IMLebanon

إعترافات لبنانيّة  

 

تنظر العائلات اللبنانيّة اليوم إلى أبنائها وتنصحهم بأن تكون الهجرة هدفهم لتأمين وطنٍ بديل ومستقبل أفضل، لأنّ لبنان لا مستقبل فيه، قالت لي إحدى الزميلات من أبناء جيلي الذين أضاعوا هذه الفرصة، صدّقنا مرّة أنّنا من واجبنا البقاء لأن هناك الكثير ليربطنا بلبنان وبدفاعنا عنه وتبنّي قضاياه المصيريّة وحقّه في العيش سيّداً حُرّاً مستقلاً، لكنّنا وبعد اندلاع حرب الخليج الثانية مع اجتياح صدّام حسين للكويت أدركنا أنّ الحرب اللبنانيّة وضعت أوزارها، ولكنّ الثمن الباهظ  دفعناه عندما قدّمت أميركا والعرب لبنان لقمة سائغة للنظام السوري مقابل مئة جندي يشاركون رمزياً في ما أطلق عليه «عاصفة الصحراء»!!

 

نحن نعيش لحظة صعبة والمنطقة لا تزال على حافّة تغيير في خارطتها وحتى الساعة لا نعرف موقع لبنان على هذه الخارطة ومصيره، ومع هذا يجد أركان الدولة وطاقمها السياسي أنه من المفيد أن نضحك على الناس ونُكرّر مشهد حكايات حكومات «الوحدة الوطنية» و»الوفاق الوطني» و»الاتحاد الوطني» و»إنقاذ لبنان»،  فيما نحن في الحقيقة بتنا على يقين أننا عاجزون عن تأليف حكومة، والتهم تتطاير من فوق رؤوس اللبنانيين ينظر اللبنانيون إلى الحكومات المتتالية بريبة كبرى، يعتبرها حكومات تمتص آخر قطرات في الجسد اللبناني المنهك، من ابتلاع حصص و»نهب أصيل ومستمر» لثروات لبنان!!

العجز في المشهد اللبناني مخيف، وعلينا أن نعترف أن لبنانيين كثر يتمنون لأبنائهم «أن ينفدوا بجلدهم فقط» من هذا الوطن الذي تسكنه «عفاريت» الشرق الأوسط والخليج وإيران، والذي لا يعلم حتى الآن في فم من سيبتلع لقمة سائغة، وإذا أردنا أن نتحدّث بموضوعيّة وصدق مع بعضنا البعض، علينا الاعتراف بأننا لسنا دولة، وأن الدويلات تتالت على دولتنا وسلبتها هيبتها وقدرتها، وأننا نعيش في وطن أسهل الأمور فيه إشعال «فتن» متنقّلة، وانّ مصيرنا كشعب وكوطن ليس تحت قبة البرلمان، وليس في السراي الحكومة وليس على طاولة حوار في أي مكان انعقدت، مصير لبنان رهنٌ بالعقدة الإيرانية التي لا حلّ لها، ورهنٌ بولاءات أفرقاء لبنانيين وإخلاصهم للنظام السوري ورغبتهم في إعادته من النافذة بعدما أخرجناه من الباب!

حان الوقت لنتحدّث كلبنانيين بواقعيّة مع بعضنا البعض، وان نكفّ عن «التكاذب» و»التجاذب» وتمرير الوقت بصراعات هامشيّة تستنفد ما تبقّى من طاقة الشعب اللبناني على الاستمرار، والخروج من دائرة اليأس والإحباط من لبنان ودولته وسياسيّيه، والنّدم على عدم مغادرة لبنان هجرةً عندما سنحت هذه الفرصة للذين اختاروا البقاء…

ربما علينا أن نذكّر هؤلاء «المستقتلين» لزجّ لبنان في علاقة مع قاتل سفاح كبشار الأسد بما قاله الرئيس السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي أفرايم هاليفي الذي وصف «قاتل» الشعب السوري بشار الأسد بقوله: «بشار الأسد هو رجل تل أبيب في دمشق»، وهنا نحيلهم على مقاله الذي نشرته مجلة «فورين أفيرز» الأميركية تحت عنوان «رجل إسرائيل في دمشق»!

نحن نعيش مواجهة حقيقيّة ومستمرّة لمحاولات سيطرة إيرانية وسوريّة التي لا تكلّ ولا تملّ من عزمها على إحكام السيطرة على لبنان، وكثيرٌ من وجوه وأذناب النظام السوري يحلمون بأن يعودوا إلى لبنان لـ «تأديبنا»..»ما فشرتو»!

ميرفت سيوفي