

عوّدت الدولة اللبنانية الناس على اللجوء الى الاضراب كمدخلً وحيد لتحصيل الحقوق. هذا واقع بغيض ولكنه حقيقي. وهو ليس مستجداً إنما هو نهج مزمن خصوصاً في العقود الأخيرة، إذ قلّما (كي لا نجزم) حدث أن وصل ذوو المطالب الى تحقيق مطالبهم من دون اللجوء الى الشارع.

 

ومن أسفٍ أنّ المسألة بلغت حداً باتت أضراره كبيرة، مباشرة، وملموسة ليس فقط على الصعيد المادي من حيث تعطيل الإدارات والمصالح العامّة، بل أيضاً على الصعيد المعنوي!

 

فليس بالأمر  اليسير، وبالتأكيد ليس مألوفاً أن يلجأ عسكريون (وإن قُدامى) الى الشارع. وليس مألوفاً أن يعتكف ويعتصم أبناء السلطة القضائية. وليس مألوفاً (بالأخص) أن يبقى العسكريون في الشارع طويلاً بما يشبه الإقامة الدائمة، وأن يواصل القضاة اعتكافهم!

 

ويخطئ من ينظر الى الأمر من زاوية الحكم على هذا الفريق، أو ذاك الطرف، أو تلك  الهيئة، أو ذلكم السلك، أو تلك المجموعة من الناس المتحركين سلباً (…) على أنهم يرتكبون الخطيئة العظمى  وأن السلطة بريئة من هذه  التطورات براءة الذئب من دم ابن يعقوب. وفي المقابل يخطئ أيضاً من يحمّل السلطة وحدها المسؤولية الكاملة عمّا يجري، خصوصاً هذا العهد الذي يحمل على منكبيه آثام سنوات وعقود طويلة.

 

إلاّ أننا نرى، بصدق منبثق من اقتناعنا، أنّ السلطة الواقعة بين شواقيف عديدة، وليس بين شاقوفين وحسب هما شاقوف حقوق الناس وشاقوف مطالب البنك والصندوق الدوليين ومؤتمر «سيدر -1» …. نقول نرى أن هذه السلطة التي نقدّر  لها السعي الى حدٍ من الإصلاح قد أخطأت بوصلتها. فعندما يجمع القوم على أن هناك فساداً، وكل منهم يزاود على الآخر في هذا السياق، فلماذا لا ينصبّ الاهتمام على ضبط الفاسدين  واسترجاع ما جنوه من فسادهم المتمادي وهو بالمليارات؟! علماً أن ما يمكن تحصيله (واسترجاعه) من فاسد واحد يزيد عما يمكن تحصيله من «قرمطة» المرتبات والتعويضات… أوليس هذا ما يقولون في سرّهم وفي العلانية؟ فلماذا  يتلكأون؟! أهو التواطؤ؟!

 

1 Banner El Shark 728×90

 

أهو الخوف؟! أهي المسايرة؟! أهو الابتعاد عن «وكر الدبابير»؟!

 

فإلى متى سيظل البلد في  هذه المعاناة؟!

 

وهل صحيح أن هناك بلاغاً (الرقم-1) يعد له بعضهم فينفذه البعض الآخر من حيث يدري أو لا يدري؟ على حدّ ما كتبنا ذات يوم في هذه الزاوية؟

 

وببراءة ومسؤولية وصدق نريد أن نسأل: يا أيها المسؤولون: لماذا لا تلجأون الى الأسلوب الأسهل والأفعل (… وأفعل التفضيل إذا شاء العزيزان النقيب أنطوان سبعلاني والمحامي سمير موسى) وهو البحث عن سدّ العجز حيث يوجد المال الحرام ليعود مالاً حلالاً، بدلاً من البحث على طريقة جحا (تحت الضوء وإن  كان القرش الضائع في مكان آخر)!