IMLebanon

العقبات والتعقيدات نفسها… جولة لودريان ٢ “المهمّة المستحيلة” تساؤلات عن أداء الديبلوماسيّة الفرنسيّة… تبدّل جوهري في النظرة الى الهواجس المسيحيّة

 

 

لم تخرج أحداث الشغب الباريسية الملف الرئاسي من جدول الاهتمامات الفرنسية، حيث لا تأثير مباشر لما يحدث في باريس في ملفات المستشارين المعنيين بالشؤون الخارجية، وعليه يستعد الموفد الفرنسي جان إيف لودريان للعودة مجددا الى بيروت منتصف تموز، أملا بإحداث خرق في الجمود الرئاسي. فلا شيء يمكنه ضخ الاوكسيجين في الملف الرئاسي العالق سوى ما قد يحمله الموفد الفرنسي من أفكار تقوم إما على تحديث مبادرته السابقة او التشجيع على الحوار الداخلي والتفاهمات. علما ان الاتكال الأساسي يعود الى اللبنانيين الذين أبلغهم لودريان بما معناه، ان لا أحد يستطيع إنقاذ لبنان وإنجاز معجزة رئاسية، ما لم يتحسس اللبنانيون بالمسؤولية وهو القائل “ساعدوا أنفسكم لنساعدكم”.

 

هذا لا يعني التسليم بفشل مهمة لودريان، فكل الآمال معلقة على الأوراق التي جهزها الموفد الفرنسي، خصوصا ان فرنسا هي الطرف الإقليمي الأكثر تماسا مع الملف اللبناني مؤخرا ، ولكن مهمة لودريان لا تبدو سهلة هذه المرة، واستباقا لأي أفكار فرنسية جديدة، بدأت ردود الفعل تستبق جولة الموفد الفرنسي المقبلة. فأجواء بكركي لا تبدي حماسا لأي دعوة لحوار داخلي من أي طرف أتت، وكان لافتا دعوة الكاردينال الراعي لمؤتمر دولي لتنفيذ الطائف، ويبدو ان بكركي تفضله على أي حوار محكوم بالفشل، خصوصا ان اللبنانيين يتحاورون من العام ٢٠٠٦ من دون الوصول الى نتيجة موحدة.

 

موقف بكركي، كما تقول مصادر مطلعة، مبني على تجربة بطريركية غير مشجعة مع الحوارات، نظرا لحجم المشاكل والخلافات بين اللبنانيين، وتمسك كل طرف بوجهة نظره، ولأن بكركي على قناعتها برفض الحوار في الملف الرئاسي، لأن الإنتخابات الرئاسية تجري في مقر مجلس النواب فقط.

 

بتقدير العارفين في الملف اللبناني، ان الجولة الثانية للموفد الفرنسي تشبه الأولى، فهو لن يستطيع تحقيق المعجزات، و”مهمته المستحيلة” لا تزال في المربع الأول، كونها تصطدم بعقبات وتشعبات الوضع اللبناني وتعقيداته، مع بقاء كل فريق لبناني على مقارباته الرئاسية.

 

مع ذلك لن يتم التراجع عن المبادرة الفرنسية، التي ستكمل مسارها لحسابات سياسية واستراتيجية، تدفع الفرنسيين للتمسك بالورقة اللبنانية من جهة، والحفاظ على الدور الفرنسي من جهة اخرى، فلا يصيبه الضمور او ينتقل الملف الرئاسي الى لاعبين اقليميين، في حال فقدت باريس عناصر قوتها في لبنان والمنطقة.

 

العقبة الأساسية أمام مهمة لودريان، الى جانب الانقسام الداخلي، هي عقبة “مسيحية”، فعلى الرغم من السعي الفرنسي للبقاء على مسافة واحدة من الجميع، يتهم فريق من المسيحيين الإدارة الفرنسية بالانحياز الى مرشح “الثنائي الشيعي”، من خلال تشجيع لودريان على تلاقي سليمان فرنجية وجبران باسيل رئاسيا، لأن استمرار خلافهما يطيح بالانتخابات الرئاسية، كما يرى لودريان ان الحوار ضروري بين المكونات السياسية و”الثنائي”، فلا مفر من الحوار معه لانتخاب رئيس للجمهورية، بدل الدخول في الفراغ الخطير.

 

الموقف الفرنسي المبني على نتائج استطلاعات لودريان السابقة، لا يلاقي ارتياحا لدى فريق لبناني يرى ان هناك تبدلا جوهريا في النظرة الفرنسية الى الملف اللبناني، مع انتقال باريس الى الإهتمام بأولويات تأمين مصالحها واستثماراتها ومشاريعها على حساب علاقتها بالمسيحيين، وان الفرنسيين صاروا على تنسيق تام مع القوى السياسية التي تتلاقى معها لضمان مصالحها . وبهذا التحول لم تعد فرنسا ” الأم ولا الأب الحنون” للمسيحيين، وتوزع دورها على المكونات اللبنانية الأخرى.

 

وفي هذا السياق، يكثر الانتقاد المسيحي للدور الفرنسي الذي شهد تحولا كبيرا في السنوات الأخيرة، فنائب تكتل “الجمهورية القوية” جورج عدوان رفض التدخل الفرنسي في الشؤون الرئاسية، متسائلا هل يقبل الرئيس ماكرون ان يرسل لبنان له مستشارين للتعامل مع تظاهرات الشغب؟ وهذا الأمر كما تقول مصادر مسيحية يعبر عن انزعاج صريح لفريق مسيحي من أداء الديبلوماسية الفرنسية.