IMLebanon

لبنان «اليائس والميؤوس منه»!

يُشبه حال البلد أغنية فيروزية عنوانها «ضاق خلقي»، ونظنّ أن هذه الأغنية تنطبق في بعض منها مئة بالمئة على «المزاج» اللبناني العام، «ضاق خلقي يا صبي.. من هالجوّ العصبي.. ضاق خلقي».. و»لبناننا» مقيمٌ على «ترحيل» أعمارنا من عامٍ إلى آخر من دون أن يتغيّر شيء في واقعنا «البائس»، حتى نكاد نتيقّن أن قدرنا من قدر هذا البلد: «يائسٌ وميؤوسٌ منه»، ولا علاقة هنا لهذه الحالة «اليأساويّة» بتمسّكنا بلبنان، ولا بعنوانه الذهبيّ «سيّد.. حرّ.. مستقل»، ولا على بتمسكّنا بمسلّمات بديهيّة نرى فيها حلاً لكلّ أزمات هذا «اللبنان»، وبصدقٍ شديد نقول: «كثيرٌ من اللبنانيين باتوا مقتنعين قناعة تامّة بأن لا رجاء لهذا البلد، ولا قيامة له»، وأنّه يخرج من احتلال إلى آخر «أسخم» منه!!

«خلصنا بقى»، «ضجر» الشعب اللبناني من هذه المراوحة ومن حال البلد العاجز المشلول بشكلٍ تامٍّ منذ العام 2004 سئمنا من هذا الصراع الإقليمي الذي محق وسحق اللبنانيين بين قبضتين تتصارعان إقليمياً على هوية المنطقة، سئمنا من جلجلة بدأت ولم تنتهِ بعد منذ العام 14 شباط العام 2005 ، فهاهي أعوام تسعة انقضت والاضطراب يعصف يومياً وبصور متعددة، من الفراغ الرئاسي إلى كارثة أعداد اللاجئين السوريين التي تكاد تغيّر وجه لبنان، إلى عصف «داعش» و»جبهة النصرة» بيوميات اللبنانيين وأعصابهم ومأساة العسكريين الرهائن المنذورين للموت ذبحاً أو إعداماً بإطلاق رصاصة في الرأس، فيما المعنيين لم يكتشفوا بعد ما الحل الذي يجب أن يرسوا على برّه لحلّ هذه المأساة الوطنيّة!!

يعيش اللبنانيّون ولا يعيشون منذ تسع سنوات، وحياتهم معلّقة على الخضّات الأمنية والتدهور الاقتصادي الذي وصل معه حال اللبنانيين إلى الحضيض، ومنذ تسع سنوات واللبنانيون يعيشون أزمات حكومية قاتلة ، إلى أن عاود الناس بصيص أمل مع انطلاق أعمال المحكمة الدولية، التي تستدعي غداً النائب وليد جنبلاط ليُدلي بشهادته، فيما اللبنانيّون يترقّبون ما سيقوله الرّجل بعد مشوار طويل كان أحد أبرز الوجوه الداعية للتحقيق الدولي وإنشاء محكمة دولية تنظر بالجرائم الكبرى التي ضربت لبنان و»الفعلة القتلة» معلومين وليسوا بمجهولين أبداً ومنذ اللحظة الأولى رفع اللبنانيون الصوت صارخين بأسمائهم واحداً واحداً…

وبصدق شديد نقول؛ ونيابة عن كثيرين، الناس «قرفت» من هذه الطبقة السياسيّة العاجزة، ومن سياساتها ومن تجاذباتها ومن لعبة «الحوار المزمنة» والفاشلة، لأنّ رقبة الشعب اللبناني عالقة في عقدته الكأداء، ويكاد رأس لبنان يُحتزّ من أجل كلمتيْ «ممانعة» و»مقاومة»!! الناس تعبت وتعيش إلى جانب كلّ أزماتها ذعراً أمنياً، وديموغرافياً، وما يزيد الطين بلّة، فشل المعنيين بملفّ اللجوء السوري وإصرارهم على بثّ القلق والخوف في نفوس اللبنانيين، فمع مطلع هذا الشهر سارع بعض الوزراء المعنيين إلى تبشير اللبنانيين بالمجاعة والاضطراب الأمني، لأن برنامج الغذاء العالمي أعلن إيقاف تقديماته للاجئين السوريين، فهل هناك أسوأ من هكذا أداء «مذعور»؟!!

وحال القلق الشديدة التي انتابت الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني، يبدو أنّه تمّ تأجيل أزمتها شهراً واحداً، وستعود لتطلّ برأسها مع بداية العام الجديد، فاعتباراً من أمس الثلاثاء 9 كانون الأول استأنف برنامج الغذاء العالمي تقديم المساعدات للاجئين السوريين بعدما تمكن من الحصول على الأموال الضرورية، وتحدّث بيان صادر عن برنامج الغذاء العالمي في جنيڤ أن المساعدات الإنسانية التي تم وقفها منذ 1 كانون الأول الجاري، لأن الدول المانحة لم تفِ بشكل تام بتعهداتها بشأن تقديم موارد مالية، تمكّن برنامج الغذاء العالمي من جمع أكثر من 80 مليون دولار بفضل حملة إعلامية قام بها، بما في ذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وأوضح البيان أن «هذا المبلغ أكبر مما يتطلبه شهر ديسمبر وهو 64 مليون دولار، وقد جاءت الاستجابة من الحكومات والمواطنين العاديين من 158 دولة».

وللمناسبة، ومن ضمن السياق، اللاجئين السوريين برنامج الغذاء العالمي ملزم بإطعامهم، ولكن؛ بخصوص الشعب اللبناني هل تنبّه المعنيّون إلى أي حدّ أصبحت ضائقتهم الماليّة شديدة، وأنّ هذا الإحباط الذي يضرب الشعب اللبناني على جميع المسؤولين القلق منه ، ومن هذا الإحساس العام بأننا نعيش في وطن «بائس» و»يائس» و»ميؤوس منه»، ومن قياداته ومسؤوليه، وعلى كافّة المستويات!!