IMLebanon

ملف المخطوفين ورقة ابتزاز وضغط في الحرب المفتوحة الحكومة تسعى إلى التهدئة وسحب فتيل الاحتقان

بعد إعدام الرقيب الشهيد علي البزال على يد تنظيم “جبهة النصرة” أي أمل، على ضآلته، بإمكان التوصل الى تفاوض مجدٍ مع هذا التنظيم الإرهابي حيال مصير العسكريين المخطوفين لديه.

بدا ان الإعلان عن التفاوض المباشر مع الخاطفين، أحبط في مهده في ظل حرص لدى المسلحين على إسقاط أي عنصر من عناصر القوة التي يمكن الحكومة ان تمتلكها وتعزز من خلالها موقعها التفاوضي، حتى وإن تعلق الأمر بزوجات المسؤولين الموقوفات لدى مخابرات الجيش.

لا تقلل مصادر سياسية مواكبة لهذا الملف من أهمية المبررات التي أدرجت في خانتها عملية الإعدام. كتحميل الحكومة مسؤولية الكشف عن توقيف سجى الدليمي وعلا عقيلي، وتسريب ذلك الى الإعلام، متسائلة عن أسباب كشف عملية الاعتقال تلك والمصلحة الكامنة وراء ذلك، مشيرة الى ان الكشف عن وجود الدليمي وعقيلي لدى مخابرات الجيش حوّل عملية التفاوض عن مسارها ووضع ابناء بلدة عرسال رهينة. لا تخفي المصادر قلقها الشديد من السباق الجاري لتوريط البلاد في ظل الأجواء المشحونة مذهبياً والتي تهدد بالانفجار في أي لحظة إذا خرجت الأمور عن السيطرة، لافتة الى عدم جواز استغلال اللبنانيين في المواجهة القائمة، ومستشهداً بالآية القرآنية القائلة ” ولا تزر وازرة وزر أخرى”.

وهي اذ لا تقلل من إعتبار إعدام الشهيد البزال يصب في إطار ردة فعل على توقيف المرأتين، يبقى في رأيها، من حيث اهدافه وأبعاده أكبر من مجرد رد فعل ضيق الأفق.

وتعزو المصادر كلامها إلى ان عملية خطف العسكريين لم تعد محصورة بمقايضة يجريها المسلحون على عدد من موقوفيهم في سجن رومية أو في سوريا، بل باتت عملية ابتزاز وورقة ضغط يستعملونها في حربهم المفتوحة ضد الجيش. وهي لن تتوقف بمجرد الإفراج عن هؤلاء في مقابل إطلاق العسكريين، بل ستجد لها منافذ أخرى تبقي السيف مصلتاً على رقبة الأجهزة العسكرية والأمنية.

وفي رأي المصادر، ان تنظيمي “داعش” و”النصرة” يعوّلان على ضيق الخيارات المتاحة امام الحكومة ولا سيما في مسألة الحسم العسكري، رغم ان شروطه باتت متوافرة لدى المؤسسة العسكرية، إن بفعل  الافراج عن الهبة السعودية لتسليحه وتجهيزه، أو بسبب ظروف الشتاء التي تشكل عاملا ضاغطا سيدفع المسلحين الى التوجه نزولا. ذلك ان دون الحسم العسكري صعوبات وعقبات لا تزال تحول دون اعتماده خيارا كفيلا بوقف الابتزاز الإرهابي، ولحفظ هيبة الدولة ومؤسساتها بعد الاستهدافات المتكررة لها.

وما التسريبات التي حصلت أخيرا وشلّت قدرات الحكومة التفاوضية إلا الدليل على ما يعنيه التشرذم والاصطفاف الحزبي والسياسي داخل مؤسسات الدولة.

ربما جاءت دماء الشهيد البزال لتروي ظمأ المتعطشين لتغذية الاحتقان وسيلة لإبقاء البلاد ساحة مفتوحة، وهو الأمر الذي إستدركته الحكومة أخيراً ، بحيث إعتصمت بصمت مطبق حيال القرارات التي ناقشتها خلية الأزمة في إجتماعها الأخير اول من امس في السرايا الحكومية، فتعذر الاطلاع على التوجهات التي تنوي إعتمادها في تعاملها مع ملف العسكريين في شكل خاص ومع ملف الارهاب المتمدد عبر الحدود في شكل عام.

لكن ما بدا أكيدا ان الأولوية اليوم لدى الحكومة تتركز على ضرورة تنفيس الاحتقان ووأد مشاعر الغضب المغذي للفتنة، تمهيدا لإستعادة زمام المبادرة والتروي والتهدئة في معالجة كرة النار المرمية في يدها. وهذا يتطلب في رأي المصادر حصر ملف العسكريين في يد خلية الأزمة دون أي تدخل من أي جهاز او مؤسسة أخرى ، وهو الأمر الذي نوقش جديا في اجتماع الخلية أخيراً.