IMLebanon

لبنان في حُضرة أوروبا

زيارة بروكسيل التي قام بها هذا الاسبوع الرئيس سلام كانت في التوقيت المناسب. فالاتحاد الاوروبي، الجسم التمثيلي لأكثر من 500 مليون نسمة قد بدّل قيادته وبالتالي فإن العالم سيتعامل مع القيادة الجديدة في السنوات المقبلة. وسيتردد على مسامعنا من الان فصاعداً أسم رئيس المفوضية يونكر وأسم الممثلة العليا للسياسة الخارجية موغيريني وهما استقبلا معا الرئيس سلام وسمع منهما كلاماً طيباً على لبنان سيتكرر الثلثاء المقبل عندما تزور موغيريني بيروت. لكن حكومة الاتحاد تعمل جنباً الى جنب مع برلمان يضم علب بريد 785 نائبا يمثلون 28 دولة عضواً ينطقون بلغات عشرات القوميات ويتولى قسم الترجمة النشيط مهمة أن يفهم هؤلاء على بعضهم البعض. بعد دفء الكلام من رئيس المفوضية والممثلة العليا للسياسة الخارجية كان صقيع الاسئلة من أعضاء لجنة الشؤون الخارجية. وقد شعر الرئيس سلام بالفارق عندما كان صباحا في مبنى المفوضية وعصراً في مبنى البرلمان. فهو قال لكاتب هذه السطور أن لقاء المفوضية ثبّت لديه الايمان بأن دعم الاتحاد للبنان على كل الصعد هو مؤكد في السنوات المقبلة. أما بعد مثوله أمام نواب البرلمان فقال إنه قد فوجئ بهذا الكم من الاسئلة والوقت القصير المتاح أمامه للرد عليها. لكنه مع ذلك استطاع أن يجيب فلا ينفي ما في الاسئلة من انتقادات حول تورط “حزب الله” في القتال في سوريا لكنه لم ينس أن يذكّر سائليه “أن روما من فوق(بروكسيل) غير روما من تحت(بيروت)”.

رب سائل: ماذا جنى لبنان من ذهاب رئيس حكومته الى الاتحاد الاوروبي؟ الجواب من خلال ما سمع المرء وشاهده هو الكثير. ليس تفصيلا بسيطا أن يقرر يونكر ان يكون سلام هو أول مسؤول في المنطقة يلتقيه بعد دخوله الى مكتب رئاسة المفوضية.كما أنه ليس تفصيلاً بسيطاً أيضاً أن تأتي موغيريني الى المنطقة من بوابة لبنان. وفي المقابل يمكن طرح السؤال معكوساً: ماذا سيجني الاتحاد الاوروبي من لبنان بإعطاء رئيس مجلس وزرائه الاسبقية على زعماء العالم بلقاء قيادته الجديدة؟ الجواب من موقع الوجود المباشر في الوفد المرافق للرئيس سلام هو أن لبنان صاحب فضل على العالم عموما وعلى أوروبا خصوصاً. إذ أنه البلد الاكثر إستضافة للاجئين في العالم تبعا لحجمه الجغرافي والسكاني وفق تعبير رئيس بعثة المفوضية في لبنان السفيرة أنجيلينا إيخهورست. علماً أن لبنان لم ينجب النظام السوري الذي تسبب بمأساة قتل وتشريد الملايين من السوريين فضلا عن تدمير سوريا. إن كل دعم يأتي الى لبنان ليتحمل هذا العبء الهائل هو بديل عن إنفجار قنبلة اللبننة مجددا التي لا يزال العالم يدرك شرورها في وقت أنفتح اليوم “صندوق باندورا” في قلب المنطقة فأطلت أفاعي السورنة والعرقنة واليمننة وغيرها من أفاعي يتصاعد فححيها في كل الارجاء من دون أن ننسى الثعبان الاسرائيلي الذي ما زال ينفث سمومه منذ أربعينيات القرن الماضي. بإختصار، أنها لغة المصالح المتبادلة، حيث لا عواطف بل عقول، وويل لمن يفقد عقله؟