IMLebanon

لبنان بين أمتيْن: «أمّة لبنان» و«أمّة إيران» (2)

في 27 كانون الثاني من العام 2015 نشر هذا المقال في هذا الهامش، منذ ذاك التاريخ بل منذ أحد عشر عاماً لم يتغيّر حرفٌ من قدر وقوعه تحت احتلال إيراني بالسلاح مع عجزٍ كاملٍ أصاب مؤسساته ومفاصله كلّها، واليوم؛ لم يعد هناك خيار أمام اللبنانيين إلا مواجهة حزب الله ومشاريعة بالكلمة وبالوقفة وبإضاءة شمعة سلام على نيّة خلاصنا من الشيطان الإيراني الذي تمكن من الجسد اللبناني الواهن!!

»ما زالت المنطقة في لحظة مواجهة حاسمة وفي مخاض عسير على أرض لبنان وسوريا و»الشام» بكلّ رمزيتها التاريخيّة في مواجهة «الكوفة»، هي لحظة تتواجه فيها «أمّتان»؛ «أمة إيران» و»الأمّة العربية والإسلاميّة»، ومع هذا لم يستدرك اللبنانيون هذه المرة أيضاً ـ وعلى جري عادتهم ـ فجعلوا «أمّة إيران» جزءاً من حكومة لبنان؟!

لبنان أو اللبنانيون، وهو اللفظ المُخْتلف عليه في البيان الوزاري، مع أنّ «الواقعة» عندما تقع، تقع على رؤوس اللبنانيين أجمعين سواء فيهم السابقون واللاحقون والمقرّبون وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال وأصحاب النعيم وأصحاب الجحيم، ومجدداً لبنان أمام لحظة اختار فيها السياسيون فيه أن نقع في نفس الحفرة «عشرات المرات»، منذ الوقوع في فخّ «الإسلامية» في مواجهة «الأمة العربيّة»، ثمّ «الأمة العربية» في مواجهة «الأمة الفينيقيّة»، ثمّ «الأمة اللبنانيّة» في «مواجهة «الأمة الفلسطينية»، ثم «الأمة السورية»، وحالياً المواجهة على أرض لبنان بين «الأمة العربية» و»الأمة الإيرانيّة»!!

وثمة سؤال يؤرقني لم أقع على إجابة له بعد، لم على فريق أو طائفة أو مذهب من اللبنانيين أن يربط مصير هذا الوطن بالأجندات الخارجية؟ حتى العودة إلى التاريخ الفينيقي تزيدك تأزماً عندما تجد الممالك الفينيقية الخمس مقسمّة ولا تتوحد إلا في وقت الخطر، وبالرغم من أن لبنان في عين الخطر منذ ذاك التاريخ إلا أن التوحّد بين أهله يبدو كأنه لحظة عابرة لا أكثر ولا أقلّ!!

ومنذ اخترع النظام السوري للبنان في القرن الماضي «بدعة سيئة» اسمها حكومة الوحدة الوطنية، أو حكومة «اتحاد وطني» وهذه الأيام أصبح اسمها «حكومة جامعة»، أو حكومة «مصلحة وطنية»، ومنذ اتفاق الطائف في العام 1990 هناك فريق واحد بل «طائفة واحدة» في لبنان تربط مصيره بـ»الوليّ الفقيه» في إيران وتحتفظ بسلاح إيراني، بات اليوم ترسانة تفوق ترسانة دولة بقدّها وقديدها، دقّت إيران وحليفها في سوريا نعشاً في الوفاق الوطني اللبناني ومنعت قيام الدولة اللبنانية وتحتاج الأمور لحلّ عقدة البيان الوزاري إلى فتوى منه، «دام ظلّه» عليهم!!

مجدداً نجد أنفسنا أمام نفس «الخديعة»، لذا قد يكون العود على بدء مفيداً في هذه الأيام، وكأنه كُتب علينا في كلّ مرة أن نعود إلى نقطة الصفر إلى البيان التأسيسي لحزب الله، أو إلى «جزئه الثاني» الذي تحكّم بمسار الحياة السياسية في لبنان تحت مسمّى «الديموقراطيّة التوافقية»!! وفي البيان التأسيسي لحزب الله في شباط العام 1985 [جريدة السفير 17 شباط 1985] والذي كان تحت عنوان «من نحن» في تعريف واضح للهويّة: «نحن أبناء أمة حزب الله التي نصرالله طليعتها في إيران وأّسّست نواة دولة الإسلام المركزية في العالم. نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة وعادلة تتمثل بالولي الفقيه. ويتولّى كل واحد منا مهمّته الجهاديّة وفقا لتكليفه الشرعي في إطار العمل بولاية الفقيه القائد»، منذ ثلاثين عاماً لم يقدّم حزب الله نفسه إلا جزءاً من إيران في لبنان، بل أداتها في لبنان، ومنذ البداية لم «يغشّ» حزب الله أحداً لا في لبنان ولا في العالم العربيي ومجدداً يغشّ اللبنانيون أنفسهم، ويدّعون أنّهم ينتظرون «البيان الوزاري» وهو ليس أكثر من «حبر على ورق»، عملياً نحن أمام «أمّة غير لبنانية» وبحسب تعريف الحزب لنفسه هي «الأمة الإيرانًية» ومجددا نقول: «أمّة» حزب الله «أمّة إيرانية الهوى والهوية والعقيدة» وهي منفصلة وقائمة بكيانها المستقل عن كلّ «الأمة اللبنانية»، ولا علاقة لها بـ»أمّة الإسلام» أو «أمة محمّد» أو «أمّة علي» ولا حتى «أمة الحسين» إلا بمقدار ما يَتناسب مع المصلحة الإيرانية»!!