IMLebanon

لبنان خارج لعبة الخرائط؟

إلى أيّ مدى يستطيع اللبنانيّون أن يثقوا بالكلام الديبلوماسي الذي تحدّث عن تقاطع أميركي ـ روسي يؤكّد أنّ لبنان خارج لعبة الخرائط التي ستزداد حدة وتعقيداً، في المرحلة المقبلة، وأن لا تغيير في الصيغة ولا في النظام؟ إلى أيّ مدى نستطيع أن نصدّق هذا الكلام ومن حولنا تتصدّع وتتهاوى دول، وخرائط التقسيم باتت مكرّسة فعليّاً وجغرافيّاً، وإلى أي مدى يستطيع لبنان ان يبقى بمنأى عن لعبة الخرائط في المنطقة، فيما لبنان عاجزٌ منذ العام 2008 عن الاتفاق على قانون إنتخابي ويبدو أن لا بوادر اتفاق مع الحديث عن «إطفاء» محرّكات عين التينة وسواها ربما!

لقاءات وحوارات واقتراحات قوانين تسقط بُعيْد الإعلان عنها، فكيف نكون بمنأى عن لعبة الخرائط، التوازن الديموغرافي اختلّ بشكلٍ مروّع أوّلاً مع محاولة التمدّد الإيراني التي طالت لبنان، وهل لهذا التمدّد تفسير آخر سوى أنّه مشروع إيراني ينفذّه حزب الله لتغيير وجه لبنان وتغيير النظام وإسقاط الصيغة؟ وثانياً الكارثة الديموغرافيّة التي تتسبّب بها قنبلة اللاجئين السوريّين الذين بلغ تعدادهم ما يعادل نصف الشّعب اللبناني، في بلد أساساً يضيق بملايينه الأربعة التي تشكّل موجات متلاحقة من الهجرة.

يعيش العالم العربي وأنظمته منذ الحرب العالميّة الأولى في ظل الخارطة الأولى التي رسمت ظلالها في اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، سقطت الخلافة العثمانية وتوزّعت المنطقة حصصاً على أوروبا تمهيداً لتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين، واستمر الأمر للانتداب حتى اندلعت الحرب العالمية الثانية والتي فتحت بوابة الإعلان لقيام دولة إسرائيل، كلتا الحربين استدعت تغييراً في الأنظمة، وها نحن على أعتاب المرحلة الجديدة انتهى العمر الافتراضي لخارطة المنطقة وحان وقت إخراج الخارطة الجديدة، ومصير الثانية كالأولى وهو التنفيذ مهما كابرت الأنظمة ورفضت الشعوب.

عام 2006 نشر العميد رالف بيترز مقالاً في مجلة القوات المسلحة الأميركية بعنوان «حدود الدم» حدد فيه ملامح خريطة شرق أوسطية جديدة حيث يفترض التقرير أن الحدود بين دول المنطقة غير مكتملة وغير نهائية خصوصًا في قارة أفريقيا التي تكبدت ملايين القتلى وبقيت حدودها الدولية من دون تغيير وكذلك الشرق الأوسط الملتهب حيث شكلت الحدود أثناء الاحتلال الفرنسي والبريطاني لهذه الدول في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين..

كيف يكون لبنان بمنأى عن لعبة الخرائط وتغيير النظام والصيغة والحديث عن البحث عن توطين السوريين اللاجئين وحلّ الأزمة الفلسطينيّة بالتوطين والتعويض، أشكّ أن نكون خارج هذه اللعبة، أشكّ كثيراً، وإن كنّا حتى الساعة في استقرار أمنيّ هشّ برعاية دوليّة، المشكلة ليست في لعبة الخرائط المشكلة في عجز اللبنانيين عن الاتفاق على أي شيء، كأنّنا ننتظر دائماً أن تفرض علينا التقاطعات الدوليّة حلولاً مرحليّة ملتبسة، وهذه التقاطعات عشنا مرارتها في كلّ اللحظات المفصليّة من التاريخ اللبناني!