IMLebanon

رفض خامنئي أبعد من النووي!

قبل ثمانية أيام تدفقت مسيرات فرح عامرة الى شوارع طهران، واستقبل محمد جواد ظريف ورفاقه العائدين من لوزان استقبال الأبطال، بعد الاعلان عن التوصل الى اتفاق مع الدول الغربية على البرنامج النووي.

أمس ألقى المرشد علي خامنئي مياهاً باردة على الجماهير الايرانية وكذلك على باراك اوباما، الذي وصف الاتفاق بأنه “فرصة العمر”، عندما تنصّل من الاتفاق وأقول “تنصّل” لأنه لم يكن في وسع ظريف او حسن روحاني الموافقة على الاتفاق في ٢ من الجاري لو لم يكن خامنئي أعطاهما الضوء الأخضر!

ما الذي تغيّر لكي يدلي المرشد بتصريحه المفاجئ والصادم: “ان ما تم التوصل اليه حتى الآن لا يضمن لا الاتفاق بحد ذاته، ولا مضمونه، ولا مواصلة المفاوضات حتى النهاية… ان عدم وجود اتفاق يشرّف أكثر من اتفاق يلحق الضرر بمصالح الأمة وعظمتها”، ولم يكن في وسع روحاني سوى ان يعكس صدى صوت المرشد فيقول بدوره لا اتفاق ما لم ترفع كل العقوبات عن ايران فور التوقيع، اضافة الى التمسك بشروط تطاول التخصيب وعمليات التفتيش، وهذه شروط كفيلة بنسف الاتفاق من أساسه !

هل أعاد المرشد حساباته في ظل المؤشرات الداخلية التي انفجرت بمجرد الاعلان عن الاتفاق، والتي توحي بأن الانتقال من شعارات “الموت لأميركا” الى تظاهرات الابتهاج بطريقة من يقول “نموت بأميركا”، وهل أراد ان يضبط ايقاع حماسة الشارع الايراني الذي يتوق الى مرحلة من الانفتاح، وان يضع روزنامة كوابح تحول دون ان يتحوّل الانفتاح الذي سيأتي، خروجاً من الثورة وعلى الثورة، خصوصاً ان الثورة الخضراء المضادة موضوعة في الإقامة الجبرية وفي القمع لكنها حيّة ونابضة؟

أم أراد ان يخدم اوباما الذي سيواجه في ٢٤ من الجاري قطوعاً في الكونغرس من الجمهوريين والديموقراطيين قد ينسف الاتفاق، فجاء كلام الرافض استباقياً ومدروساً، ان لم يخدم اوباما عبر الايحاء بأن الاتفاق صلب بدليل رفص خامنئي له، فانه يخدم خامنئي عبر أسبقية رفضه !

ثم انه لا مانع لدى خامنئي من القرع بالهراوات الغليظة على أبواب البيت الأبيض، احتجاجاً على تصريح جون كيري الذي قال: “نحن قلقون مما يحدث في اليمن وهناك امدادات جوية من الأسلحة الايرانية تصل تباعاً الى الحوثيين، ونحن نتعقب هذه الرحلات ولن نقف مكتوفين امام ما يزعزع المنطقة، وسنقف الى جانب أصدقائنا الخليجيين لمواجهة أي تهديدات ايرانية”.

تداعيات الاتفاق وما يستجلبه من انفتاح تمثّل تهديداً داخلياً عميقاً لهيمنة النظام، وما يجري في اليمن بعد “عاصفة الحزم” يمثّل تهديداً خارجياً أهمّ وأعمق لأنه يرسم بداية النهاية للعربدة الإيرانية في المنطقة، بما سيهدد تالياً النظام الذي يمسك بالداخل بحجة توسّعه في الخارج !