IMLebanon

الفرصة الأخيرة

 

 

موشّح «الفرصة الأخيرة» عزف يومي ومتواصل يتردّد ليل نهار على مسمع اللبنانيين، آخر عازفي «نوتة» الفرصة الأخيرة كان النائب السابق وليد بك جنبلاط ومن على باب عين التينة، تكرار الحديث عن «كيفية الخروج من المأزق الاقتصادي» قضّ مضاجع اللبنانيّين، ترشيد الإنفاق أو خفض الإنفاق يطرح حوله اللبنانيّون ألف علامة استفهام، بالكاد يعيش اللبنانيّون على ضفاف حافة الفقر، فماذا بعد؟

 

يسمع اللبنانيّون «استعلاءً» من نوع «تخفيض الراتب» أو «ما في راتب»، ماذا يخطّطون بعد للقضاء على ما تبقّى من قدرة المواطن على الاستمرار، بالطبع لا يجب أن تمر مخاوف أن يصيبنا ما أصاب اليونان مرور الكرام، محاولات الطمأنة التي يجري بثّها هنا وهناك ليست أكثر من محاولات تسكين مخاوف جديّة تعصف بأذهان اللبنانيّين ويتمسكون بصمتهم لأنهم لا يملكون سوى التزام الصمت وهم يتابعون «أنشودة» الفرصة الأخيرة!

 

السؤال الذي يفرض نفسه، هل تدرك الحكومة اللبنانيّة أنّ المواطن لم يعد يتحمل المزيد من الضغوط المعيشيّة، قد يكون اللبناني المواطن الوحيد في العالم الذي يدفع لخزينة الدولة وبشكل غير عادل ضرائب عالية من دون أن يحصل على الحدّ الأدنى من التقديمات التي يتوجب على الدولة أن تقدّمها له، ولا تجد هذه الدولة سوى «جيبة» المواطن لممارسة المزيد من «التشليح» متجاهلة الأرقام «الفلكيّة» التي يتقاضاها الوزراء والنواب والتي تغطي عجزاً كبيراً من «النفقات» التي يجري الحديث عن ترشيدها!

 

هذه «الفرصة الأخيرة»، هي أخيرة ولكن ليس للمواطن اللبناني، بل لهذا الطقم السياسي الخبيث المتورّط بأكبر عمليّة نهب منظّم لأموال الشعب اللبناني منذ انتهاء الحرب اللبنانيّة، لا يستطيع نفس الطقم السياسي الذي تصرف طوال ربع قرن على طريقة المافيا المنظمة وراكم ثروات بمليارات الدولارات لتوريثها لأبنائه أن ينظّر على الشعب اللبناني بـ»الفرصة الأخيرة»، حان الوقت لوضع نقطة على سطر هذه المهزلة، وللمناسبة المواطن الذي لا يملك حتى راتبه وهو بالكاد يغطي الحدّ الأدنى من تكاليف وأعباء الحياة لا يخاف الانهيار الاقتصادي حاله في ذلك حال القائل «أنا الغريق فما خوفي من البلل»، المواطن «مفلس» وهو بالكاد يكفي احتياجاته، فما الذي سيخيفه في حال قيل له ليل نهار «الوضع الاقتصادي سينهار»، أساساً وضع المواطن اللبناني في حال انهيار!

 

لم يسمع هذا المواطن بأنّ وزيراً أو نائباً أو واحداً من هؤلاء الذين نهبوا البلاد منذ تسعينات القرن الماضي وحتى اليوم قرروا أن يتبرعوا براتب شهر، أو بـ 1 % من ثرواتهم المكدّسة لسد عجز الموازنة، ومن حيث يعلم أو لا يعلم هؤلاء يوشك أن تنفجر ثورة في وجه الجميع يدفع فيها الذين نهبوا ثروات الشعب اللبناني أثماناً باهظة جداً.

 

كلّ «الثرثرة» عن الإصلاح و»الفساد» هي ملهاة حقيقيّة لصرف نظر اللبنانيّين عن الواقع الاقتصادي المخيف الذي يوشك أن يودي بالبلاد، ولن تجد الحكومة في الأيام المقبلة ما تستطيع أن تشغل به الشعب اللبناني عن الواقع المأساوي الذي بلغته البلاد، هذه دولة مفلسة أخلاقياً وسياسياً منذ زمن بعيد، حان الوقت لتصبح مفلسة إقتصادياً، هذا البناء اللبناني الفاسد «المفوخر» لن تصل البلاد إلى أي إصلاح إلا إذا هدمت هذا البناء الموشك على الانهيار وإعادة بنائه من جديد ومن أساساته.