IMLebanon

هل تهز الهزة الطبيعية ضمير السياسيين

 

يعيش لبنان اهتزازًا سياسيًا مقلقًا مع تعثر انتخاب رئيس للبلاد بعد تقاعد رئيس اوجب انتخابه انقضاء سنتين ونصف منذ 2014 وحتى 2016 ومن بعد انتخابه وبسبب توجهاته النفسية واجه هو وفريقه السياسي لبنان بفترة اهتزاز للمواقف وابتعاد عن العقلانية وتقبل مختلف اوجه التبديد للثروات والآمال وشهد لبنان فترة نزوح مستمرة تستقطب اصحاب الكفاءات الى الخارج، وخاصة منها بلدان الخليج العربي التي تركز الطاقات البشرية والعلمية والمادية على ارساء قواعد للاستقرار والعمل والعيش بنجاح وكفاية.

 

السنوات 2014 وحتى 2022 لم تشهد نموًا حقيقيًا في لبنان، وحتى الانتخابات النيابية التي اجريت في شهر حزيران المنصرم نتيجة جهود مضنية لوزير متميز عن العقم الذي ساد بعض وزارات الخدمات وخاصة منها انتاج وتوزيع الكهرباء بداية بزيادة طاقة الانتاج وبالتعاون مع شركات دولية لانتاج ادوات معامل الكهرباء الحديثة او تشغيل وتطوير شبكات بلدان سبقت لبنان بأجيال على صعيد الانتاج البشري، السياسي والصناعي والاقتصادي، ومن هذه البلدان فرنسا، والمانيا وزعماء البلدين اللذين اهتما باستعادة لبنان حيويته السابقة التي جعلت بعض القادة المتنورين يعتمدون سياسات لبنان الانفتاحية في الستينات وقد استجلب مناخ لبنان السياسي والاقتصادي زعماء دول وضعت برامج تعزز حريات استقطاب الاموال والنشاطات. فالشركات العالمية سواء منها المؤسسات المالية والمصرفية او التقنية كشركات البناء وتطوير الخدمات الصحية ومن المعجبين بالمناخ والانجاز اللبناني كان رئيس سنغافورة لي كوان يو الذي يعتبر ابو النهضة في بلده الذي اصبح من اهم البلدان العالمية على صعيد تشجيع الاعمال المصرفية التي منها مصارف تجارية واخرى لتداول الاسهم واستصدار السندات. وقد وفرت سنغافورة موقعًا فريدًا لاستقطاب الشركات العالمية واصبح معدل دخل الفرد في سنغافورة موازيًا بل متقدمًا على مستويات الاداء في ايطاليا وفرنسا، ومن بعد سنغافورة اعتمدت الصين على سياسات تشجع على الاستثمار وتطوير منشئات البنية التحتية ومنذ حوالى 3 سنوات اصبح انتاج الصين بتنوعه وجودته سببًا كي تصبح البلد الاهم لمستقبل الاقتصاد العالمي.

 

بالمقابل وخلال رئاسة كميل شمعون للبنان وسياساته الاقتصادية والقانونية الحكيمة والمتطورة لزمنها امتدت خطوط النفط من العراق عبر سوريا الى لبنان، ومن السعودية عبر الاردن والجولان الى لبنان، ونعم لبنان بإنتاج مصفاتين الاولى في طرابلس بطاقة 1.8 مليون طن من المشتقات سنويًا والثانية في الزهراني بطاقة مليون طن وحينما كان هنالك توجه لدى الشركتين الاميركيتين لزيادة طاقة مصفاة الزهراني باستيراد وتشغيل وحدة تسهم في زيادة انتاج البنزين وبنزين الطائرات، لكن مكان السياسة كان غير محسوم لصالح لبنان بسبب تعاظم تحريك الفئات الفلسطينية المسلحة واستمالت اهدافها بعض اللبنانيين ومن بعد توسع التصدي للوجود الفلسطيني المسلح خاصة بعد انجاز اتفاق القاهرة عام 1969 الذي سمح للقوات الفلسطينية الانطلاق لانجاز غارات على اسرائيل ادت بالفعل عام 1982 الى احتلال اسرائيل لبيروت وترحيل المقاتلين الفلسطينيين ومن ثم سيطرة السياسات السورية على التوجهات اللبنانية حتى عام 2000 تاريخ انسحاب اسرائيل من الجانب اللبناني بقرار من القيادة الاسرائيلية التي كانت اعلنت عن نيتها الانسحاب قبل ثلاثة اشهر من تحقيقه يوم 1/5/2000 اي منذ 22 سنة…فماذا فعلنا خلال تلك الفترة.

 

قرر رجل اسمه رفيق الحريري كان قد حقق نجاحًا كبيرًا في اعمال الانشاءات في السعودية على الطموح لإعادة بناء وسط بيروت على اسس حديثة، وبالفعل حقق هذه النتيجة، واصبح وسط بيروت من المناطق الحضرية المميزة، واستعاد نشاط الشركات التجارية اللبنانية، ونشاط المطار والمرفأ وشهد لبنان تطور شركات ذات امتداد دولي مثل شركة محمد زيدان لادارة الاسواق الحرة في المطارات، وشركة ابناء ميشال اده لقياس اوضاع العملات واصبح لهذه الشركة فروع من موسكو الى بكين عبورًا بنيويورك، ولندن وباريس وبيروت واصبحت شركة موريكس تعتبر من الشركات العالمية التي تضاهي خدماتها في مجالات الاسواق وتبادل السندات الشركات العالمية.

 

اواخر عهد كميل شمعون وبداية ترأس شارل حلو للرئاسة وتوسع انزلاق لبنان في فوضوية ومأساة مجابهة اللبنانيين للقوات الفلسطينية بدأ لبنان يفقد بريقه للمستثمرين من غير اللبنانيين، وربما الاشارة الى ان البنوك الدولية كانت متمثلة اما بمشاركات مع اطراف لبنانيين او عبر مكاتب تمثيلية وقد بلغ عدد المشاركات المصرفية الاجنبية 76 مصرفًا واليوم مجمل عدد المصارف لا يتجاوز ال61 ومنها بضعة مصارف مستمرة بأموال المودعين احتجزت من قبل المصارف والتي تتوافر بتنقيط لا يمكن ان يسهم في تنشيط الدورة الاقتصادية.

 

اليوم نبحث في تشريع نظام ضبط التحويلات من والى لبنان وقد بين خبير لبناني اقتصادي في مقال ظهر في مطبوعة رمزي الحافظ بالإنجليزية ان اقرار هكذا مشروع يمهد للإشاحة عن الاهتمام بلبنان، وتردد اللبنانيين من الاثرياء في تحويلات لاعمال لهم في لبنان، وفقدان التميز الذي كان الصفة الرئيسية للبلد، ومشابهة النظام السوري الذي يعتاش على تهريب مشتقات النفط من لبنان وتحويلات المهجرين، وكل من يرغب منهم العودة الى سوريا عليه تامين 120 دولارًا للنظام السوري عن كل فرد من افراد عائلته.

 

لقد عددت في مقالات متعددة وفي كتيب صغير مجالات اعادة النشاط الى الاقتصاد اللبناني عبر تخصيص قطاع الكهرباء ومصادرة وتشغيل المولدات الخاصة التي تبلغ طاقتها 1600 ميغاواط واصبحت الالواح الزجاجية تؤمن 450 ميغاواط وبالإمكان استيراد الغاز من مصر والكهرباء من الاردن في حال اقدمنا على تخصيص قطاع الكهرباء وتكليف لجنة مستقلة بالإشراف على هذا التوجه الحيوي، واذا خصصنا قطاع الاتصالات واستقطبنا شركتين لاعادة اعمار المصافي انما بطاقة 8 ملايين طن سنويًا، واجرينا اعادة تحديث قواعد الادارة الحكومية، ووفرنا المناخ المشجع على السياحة والدراسة والاستشفاء في لبنان نكون على بداية استعادة القدرة على احياء الاقتصاد واستعادة الامل للبنان والحمد الله ان هزة الساعة 3:20 صباح يوم الاثنين لم تؤدي الى ضرر  كبير.