IMLebanon

لبنان من بلد التسويات الى قيام دولة الحلول

 

لبنان هو بلد التسويات لا الحلول. وهكذا كان منذ نشأته مع اعلان الاستقلال والى يومنا هذا. وبهذا المعنى خرج لبنان من أزمته الأخيرة المتعلقة باستقالة رئيس حكومته سعد الحريري بتسوية عنوانها النأي بالنفس، وان استمرت قواميس القوى السياسية تعطيها تفسيرات متناقضة تنسجم مع المواقف الأصلية لكل منها… ولكن الحقيقة الثابتة هي ان لبنان لم يعد مخيّرا ب النأي بنفسه عن عمقه القومي منذ اليوم الذي اعترف فيه بأنه عربي الهوية والانتماء ليحلّ ذلك محلّ مقولته السابقة القائلة بأن لبنان ذو وجه عربي! وهذا ما تفعله القيادة اللبنانية اليوم بعدم النأي بنفسها عن عمقها القومي المتمثل بعروبة القدس التي تحمل كذلك قيمة مضافة متمثلة بحملها للرموز الايديولوجية… وبهذا المعنى فان القدس تتجاوز حصرها بالحقوق الفلسطينية فقط، الى الحقوق العربية والاسلامية والمسيحية فيها، وهو أمر يشمل بعدا انسانيا يتناول نحو ثلثي البشرية تقريبا من المسيحيين والمسلمين!

ولد لبنان المستقل بتشوهات خلقية متمثلة بنظامه الطائفي والمذهبي. وقاد ذلك الى تراجعات متمادية في السياسة والاقتصاد والأمن والاجتماع وفي المجالات كافة. وغريزة الحياة هي التي دفعت به الى اعتماد التسويات لا الحلول ليستمر قلبه بالخفقان ورئتاه بالتنفس، الى ان وصل اليوم الى آخر نفس! الثروة النفطية والغازية المكتشفة هي التي تفسح في المجال الى انتقال لبنان من مرحلة الاهتزاز الموقت الى مرحلة الرسوخ والدائم، اذا أحسن استغلال تلك الثروة… ولا نتحدث هنا عن احياء الاقتصاد فقط، بل أيضا وأولا عن اعادة بناء الدولة العصرية على أسس مدنية، لا طائفية ولا مذهبية! والطريق الى ذلك هو التخلص من الآفتين اللتين لازمتا لبنان منذ الولادة: الطائفية والفساد، وهما توأمان سياميان غير قابلين للفصل بينهما بعملية جراحية!

 

قد تكون الانتخابات النيابية في أيار / مايو المقبل مفصلية في تاريخ لبنان الحديث، اذا تقبّل هذا العهد الاصلاحي التغييري للرئيس ميشال عون، التحدّي، وأطلق دينامية سياسية واجتماعية تقود الى وضع أسس الدولة المدنية العصرية في لبنان بمؤسساتها الرقابية على قاعدتيهما الأساسيتين: المواطنة والاصلاح!