IMLebanon

لبنان الفَهلويى

 

تستغرقّ الدولة اللبنانيّة والحكومة ضمناً في دفن رأسها في الرّمال متجاهلة بشكلٍ كلّي الوضع في المنطقة والتّصعيد الأميركي ـ الإيراني الذي يُنذر بتغيّر قواعد لعبة مستمرّة من أربعين عاماً، استولت خلالها إيران على عواصم ودول عربيّة كان لبنان طليعتها وأوّلها، الحكومة مشغولة بفرض ضريبة ألف ليرة على «نَفَس» الأركيلة، وأسوأ من هذه الحكومة، شعب مستغرقٌ في لحس دمه عن مبرد الموازنة وتداول النكات عبر تطبيق الواتس أب من عيّنة: «رسالة من الشعب اللبناني للسياسيين: حتى لو قطعتوا البنزين، والخبز، والكهرباء، وسرقتوا معاشاتنا وطمرتونا بالزّبالة وذلّيتونا.. نحنا مش رح نتحرك إلا إذا قطعتوا الدخان والمعسّل والأنترنت»، هكذا شعب يستحقّ هكذا دولة.. كما تكونوا يولّى عليكم.

 

لا تتحمل المنطقة هذه المرّة «الطارىء» في القمّتيْن المنعقدتيْن في مكّة المكرّمة، ولا «المحن» اللبناني في»استفقاد» بشار الأسد والحنين إلى «الحضن العربي» هذه القمم تنعقد عادة قبيل اندلاع الحرب، والعرب عندما يتجلّى ضعفهم في أعلى مستوياته يستقوون على بلد ضعيف كلبنان، هذه المرّة المواجهة دوليّة، وعلى لبنان الكفّ عن ممارسة «الفهلوة» أو»الفلهوة» على دول العالم، والـ»فَهلَويّ (اسم): محتال، فَهلَويّ: ماهر وبارع، شاطر، قادر على التكيُّف السريع مع متغيّرات المجتمع»، لكنّ هذه كلّها كانت تنطبق على لبنان في السبعينات والتسعينات، وليس اليوم، حَشْرة لبنان اليوم لا تقل ضيقاً وتضييقاً عن حشرة إيران باعتبار حجم كلّ منهما!

 

فيما كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يلوّح بما قد يكون التّهمة التي تتسبب باندلاع المواجهة مع إيران، وهو يعلن أنّه «من المرجّح أن تكون إيران وراء الاعتداءات التي وقعت في الخليج» كان الرئيس الإيراني حسن روحاني يفضح واقع إيران العاجزة وهو يوهم شعبه أن الرئيس الأميركي «ترامب تراجع عن تهديداته لطهران بعدما رأى وحدة الأمة الإيرانية» ويفضح وضعه كرئيس عاجز لا يملك صلاحيات حقيقيّة في الدّاخل الإيراني وهو يطالب بحصوله: «على صلاحيات موسعة لاتخاذ قرارات بشأن الحرب والاقتصاد»…

 

حتى الساعة يتلقّى لبنان تمرير الرسائل الأميركيّة بـ»التطنيش»، فهو يتصرّف على أنّ الواقع الدوليّ وردي، وأنّ لا طبول حرب تقرع في المنطقة، وأنّ أكبر أزمات لبنان هو إنجاز الموازنة لا ماذا سيفعل بمأزق سلاح حزب الله وصواريخه التي تنتظر أوامر «الوليّ الفقيه»، لم يعرف التاريخ دولة تخدع نفسها وشعباً يكاذب بعضه كالدولة والشعب اللبناني!

 

لا يتحمل واقع الوضع في المنطقة أن يترك اللبنانيّون لتحليلات جنرالات متقاعدين يصدّقون أنّهم «خبراء استراتيجيّين» يعبثون بيوميات المواطن اللبناني و»يفصّلون ويشلحون» في وجهه «خبريّات» عن مشاركة أو عدم مشاركة حزب الله في التورّط في أي حرب مقبلة على إيران، فيما المعني الأساسي بتطمين اللبنانيين هما رئيس الجمهورية والحكومة، وقيادة الجيش اللبناني، وهم يلتزمون الصمت ليس لأنهم لا يريدون الكلام أو استباق الأمور، بلّ لأنّ أصحاب الحلّ والعقد في هذا البلد لا يعرفون بل لا يملكون حتى معلومة واحدة عمّا سيحدث في حال اندلاع مواجهة بين إيران وأميركا!

 

غالباً «الفهلوي» وحده يظنّ أنّه أذكى واحد في العالم، وأنّه قادر على الاحتيال على كلّ العالم، لكنّه في لحظة ما سيكتشف أنّه «غبيّ» وأنّ كلّ الذين ظنّ أنّه تذاكى عليهم تركوه عمداً يعتقد أنّه «فهلوي»، إمعاناً في استثمار «غبائه»!!