IMLebanon

كيم الثوري «المتخاذل».. خامنئي الثوري «الصلب»

 

كيم جونغ أون تخاذل أمام الرئيس دونالد ترامب وساوم ووقع لأنه «ثوري شيوعي». أما لو كان «ثورياً إسلامياً مثل آية الله علي خامنئي فإنه لا يساوم» وبالتالي لا يتنازل.. هذا رأي وموقف قائد الحرس الجنرال محمد جعفري. بهذه البساطة تم إسقاط الزعيم الكوري الشمالي الحليف الأول أباً عن جَد من الثوري العنيف والمتصلب إلى الزعيم المتخاذل. أغفل خامنئي وجعفري أمراً مهماً أنه بعد حصار استمر سبعة عقود مات خلالها عشرات الألوف من الكوريين الشماليين من الجوع والحرمان، في حين إخوتهم في كوريا الجنوبية يرقصون ويتنعمون بمداخيلهم وتقدم صناعتهم، وأن كيم نفسه عرف كيف يعيش الآخرون في العالم، فلماذا سيتابع العناد والتهديد بالزر النووي الذي يعرف جيداً أنه لن يضغط عليه لأن ذلك يعني فناء شعبه وهو..

 

الجنرال جعفري يريد أن يتابع مرشده تصلّبه حتى يستمر مع الجنرال قاسم سليماني مغامرة غزو العواصم العربية باسم دعم المقاومة، وفي صلب هذه السياسة متابعة صناعة الصواريخ وتصديرها إلى اليمن وحيث يمكن. مشكلة جعفري وقاسمي ومن يقف معهما من جنرالات الحرس أن توقيع كيم مع ترامب لن يحرمهم التعاون النووي فقط، وإنما الأهم والمُلحّ التعاون الصاروخي لأنه كما يبدو وكما أوردت بعض وسائل الإعلام الأميركية، أن ترامب طلب من كيم وقف هذا التعاون مع طهران، ولا شك أنه عاجلاً أو آجلاً سينفّذه لأنه متى بدأت «كرة الثلج» بالتدحرج لا يمكن وقف تدحرجها ببساطة.

 

ما يقلق المرشد خامنئي و«رجاله» من «الرياح الساخنة» التي هبت من سنغافورة عند التوقيع على الاتفاق بين ترامب وكيم، أن الأجواء الداخلية في إيران تدفع باتجاه ملاقاة التوجه نحو الانفتاح والتخفيف من نفقات التصنيع الصاروخي. ما كشف عن الصدام العلني الذي وقع بين الرئيس حسن روحاني والجنرال قاسم سليماني بعد مطالبة الثاني بعدم تخفيف ميزانية الحرس وزيادتها، وأن الرئيس روحاني قد رد بغضب على الجنرال لأن الميزانية لا تحتمل اي إنفاقات إضافية. ما دعم روحاني أن الضغوط المالية والعقوبات المتزايدة والقادمة سترفع منسوب الحاجة إلى كل ريال.

 

أيضاً وهو الأهم، أن مائة شخصية إيرانية وقّعوا على رسالة موجهة إلى المرشد خامنئي طالبوا فيها بفتح الحوار مع واشنطن، وبالتالي التفاوض مع الرئيس الأميركي ترامب. اللافت في هذه الحادثة أن من كشف عنها من موقع الرفض إثنان من أقرب المقربين لخامنئي. الأول الجنرال جعفري، والثاني الدكتور علي ولايتي الذي ذهب بعيداً في إدانة المائة شخصية ومنهم عيسى سحرفيز وجميلة كاديفار زوجة الوزير السابق مهاجراني ومحسن كاديفار.. فقال: «قضت الرسالة على حياة الموقعين السياسية. إنها رسالة خضوع واستسلام. وبعض الموقعين كان يتبع أوامر أجنبية».

 

الكشف عن الرسالة قد يكون من باب الرفض والتشدد. لكن يرى متابعون للخطاب الخامنئي أن الهدف من التسريب هو التحضير للتنازل باتجاه الحوار مع ترامب، لأنه من الصعب بعد الآن زيادة الضغوط على الإيرانيين، بعد التدهور الاقتصادي القابل للتزايد خصوصاً متى نفذت جميع بنود المقاطعة والحصار التي يريد ترامب تنفيذها. وما يرفع من منسوب هذه القراءة العودة إلى طرح موقف للمرشد خامنئي بواسطة النائب المتشدد أبو الفضل الترابي: «إن الأسلوب الأفضل لحل المشكلة الفلسطينية هو في إجراء استفتاء لسكان فلسطين الأصليين قبل تأسيس الكيان الصهيوني ليقرروا مصيرهم وتحديد مصير أرضهم». ولا شك أن العقيد معمر القذافي يضحك الآن في قبره إذا عرف بهذا الاقتراح الذي قال ما يشبهه واعتبر يومها أنه مجنون لاستحالته؛ إذ كيف سيقبل الإسرائيليون بهذا الاقتراح الذي يلغي كيانهم؟

 

مثل هذا التوجه هو إلغاء مباشر لتحرير فلسطين والمقاومة… فلماذا اذن التصنيع النووي والصاروخي والإنفاقات العسكرية التي دفعت نحو تحول الشعب الايراني إلى ما يشبه حالة الشعوب السّوفياتية الذين وقفت بلادهم الاتحاد السوفياتي في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية وغزت الفضاء وافتقدوا أبسط حاجات العيش البسيط؟