IMLebanon

“لبنان المغيب” الى متى ؟

منذ الإنقلاب السياسي ضد »الشرعية الدستورية« في ١٨-١٩ شباط ٢٠١٣ و»لبنان الكبير« صريع الأحداث السياسية السلبية التي منها، ما هو مستعاد من الأربعينات من القرن الــ١٩ حتى الثلاثينات من القرن الــ٢٠، ومنها ما هو مستعاد من أيام »الحرب العبثية« – أو القذرة – ١٩٧٥ – ١٩٨٩، ومنها ما هو مستجد ووليد ظروف وتداعيات التطورات الدراماتيكية التي رافقت هذا »الإنقلاب السياسي« و»تطيير انتخابات الرئاسة الأولى« و»الانتخابات النيابية« قبلها وبعدها في سلبية مقصودة مقصودة عن سابق تصور وتصميم.

فإذا بلبنان يجد ذاته وبعد هذه الــ٣٦ شهراً – حتى الآن – في »عين« عاصفة الأحداث الإقليمية من حوله، والتي لم تعد »سياسة النأي بالنفس والتي يسميها »البعض« – سياسة إستقلالية تحييدية للبنان« دون أن يعلم أو يقرأ ماذا يعني »الحياد« وسنكرر عليه غداً الدرس واذا بها تُغيّب عروبة »لبنان« منذ مؤتمر القمة الــ٢٦ عن »محيطه العربي« عبر »سياسته الخارجية« وكأنها »سلطة« داخل »السلطة التنفيذية المتمثلة« الآن بــ»الحكومة مجتمعة« (الإسم) فقط..!

عبر هذه الــ٣٦ شهراً العجاف تراكمت على لبنان هذه الموجات من الأحداث السلبية المستعاد منها والمستجد، لتستحيل سُحباً داكنة تُغطي سماء لبنان، وتفرض الكآبة على أرواح أبنائه.. لأن »الصدمة الرعب« عادت تعصف بهم، وإن بنسب معينة، خوفاً على وطنهم من »المجهول« بعد تفكك »الجبهة الداخلية اللبنانية« وإن بنسب قد تميل مع »المجهول المنتظر« إلى درجة الاضمحلال، في إطار »لعبة الشارع« الخطرة الرافضة لمشروع »الدولة« صاحبة »القوة الفعلية«.

أي صاحبة حق الاحتكار الشرعي للقوة بجميع أنواعها لفرض القانون في محيط إقليمها الوطني، ولفرض النظام والأمن، على كل من يخلّ بهذا الأمن القومي في الداخل، أو من الخارج، وبذلك تحافظ منفردة كــ»سلطة سياسية مركزية« على سيادة إقليمها الوطني، واتخاذ هذه السلطة منفردة »القرار النهائي« في الحرب والسلم..

هذا هو مفهوم »الدولة« في »علم السياسة المعاصر« المرفوض من »بعض« الذين قاموا بــ»انقلاب«  شباط ٢٠١٣. ولايزال هذا الرفض قائماً..!

وفي حال افتقرت »الشرعية« إلى »القوة الفعلية« حيث تقوم »قوى أمر واقع« في »الدولة« تفتقر إلى »الشرعية«.. تكون »الدولة« في هذه الحالة »ناقصة السيادة« لأنها لا تستطيع أن تُمارس »القرار النهائي« للحفاظ على سيادة إقليمها، بعدما أصبحت »قوى الأمر الواقع« تُشاركها في اتخاذ هذا القرار.. والنتيجة تكون بحسب – علم السياسة المعاصر – وهي تحوّل هذه »الدولة« إلى كيان اجتماعي لا حول له ولا قوة، فتعم »الفوضى« و»انعدام الأمن« و»اللاإستقرار« في إقليم هذه الدولة..!

وسط هذا المناخ السياسي يرزح »لبنان.. اليوم بــ»الفعل« لا »الصورة« التي نراها ولذلك تحوّلت كل »العمليات« الخطابية، والأقوال، والأفعال – في الأيام الماضية – إلى دلائل جديدة تعبّر عن معاني »التسميم السياسي« الذي يُحاول تحويل »الخطوط الحمر« في الدولة.. وفي مقدمها »قوة الدولة الشرعية« إلى مسائل مائعة مشكوك فيها..!!

إن ما يحدثُ الآن في لبنان من معاني »التسميم السياسي« لا يمكن قبول مضامينه إضافة إلى مكنوناته، لأنها تسهم في هدم القيم الوطنية الراسخة لــ»لبنان التعددية السياسية«، »لبنان – الرسالة«، »لبنان التوازن السياسي »لبنان الاعلان الدستوري ٢١-٩-١٩٩٠« لبنان الدولة الوطنية الديموقراطية« الحديثة البعيدة عن أي »أهواء إيديولوجية« في النفوس قبل النصوص..

وفي وسط هذا »الضباب السياسي والأمني« يظل هناك العديد من الأسئلة الحائرة: مَنْ يستدعي الخارج في الشأن الداخلي، على ما فيه من خطورة تنفي معاني »استقلال الإرادة« و»الادارة«؟ لماذا هذا الاصرار على »تغييب« الرئاسة الأولى »رمز« لبنان الميثاقي ورمز »الشرعية الدستورية«؟!! ومن ثم »تغييب هوية وانتماء لبنان العربي« لماذا ما تبقى من »الشرعية الدستورية« مرحّب بها في مناطق لبنانية، وغير مرحّب بها في مناطق أخرى؟ لماذا التشكيك في العهود اللبنانية بتعاملها مع العدو الإسرائيلي؟ ما هي الضمانات التي تحول دون حكم لبنان مستقبلاً بلون واحد؟ وما هو شكل الحكم في لبنان بعد محاولة »البعض» الداخلي تكريس »نظرية المنتصر« وتغييب العمود الفقري للحكم في لبنان أي »لا غالب ولا مغلوب«! لماذا؟ ولماذا؟ ولماذا..

أسئلة بلا جواب..!

هذا هو »لبنان« في وسط هذا »الضباب السياسي والأمني« – أو في هذا الجو من »التسميم السياسي« الذي جُرَّ إليه »لبنان« حينما أراد العمل بحكمة »سليمان الحكيم« التي أكد عليها في ٢٥-٧-٢٠١٢: »لتحدد صناديق الاقتراع لا صناديق الذخائر والسلاح مستقبل شعبنا ومستلزمات تقدمه وعزته وهنائه«..!

هذا هو لبنان الآن يدور في فلك »أسئلة بلا أجوبة« حتى يتبين »الخيط الروسي« من »الخيط الأميركي« في شرقي »البحر المفتوح« أو »البحر المتوسط«..؟؟

يحيى أحمد الكعكي