IMLebanon

دروس يجب أن نتعلمها  

 

لا شك في أنّ الولايات المتحدة الأميركية هي التي تتحكّم منذ عقود (وإلى أمد غير معروف) بالعالم سياسياً واقتصادياً…

 

صحيح هناك دول كبرى وبعضها عظمى كالصين والهند وطبعاً روسيا ولكن القرار في النهاية هو عند الأميركي.

كان في غاية الصراحة وزير الخارجية الاميركي الذي أعد لسوريا مشروعاً من خمسة بنود (أشرنا إليه في افتتاحية يوم الجمعة الماضي)… وهذا المشروع هو الذي سيأخذ طريقه الى التنفيذ، ومهما حاول بشار أن يلعب في الوقت الضائع وأنه صاحب قرار، وأنه هو الذي يستقبل ويودّع… فالقرار ليس له أي صلة به.

ونذكّره بالزيارة التي قام بها الى موسكو يوم أملى عليه بوتين شروطاً قاسية فقط للإبقاء على حياته وليس ليبقى رئيساً ذا صلاحيات الى أبد الآبدين كما هو يظن.

وهذا الدرس يبدو أنّ بشار لم يتعلّمه، ويظهر أنّ إيران أيضاً كانت في غباء بشار، إذ هي تفكر أنّ بعض العقود (صفقة الـ7 مليارات على سبيل المثال) ستدفع روسيا لأن تعمل على الإبقاء على الأسد في السلطة، والحقيقة أبعد من ذلك، فمن سمح للروسي بأن يكون له دور في سوريا هو أميركا بذريعة إخراج “الكيميائي” من سوريا الى الخارج، وكانت الأساطيل الاميركية متجهة الى سوريا للقضاء على بشار وتدمير أسلحته على أنواعها، يومها كلفت أميركا روسيا القيام بهذه المهمة، طبعاً ضمن شروط.

روسيا دخلت سوريا بـ50 ألف عسكري وآلاف الطائرات والبوارج الحربية، وأقامت لها قاعدتين ثابتتين في حميميم (جوية) وطرطوس (بحرية)… فهل يظن الايرانيون أنّ التورّط العسكري الروسي الكبير في سوريا تكفيه 7 مليارات؟

المخنّث

وفي هذا السياق، يتّضح أنّ الدول يتحكّم أكبرها بالأصغر، والأصغر بالأصغر منه، ولكن دائماً ضمن السقوف التي تحدّد الدول العظمى ارتفاعها، فقد هاجمت صحيفة “يني شفق” الايرانية بشار الأسد ووصفته بالرئيس المخنّث بعدما اشتكت من “تقليم أظفار” طهران في سوريا، وقالت: “العالم يدرك أنّ إيران هي التي تحمّلت تكلفة بقاء الأسد في رئاسة سوريا، ودفعنا ثمناً باهظاً لذلك، ومن مقتل محسن حججي (قيادي بارز في الحرس) بسوريا الى التكاليف اللوجستية التي دفعناها ثمناً لاستراتيجيتنا في المنطقة، ولكن اليوم يبدو أنّه مع جهودنا وتضحياتنا، ستكون حصة داعمي بشار الأسد إيران لا شيء من بازار الشام”، بحسب ما ترجمت صحيفة “يني شفق”.

وندّدت صحيفة “قانون” بما وصفته تهميش دور إيران في مستقبل سوريا وقالت: “هذه المسألة لم تعد خافية عن أعين الايرانيين، وكانت سبباً في بعض الإعتراضات داخل أوساط النظام بإيران”.

ووصفت الصحيفة بشار الأسد بأنه “بلا مبادئ، وناكر للجميل بسبب اتفاقه مع الروس حول تسليم ملف إعادة إعمار سوريا للروس بدلاً من إيران”.

وحول مخاوف الحكومة الإيرانية من عدم حصول إيران على حصتها بسوريا قالت: “يبدو أنّ روحاني يشعر بفقدان حصة إيران في سوريا، ولقد تناول الرئيس الإيراني مؤخراً مسألة إعادة إعمار سوريا، وحصة إيران من هذا الملف مع الأسد”.

واعتبرت الصحيفة أنّ من حق إيران أن تستولي ولو بالقوة على ما تسمّيه حصتها من الكعكة السورية قائلة: “إنّ الحق يؤخذ، ورغم محاولة إخفاء الحقائق حول فقداننا لحصتنا بسوريا من قِبَل البعض في إيران، فإنّ شعبنا يعلم ويعي ما يحدث لنا في سوريا”.

كما أطلقت “قانون” على بشار الأسد أوصافاً مقذعة، قائلة: “مصالحنا القومية وكرامتنا التي اكتسبناها بدماء العديد من قتلانا، لا ينبغي أن تستنزف لشخص جبان مخنّث وأناني”، مضيفة أنه “يجب ألاّ نسمح لبشار الأسد وأي شخص آخر بتحقيق أهدافه المتمثلة في تقليم أظفار إيران وحذفها من مرحلة إعادة الإعمار في سوريا”.

وهذا يؤكد كلامنا.

وفي النهاية واهم كل من يظن أنّ الدول العظمى تعطي أي دولة أي هدية مجانية… الحقيقة أنّ ما يحرّك دولة عظمى مثل روسيا هو فقط مصالحها الخاصة، فلا عواطف ولا أخلاق ولا ما يحزنون.