IMLebanon

زعيم يعمّر وزعيم يدمّر  

 

 

في هذه الأيام الصعبة التي يمر بها الشعب اللبناني على جميع الأصعدة وبالأخص على الصعيد الاقتصادي والمالي لا بد أن نتذكر شهيد لبنان الكبير الرئيس رفيق الحريري الذي كانت أيامه خيراً وبحبوحة على الشعب اللبناني بأكمله.

 

وأيضاً يجب أن نعترف بأنّ الأزمة المالية التي يعاني منها اللبنانيون جميعاً، ولأول مرة في تاريخ لبنان يعاني القطاع المصرفي أزمة شديدة، وكان مضطراً أن يسلّف الدولة بشرائه سندات الخزينة لكي تدفع رواتب الموظفين وغيرها من النفقات، فإذا بالبنوك في حالة جمود منذ 4 أشهر.

 

ما دفعني الى قول ما تقدّم موازاة بالأزمة المالية الخانقة هو مناسبة ذكرى شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري وكيف كان اللبنانيون يتمتعون بالبحبوحة وبوضع مالي ممتاز.

 

وتحضرني هذه القصة بيني وبين الشهيد الكبير كان ذلك عام 1998 وكنا نتمشى في حديقة منزل الشهيد فقال لي: شوف يا عوني البنية التحتية والمطار والمدينة الرياضية والأنفاق والاوتوسترادات كل هذا كلفنا خمسة مليارات دولار… وفي هذا الوقت فإنّ ابني سعد وخلال خمس سنوات في السعودية استطاع أن يحصل على مشاريع بقيمة عشرة مليارات دولار، وأنا مبسوط بوصول العماد إميل لحود الى سدّة الرئاسة لأنني أملك مشروعاً بتأسيس شركة خلوي ثالثة وبيعها بطريقة B.O.T هي والشركتان الموحدتان وأستطيع أن أحصل على أكثر من خمسة مليارات دولار أسدّد بها الدين، وبعد بضع سنوات يعود هذا القطاع بالكامل للدولة… كما حدث في بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت مفلسة وبحاجة الى مال فاستعملت هذه الطريقة وأنقذ الاقتصاد البريطاني، عظيم جداً، إن شاء الله خيراً.

 

ماذا حدث؟ عندما تسلم الرئيس الأسبق إميل لحود الحكم، وفي اجتماع بينه وبين الرئيس الحريري اتهم الرئيس لحود الرئيس الحريري بأنه يستفيد من الخلوي، فقال له الرئيس الحريري سنلغي الاتفاق مع الشركتين إذا كان هذا ما تريد… وهذا ما حصل فعلاً، فترتب على الدولة اللبنانية أن تدفع 400 مليون دولار للشركتين، وقال لي في ذلك الحين أحد أصحاب الشركة إنّهم تقاضوا 200 مليون دولار ظلماً وبهتاناً، وآنه يشعر أنه لا يستحق هذا المبلغ ولكن شروط العقد تفرضه.

 

بالإختصار، ذكاء وفطنة الرئيس لحود كبّدا لبنان 400 مليون دولار، ولا حاجة لكي نقول ماذا حدث في أيام إميل لحود وكيف بدأ الدين يتزايد؟ إذ لم يكن من حل لأي مشكلة إقتصادية خصوصاً الكهرباء… وذلك نكاية بالشهيد!

 

وهنا أيضاً أتذكر بعد جريمة اغتيال شهيد لبنان أنه كان حاجزاً كبيراً بوجه المشروع الفارسي وادعاء القادة الفرس انهم يسيطرون على 4 عواصم عربية…

 

عندما تسلم الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة كان الناتج القومي 9٪، وبينما هو ينتظر في صالون البيت الأبيض ليستقبله الرئيس أوباما قدّم الوزير جبران باسيل إستقالته مع عدد من الوزراء لإسقاط الحكومة وبعدها تراجع النمو الى صفر…

 

لا أريد أن أطيل أكثر في هذه الذكرى الأليمة على قلوب اللبنانيين الشرفاء إلاّ أن نقول إنّ هناك زعماء يعمّرون وزعماء يدمّرون، وهنا لا بد من أن نتذكر كيف دمرت بيروت في ثلاث حروب أيام ميشال عون عامي 88 و89 وبين ما يجري اليوم من تدمير للإقتصاد اللبناني وأين وصلنا! يكفي أنّ المواطن يقف ساعات أمام البنوك ليحصل على 200 دولار في هذه الأيام.