IMLebanon

ماذا لو استقبل حسن نصرالله خليل الحيّة؟

 

في أول مقابلة له منذ إقالته في تشرين الثاني 2024، أفصح وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت في 12 شباط الجاري عن بعض أسرار الحرب في غزّة ولبنان، كما كشف عن كواليس اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصرالله. لكن الأهمّ هو ما أدلى به على هامش المقابلة ورفض نشره.

 

 

 

بالفعل، وفي حديث خارج سياق المقابلة، لم يتمّ تسجيله، أشار غالانت إلى أن الوسيط الإيراني المسؤول عن التنسيق ضمن محور المقاومة، والذي كان ينتمي إلى فيلق القدس، هو من عرض على حسن نصرالله خطّة تدمير إسرائيل من عدة محاور، الأمر الذي وصفه الأمين العام بأنه جدير بالاعتبار. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن هذا الاجتماع جرى ضمن مفاوضات امتدّت ما بين عامي 2021 و2022، وقد تم تأكيده بعد اكتشاف محاضر اجتماعات حماس السرّية على جهاز كمبيوتر عثر عليه الجنود الإسرائيليون في أواخر كانون الثاني 2024، أثناء تفتيش مركز قيادة تحت الأرض تابع للحركة في خان يونس.

 

 

 

ووفقاً لهذه المحاضر التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز في 12 تشرين الأول 2024، كانت “حماس” قد خطّطت للقيام بالهجوم في خريف عام 2022، لكنها أرجأت التنفيذ في محاولة لإقناع إيران و”حزب الله” بالمشاركة في العملية، وذلك بهدف عرقلة جهود تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. لكن قبل الوصول إلى تاريخ 7 أكتوبر، كانت هناك مفاوضات جارية بين إسرائيل و”حماس” بشأن إطلاق سراح رهائن سبق أن احتجزتهم الحركة. وقد سعى قادة “حماس” إلى استغلال تلك المفاوضات لِخداع الإسرائيليين بشأن نواياهم الحقيقية.

 

 

 

في تلك الفترة، وضمن هذا السياق، قدّمت إحدى الدول المعنية بتبادل الأسرى إقتراحاً من “حماس” إلى الجانب الإسرائيلي، مفاده أن الحركة مُستعدّة لإبرام الصفقة، لكن بشرط السماح ليحيى السنوار، زعيم “حماس”، بالسفر إلى الخارج لحضور بعض الاجتماعات. لاحقاً، اتّضح أن “حماس” أرادت إبلاغ حسن نصر الله بقرب وقوع الهجوم على إسرائيل. بالتالي، أُرسل هذا الطلب إلى وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، يوآف غالانت، الذي كان عليه اتّخاذ قرار بشأن السماح للسنوار بالعودة إلى غزّة أم لا. في ذلك الوقت، كانت تقديرات شعبة الاستخبارات الإسرائيلية تُشير إلى أن “حماس” تسعى بالفعل إلى استقرار طويل الأمد في غزّة، وبالتالي ينبغي ضمان عودة السنوار إلى القطاع.

 

 

 

لكن غالانت رفض الطلب رفضاً قاطعاً، مما دفع “حماس” إلى إرسال خليل الحيّة، نائب السنوار، إلى بيروت لإبلاغ نصر الله بِنيّة الحركة تنفيذ الهجوم على إسرائيل، وذلك خلال الاحتفال برأس السنة العبرية، أي في منتصف أيلول 2023. إلا أن ما لم يؤخذ في الحسبان هو أن يرفض نصر الله مقابلة خليل الحيّة، بسبب عدم كونه مسؤولًا رفيع المستوى، فتجاهل زيارته بكل بساطة.

 

عندئذ، ووفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، ناقش خليل الحيّة في تموز 2023 خطط الهجوم مع القائد الإيراني محمد سعيد إيزادي، أحد كبار قادة الحرس الثوري الإيراني، الذي كان مقيماً في لبنان ومشرفاً على علاقات طهران مع الجماعات الفلسطينية المسلّحة.

 

بمعنى آخر، لم يتلقَّ حسن نصر الله أي معلومات مباشرة من مسؤول في “حماس” بشأن هجوم 7 أكتوبر، بل كان فقط على علم بالخطة الإجمالية التي تمّ الإتفاق عليها ضمن محور الممانعة.

 

 

 

ماذا يمكننا أن نستخلص من كل ما سبق؟

 

لو استقبل حسن نصر الله خليل الحيّة، لكانت إسرائيل قد علمت بعملية طوفان الأقصى واتخذت الإجراءات الضرورية لتعطيلها. كيف لا، وقد انكشف مدى عمق وتطوّر اختراق الاستخبارات الإسرائيلية لـ”حزب الله”، وهو اختراق أتى كجزء من استراتيجية طويلة الأمد. فإضافةً إلى تجنيد الموساد مصادر من داخل “حزب الله” لتقديم معلومات استخباراتية مفصّلة عن أنشطة قادته، نجحت إسرائيل في زرع أجهزة تنصت في مخابئه، ومراقبة اجتماعاته السرّية.

 

بالتالي، لو استقبل نصر الله الحيّة، لكان التاريخ قد اتّخذ مجرًى آخر، ولربما مراسم التشييع لم تكن لتحصل، ولربما أيضاً فكّر أنصار “حزب الله” مرّتين قبل اتّهام اللبنانيين الآخرين بـ”العمالة لإسرائيل”.