IMLebanon

«الكتائب» نصف معارضة.. والعلاقة بالسلطة «على القطعة»

يقع المتابع للواقع السياسي في حيرة عند البحث عن موقع حزب «الكتائب اللبنانية» في خريطة المشهد اللبناني الحالي. فالحزب لطالما كان مادة مثيرة للجدل خلال السنوات الماضية بعد امتهانه سياسية «التمايز» في الملفات والتحالفات بدءاً بعلاقته المتوترة بأمانة قوى «14 آذار» وصولاً إلى استقالة «يتيمة» لوزرائه من حكومة الرئيس تمام سلام. لم يركب الحزب موجة ميشال عون الرئاسية ففضل التزام «المبدئية» في عمله السياسي مواجهاً شبه اجماع مسيحي ووطني على العهد الجديد. يقول البعض إن رئيس الحزب غامر بمستقبل حزبه عندما اتخذ قرار معارضة «الصفقة الرئاسية» كما يسميّها فأصبح على هامش السلطة بعيداً عن مركز القرار وهدفاً «ناعماً» لحلفاء الأمس وخصوم اليوم. خرج حزب «الكتائب» من السلطة ليذهب إلى «المعارضة» كما يقول رئيسه سامي الجميّل. معارضة غير واضحة المعالم لغاية اليوم أو ربما «نصف معارضة». قد يكون هدف الجميّل فتح الباب لإمكان التعامل مع السلطة «على القطعة» بما يتناسب مع مصلحة حزبه وقد تكون نيته مد الجسور مع فئات إجتماعية جديدة خارج الاصطفافات التقليدية ليستقطب جمهوراً «شبابياً» يعيد إلى الحزب بعض ما خسره نتيجة التحالفات المستجدة.

يقول عضو المكتب السياسي في حزب «الكتائب» سيرج داغر إن الحزب ثابت على مواقفه وهي ما تفرض عليه الذهاب إلى المعارضة والموالاة. ويلفت إلى «أننا أصبحنا غير مقتنعين بآليات العمل السياسي في لبنان»، نافياً ان يكون حزبه «يعارض فقط للمعارضة» فهو «لن يكون معارضاً لرئيس الجمهورية أو الحكومة بالمعنى التقليدي بل أكثر من ذلك سنعمل على تكوين جبهة جدية ومنظمة لمراقبة الأداء الحكومي فنثني على العمل الإيجابي والفعال ونسلط الضوء ونطرح البدائل عندما نشعر بالتقصير أو سوء الإدارة».

لا ينزعج «الكتائبي» الشاب عند وصف «أحلام» حزبه بـ«المستحيلة» والبعيدة عن الواقع البراغماتي للعمل السياسي في لبنان، بل العكس، يرى أن «فئة كبيرة من المواطنين تريد تغييراً في طريقة إدارة البلاد، وما الانتخابات البلدية الأخيرة في بيروت(فوز المجتمع المدني بنسبة كبيرة من الأصوات) سوى دليل على ذلك». يضيف: «نحن اليوم نريد تقديم تجربة جديدة. نريد إعطاء بديل للكثير من اللبنانيين الذين يرون أن طريقة ممارسة الطبقة الحالية للسلطة لا تشبههم».

لا يخفي داغر المخاطرة التي يتخذها حزبه بالعبور «من الممارسة السياسية التقليدية القائمة على الزبائنية إلى مرحلة بناء الدولة القوية والمؤسسات القادرة»، يقول بثقة:« نعم هناك خطر على وجودنا السياسي، فإذا أراد الشعب اللبناني الاستمرار بمبدأ الواقعية السياسية وغض النظر، التي أوصلت البلاد إلى الخراب، فهذا خياره، أما إذا اراد التجديد في الطبقة السياسية فنحن نريد أن نكون من يقدّم البديل».

يحاول «الكتائب» من خلال مخاطبة هواجس «الأكثرية الصامتة» الفوز بجزء منها. فهؤلاء من غير المنضوين في الأحزاب التقليدية ويتأثرون إلى حد كبير بالمطالب العملية التي تنعكس على حياتهم اليومية. ظهر هذا المسار جلياً بعد المصالحة المسيحية – المسيحية التي خلطت التحالفات بين قوى «14 آذار» و«8 آذار». أدرك «الكتائب» أنه ينافس هذا التحالف العريض على «الطبق» ذاته كما أدرك النوايا المبطنة لدى بعض «الأصدقاء» تجاهه. يقول داغر إن «الحزب منفتح على الجميع خصوصا أطراف المصالحة المسيحية لكن اذا شعرنا أن هناك منحى اقصائياً فسنتعامل معه من موقع الخصومة». وعن امكانية التحالف في الانتخابات النيابية المقبلة يشير إلى أن « كل خياراتنا مفتوحة من التحالف مع الأحزاب الموجودة إلى التحالف مع المجتمع المدني وسنتعاطى مع الثنائي المسيحي على القطعة».

«لسنا مع مقاطعة حزب الله لكن حوارنا معه لم يتقدم بسبب انخراط الحزب في الحرب السورية وعدم قدرته على تقديم تنازلات في موضوع السيادة»، هكذا يصف داغر العلاقة مع الحزب. ويؤكد أن «الكتائب لم ولن يقطع الحوار مع حزب الله لكن نحن على موقفنا في ما خص الثوابت السيادية وهم على موقفهم بالإنخراط في الموضوع الإقليمي ولا وجهة نظر ولا واقعية سياسية في السيادة».

لا شك في ان القيادة «الكتائبية» الحالية تحاول تظهير صورة عصرية لحزب «الله – الوطن – العائلة» من خلال الأداء الديناميكي في كيفية طرح الملفات ومعالجتها. فهل يكسب الحزب الرهان ويصبح قوة تفرض نفسها على الساحة السياسية من جديد أو يعود إلى «الجذور» ويتعاطى الشأن العام بميزان الربح والخسارة ؟.