IMLebanon

بعد ثمن رفع العقوبات عن سوريا لبنان عاجز عن أثمان سياسية

 

«التطبيع» بعيد والتزام حكومي بمبادرة السلام العربية واتفاق الهدنة

 

 

ما الذي ينتظره لبنان من استحقاقات بعد القرار الأميركي برفع العقوبات الاقتصادية والسياسية عن سوريا، وما هي الخطوات التي يُفترض أن يقوم بها لبنان للإستفادة من هذا القرار بما يفيد اقتصاده وأمنه ووضعه الديموغرافي بوجود مئات آلاف النازحين السوريين، والأهم ما الذي يرتقبه لبنان من المتغيّرات الكبرى في المنطقة بعد جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المنطقة لا سيما في دول الخليج، بعد كلامه عن الثمن السياسي الذي ستدفعه سوريا مقابل رفع العقوبات وهو الانضمام الى «الاتفاقات الابراهيمية» كما تسمّيها إسرائيل للتطبيع العربي معها؟

هذه الأسئلة كانت محور اهتمام ومتابعة رسمية لبنانية على أعلى المستويات، حيث تتوقع مصادر حكومية مسؤولة انعكاسات إيجابية للقرار الأميركي برفع العقوبات، أولها وأهمها ترييح لبنان مباشرة من عبء النزوح السوري بحيث يُرتقب أن تقدم الدول المانحة والمنظمات الدولية المعنية بمسألة النزوح، المساعدات الى السوريين العائدين الى بلادهم بدل تقديمها في الدول المضيفة، وهو ما يسرّع عملية العودة الطوعية بأعداد كبيرة. عدا معالجة كل الملفات العالقة بين البلدين والتي أضاءت عليها «اللواء» في عددها أمس.

 

لكن ما المقابل المطلوب من لبنان أمنيا وسياسيا وإجرائياً للإستفادة من رفع العقوبات؟

وتؤكد المصادر الحكومية لـ«اللواء»، ان المطلوب من لبنان لتقديم الدعم الدولي ورفع تأثير عقوبات «قانون قيصر» عليه أصبح معلوماً وفق ما يصل الى لبنان رسمياً من الدول العربية والغربية، أما غير المعلوم فهو عند الراسخين في تلقّيه، ولم يظهر منه شيء رسمي بعد ولو ان التلميحات تشير الى مطالب سياسية وأمنية وإجرائية لا قدرة للبنان على تنفيذها كلها حالياً… أما المطلوب الرسمي فهو استكمال برنامج الإصلاحات الإدارية والمالية والاقتصادية والقضائية، وبسط سلطة الجيش اللبناني على كامل الأراضي اللبنانية لا سيما في الجنوب وسحب السلاح الذي يهدّد الاستقرار الداخلي ووقف تهريب كل ما هو غير شرعي.

وتقول المصادر: ان لبنان قام بما عليه في بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها من الجنوب الى البقاع فالشمال، أما موضوع السلاح فهو كما بات معروفاً في عهدة رئيس الجمهورية وحواره مع حزب الله أولاً، وما يجري مع غيره من تواصل مع قوى مسلحة تعمل في الجنوب وبخاصة القوى الفلسطينية. ويبقى على الدول الراعية للوضع اللبناني إلزام الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ ما عليه من اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701.

أما مسألة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي فلها أجندة خاصة مرتبطة بالمسار العربي عموماً في هذا المجال، وما يمكن التوصل إليه لمعالجة القضية الفلسطينية أولاً بما ينعكس على سوريا ثم لبنان تباعاً، وحسب المصادر الحكومية، فإن لبنان لن يسير بأي حل سوى الالتزام بمبادرة السلام العربية التي أقرّتها القمة العربية في بيروت عام 2002، والتي تستوجب إجماعاً عربياً جديداً خلال أي تفاوض جديد حول تحقيق التسوية السلمية بين العرب والكيان الإسرائيلي.

لكن يبدو حتى الآن ان لبنان أبعد ما يكون عن التطبيع، وأكثر ما يمكن أن يطلبه ويعمل له هو تطبيق اتفاق الهدنة مع الكيان الاسرائيلي المبرم عام 1949، والضغط الدولي لا سيما الأميركي لإلزام الكيان الإسرائيلي به من دون التفاف أو مداورة أو مناورة، وبما يؤمّن استقراراً أمنياً مستداماً على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة… وبعدها لكل حادث حديث. ذلك ان لبنان بوضعه الحالي من انقسامات وخلافات حول دوره الإقليمي ومطامع الاحتلال في أرضه ومياهه لا يستطيع أن يدفع أثماناً سياسية مقابل لا شيء يقدّمه الكيان الإسرائيلي، والسلام الذي ينشده لبنان ليس أحادياً بل من ضمن العمل العربي الواسع المشترك، ولو ذهبت بعض الدول العربية القليلة الى نوع من التطبيع الاحادي وفقاً لظروفها وعلاقاتها الدولية لا سيما مع الأميركي. عدا ذلك، أي شروط قهرية وقسرية تُفرض على لبنان ستؤدي حتماً الى توترات داخلية كبرى وقد تكون خطيرة، خاصة إذا كانت لمصلحة كيان الاحتلال الإسرائيلي وحده.