IMLebanon

القوات «خان» التيار في انتخابات نقابة المهندسين؟

لا تزال التساؤلات تلاحق نتائج انتخابات المهندسين التي فاجأت الاوساط السياسية والنقابية بسقوط مرشح التيار الوطني الحر وفوز نقيب من المستقلين ولعل السؤال الابرز والوحيد محوره «هل القوات خانوا العونيين ام لا» وما هو مصير تحالف معراب الانتخابي اذا كان الاستحقاق النقابي حمل الفشل الذريع والأسوأ في بداياته وهل فعلاً ثمة تنافس او عدم رضى عوني على التصويت القواتي؟

على وسائل التواصل الاجتماعي خفت قليلاً الانتقادات التي سيقت فور صدور نتائج نقابة المهندسين التي حملت الخيبة للعونيين وحيث حملت القوات مسؤولية سقوط المرشع عن مركز النقيب العوني بول نجم، وحيث يبدو ان قراراً مركزياً صدر عن قيادة القوات والتيار الوطني الحر بلملمة الوضع وضبط النفس للانصراف الى المعركة الاساسية المتمثلة بقانون الانتخابات التي تهم تفاهم معراب أولاً والمسيحيين خصوصاً لتحرير الصوت المسيحي. وعليه ترد اوساط مقربة من القوات نتائج انتخابات المهندسين بفوز النقيب المستقل جاد تابت الى عدة معطيات بدون تحميل القوات المسؤولية المباشرة، حيث ان سقوط المرشح العوني بول نجم له جملة اسباب تتصل بطريقة ادارة المعركة، وحيث ان التصويت السني والشيعي كان في غير محله والى حد ما خجولاً لصالح المرشح بول نجم، فيما بذلت القوات محاولات حثيثة لدفع القاعدة المستاءة من سحب المرشح القواتي من المعركة للالتزام، وحيث تقول الاوساط ان رئيس القوات دخل على خط المعركة شخصياً لحث المهندسين القواتيين على الانضباط والتصويت لمرشح العونيين. ومرشح القوات نبيل ابو جوده الذي سحب ترشيحه تواجد في الانتخابات وكان يقود الاتصالات لعدم حصول خلل في التصويت. وبالتالي فان سقوط مرشح التيار بدون اي شك ليس من مسؤولية او في صلب قرار من القيادة القواتية ومرده الى قوة المستقلين في النقابة من جهة وسوء ادارة المعركة في حين ان الاهتمام القواتي والعوني يصب في مكان واحد اليوم هو قانون الانتخاب، وفوز  تابت جاء مدعوما من مجموعة بيروت مدينتي والكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي. ومن هنا تقول الاوساط القواتية ان محاولة التصويب على القوات وتحميلها وزر سقوط المرشح العوني ليس في محله بقدر ما يهدف الى الإساءة لتفاهم معراب من اجل تقويضه وضربه في زمن او وسط معركة قانون الانتخاب التي وصلت الى خواتمها مع وقوف التيار الوطني الحر والقوات في خندق واحد ضد التمديد للمجلس النيابي  وضد قانون الستين.

 لا تخفي الاوساط حصول اختلافات بين القوات والتيار الوطني الحر مردها الى حيثيات كل فريق وخصوصياته ولكن هذا الاختلاف لا يعني الخلاف السياسي ولا يبشر بالافتراق في المحطات المتبقية، فلمحة سريعة الى ما سبق من محطات تظهر سقوط كل الحواجز  بين العونيين والقوات منذ الانتخابات الرئاسية الى تشكيل الحكومة وحتماً الى الانتخابات النيابية التي يتوقع ان يحقق فيها العونيون والقوات تسونامي انتخابي مسيحي لا مثيل له الا لدى الثنائية الشيعية راهناً.

لكن هذا التسونامي يبدو انه يخيف كل الاخصام للفريقين وهو اساس المشكلة وما يحصل اليوم ، فثمة محاولات واعتراضات تطال تفاهم الفريق المسيحي في مسألة القانون الانتخابي والتحالفات بحسب الاوساط وثمة من حاول ان يلعب دائماً على وتر العلاقة بين رئيسي الجمهورية والحكومة وبين عون ومعراب من جهة ثانية وبين بعبدا وحارة حريك، فالموقف الذي اطلقه رئيس الجمهورية حول سلاح حزب الله عشية ذكرى 14 شباط  تم استغلاله بالايحاء والترويج بان رئيس الجمهورية يقوم باضفاء الشرعية على «السلاح غير الشرعي» وبان من الخطأ الاعتراف بقدرات المقاومة مقابل ضعف الجيش والمؤسسة العسكرية ، وتم توجيهه باتجاه الحريري ومعراب لدق اسفين في العلاقة بينهما، الا ان كلام رئيس الجمهورية لم يستفز فريق القوات، فاتفاق معراب قام بفصل الامور وتنظيم ما هو متفق عليه وما هو مختلف عليه وضع جانباً انطلاقاً من حرص الطرفين على ان لا يؤدي الاختلاف السياسي الى الخلاف بينهما، وموقف رئيس الجمهورية من سلاح حزب الله ليس جديداً او غير واضح في هذه المسألة، فرئيس الجمهورية متمسك بخياراته الاستراتيجية والوطنية ولم يخطىء اساساً مع القوات في المحطات السابقة في تشكيل الحكومة او في المفاوضات الجارية  في شأن القانون الانتخابي  وما تريده القوات وما يتماشى مع تفاهم معراب وبالنسبة الى القوات دائماً  فان تفاهم مار مخايل كان سابقاً وأتى بعده تفاهم معراب، وبالتالي يفترض احترام الخصوصية السياسية لكل فريق سياسي.

وتؤكد الاوساط ان رئىس الجمهورية «حر» في موقفه السياسي وخياراته لا يحاسب عليها ولن يكون هناك مواقف سلبية من القوات، وكذلك مواقف التيار الوطني الحر هي ملكه وحده، ومواقف القوات من سلاح حزب الله لا تراجع عنها او تغيير في الموقف، فالدولة والجيش وحدهما قادران على حماية لبنان.

 واذا كان  ما تقرره الرئاسة ملك لها وخياراتها الاستراتيجية موثوق بها، الا ان ما بين معراب ورئيس الجمهورية من تفاهمات شأن آخر، فكلام رئيس الجمهورية لا يستهدف معراب ولا يصيب الحريري خصوصاً وان العلاقة بين رئاستي الجمهورية والحكومة تشهد تناغماً سياسياً غير مسبوق في العلاقة بين الرئاستين، ومن جهة اخرى فان تفاهم معراب امر آخر، هو  فعل فعله في تهدئة الوضع المسيحي وتمتينه، وهو لا يزال يشكل متنفساً مريحاً للجو المسيحي العام الذي انهكته الانقسامات والخلافات المسيحية على مدى  ثلاثين عاماً بين القوات والتيار انعكست سلباً على الوضع المسيحي وتراجعاً في الدولة، فأقل ما في التفاهم وانجازاته  كما تقول الاوساط القواتية ان نوعاً من الستاتيكو الجديد بات يحكم العلاقة بين معراب والرابية ويقوم على إلغاء التشنج السياسي وضبط النفس والحفاظ على الحد الادنى من البروتوكولات السياسية في التعاطي مع الاحداث وقد بدا ذلك واضحاً في طريقة مقاربة القوات للملفات الخلافية المستجدة.

بالنسبة الى القوات فان  معركة وصول عون الى بعبدا كانت  معركة سمير جعجع، القوات وضعت في اولوياتها المجتمع المسيحي ومحاكاة مزاجاته وهواجسه وهي تسعى الى محو آثار الماضي في المجتمع المسيحي وباتت تمارس ضبط النفس وتحسب الف حساب قبل اطلاق المواقف النارية التي تزعج الرأي العام المسيحي والتي تتصل مباشرة بالملف المسيحي او تلك التي تؤثر في العلاقة بين رئيس الجمهورية ومعراب، ومن جهة التيار الوطني الحر فان العلاقة مع معراب باتت خط احمر ممنوع تجاوزه فالعلاقة مع معراب تحظى بعناية  واهتمام العونيين والانطلاق سيكون معاً الى التسونامي الانتخابي رغم كل المناوشات او بعض الاخطاء التي لا يمكن ضبطها او تفاديها احياناً.

 اعلان النوايا تجاوز مطبات كثيرة وسيكون هناك محطات لا يلتقي فيها الطرفان كلياً انطلاقاً من حيثيات وخصوصيات كل فريق سياسي لكن  الخلاف ممنوع والاختلاف واقع وتفاهم معراب كان وسيبقى حاجة ملحة في ظل الأزمة المسيحية الراهنة في الحكم وما يواجهه المسيحيون في المنطقة.