IMLebanon

ما هي أسباب قرار ماكرون استئناف مُهمّة موفده الخاص الى لبنان؟ لودريان الجديد بعد حرب غزة… مبادرة أبعد من الملف الرئاسي؟!!! 

 

 

ما هي الاسباب التي دفعت الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى الطلب من موفده الخاص جان ايف لودريان زيارة لبنان، واستئناف مهمته المتعلقة اساسا بالسعي الى انتخاب رئيس للجمهورية؟ المعطيات المتوافرة تفيد بان ملف الرئاسة اللبنانية، الذي جمد منذ فترة غير قصيرة لاسباب عديدة منها حرب غزة، لم يطرأ عليه اي تطور ايجابي يفتح الباب لانتخاب الرئيس.

 

فمنذ الزيارة الاخيرة للموفد الفرنسي للبنان، بقي هذا الملف يراوح مكانه لسببين اساسييين :

 

١-  الخلاف اللبناني – اللبناني حول هوية الرئيس، في ظل غياب الحوار الموسع بين القوى السياسية.

 

٢-  تباين وجهات النظر بين دول المجموعة الخماسية التي تولت متابعة هذا الملف، والسعي الى الدفع باتجاه معالجته.

 

وفي آخر زيارة له لبيروت، طرح لودريان اسئلة على الاطراف اللبنانية تتعلق بالمخارج الممكنة لهذه الازمة، وتمنى عليهم الاجابة عنها ليصار على اساسها الى مقاربة هذه القضية آملا في بلورة الحل.

 

ووفق المعلومات، لم تعط الاطراف اجوبة جديدة، لا بل اكدت على مواقفها السابقة من الاستحقاق. كما ان الموفد الفرنسي لم يطرح بدوره افكارا جديدة تساهم في تحريك جدي للملف الرئاسي، لكنه ركز في الوقت نفسه على الحوار للوصول الى حل يرضي الاطراف كافة.

 

وفسّرت المعارضة في حينه كلام لودريان بانه ينطوي على تخلي باريس عن مبادرتها السابقة، التي ترمي الى انتخاب سليمان فرنجية مقابل المجيء برئيس حكومة جديد محسوب على الفريق الاخر.

 

واعتبر الفريق المؤيد لفرنجية ان عدم تطرق لودريان الى الاسماء او الى اي صيغة بديلة، وتركيزه على الحوار والتوافق بين اللبنانيين، يتلاءم مع وجهة نظر الفريق المذكور، الذي طالما دعا الى طاولة حوار بمبادرة من الرئيس بري للتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية.

 

ومنذ ذلك الحين تجمد الملف الرئاسي عمليا، باستثناء حصول تحركات قطرية محدودة، تلخصت بمحاولة طرح قائد الجيش العماد جوزاف عون كمرشح خيار ثالث بين الفريق المؤيد لفرنجية والمعارضين له. ويقال ان الدوحة لمست صعوبة ترجيح او تحقيق هذا الخيار، فعمدت مؤخرا الى محاولة طرح اسم المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري كخيار ثالث، وهي تتحرك حاليا في هذا الاطار.

 

ويقول مصدر سياسي مطلع ان لا اسباب ظاهرة لمبادرة الرئيس ماكرون لايفاد موفده الخاص الى بيروت مجددا، وان الفكرة فاجأت الاوساط السياسية اللبنانية. ويضيف المصدر ان اختياره هذا التوقيت بالذات لاستئناف مهمة لودريان، لا يرتبط بحصول تطور ايجابي ملموس على صعيد المواقف الداخلية او الخارجية يتعلق بالملف الرئاسي، لكنه على الاغلب يرتبط برغبته في تجديد وتأكيد الدور الفرنسي باتجاه لبنان، خصوصا بعد ان اهتزت صورته عند بعض الاطراف اللبنانية، بسبب موقفه تجاه حرب غزة وانحيازه الى “إسرائيل” في البداية، قبل ان يجري تعديلا عليه بدعوته لوقف اطلاق النار.

 

ويرى المصدر ان باريس، وفق رصدها للتطورات الاخيرة، وجدت ان الوقت مناسب لكي تلتقط مبادرتها في لبنان مجددا، خصوصا بعد ان بدأ الحديث يتنامى اكثر فاكثر عن ضرورة الالتفات والاهتمام بالوضع اللبناني. ويرى ان الاهتمام الدولي بالوضع اللبناني اليوم مرتبط بالدرجة الاولى بالمخاوف المتزايدة من اشتعال الحرب على نطاق واسع بين لبنان والعدو الاسرائيلي، باعتبار ان حصول مثل هذا الامر من شأنه ان يشعل حربا اقليمية تتجاوز الحسابات والتوقعات.

 

وفي الاعتقاد ان فكرة ماكرون بايفاد لودريان الى لبنان تأخذ بعين الاعتبار ان اعادة تنشيط التواصل مع الاطراف اللبنانية حول الملف الرئاسي له فوائد عديدة منها : محاولة احداث خرق في ملف الرئاسة، وتقريب وتحسين فرصة انتخاب رئيس الجمهورية، وفتح الباب مباشرة في التخاطب مع القوى السياسية، لا سيما الفاعلة منها للتباحث في توفير مناخ لبناني ملائم للتعامل مع مرحلة ما بعد حرب غزة.

 

ويقول المصدر السياسي ان ماكرون انتهز الاجواء الاخيرة لاتخاذ قرار استئناف مهمة لودريان في لبنان، ليس من اجل تحريك الملف الرئاسي فحسب، بل سعيا الى محاولة تأدية الدور الفرنسي الذي برز بعد انفجار مرفأ بيروت وزيارات ماكرون الى لبنان.

 

ماذا يحمل لودريان؟ لم ترشح معلومات عن تفاصيل ما سيطرحه الموفد الفرنسي في زيارته لبيروت. لكن مصدرا نيابيا اجرى مؤخرا لقاءات مع مسؤولين فرنسيين يقول انه لا يحمل مبادرة جديدة، لكنه سينطلق مما انتهى اليه في زيارته السابقة، ومن المعطيات والمستجدات الاخيرة في المنطقة على وقع حرب غزة وتداعياتها.

 

ويضيف المصدر النيابي ان لودريان وبتوجيهات من الاليزيه سيتجنب الخوض في الاسماء او تسويق اسم معين على عكس ما يفعله القطريون. وسيركز على العناصر او الاسباب التي تفترض ان يتحمل اللبنانيون مسؤولياتهم في هذه الظروف العاصفة في المنطقة لانتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت ممكن، انطلاقا من ان حسم هذا الملف من شأنه ان يساهم في تحصين الوضع اللبناني تجاه التطورات المحتملة.

 

ويدرك لودريان، حسب المصدر، ان التهويل او التحذير من نتائج فتح جبهة لبنان مع اشتعال حرب غزة لم يعد اللغة المناسبة، بعد ان اخذت المعركة على هذه الجبهة مدى ملحوظا، وان مقاربة الوضع الراهن في المنطقة يجب ان تكون بطريقة اخرى تعتمد التخاطب المباشر والقريب مع الاطراف اللبنانية الفاعلة والمؤثرة، من منطلق الاخذ بعين الاعتبار تحصين لبنان ودوره في المرحلة المقبلة.

 

لذلك يعتقد المصدر ان مهمة لودريان ستأخذ بعين الاعتبار ان الدور الفرنسي في لبنان بحاجة الى كل الاطراف اللبنانية، وان نجاح مسعاه يحتاج الى غطاء لبناني بالاضافة الى غطاء يتجاوز دول المجموعة الخماسية.