IMLebanon

مَن ساواك  بنفسه ما ظلمك

لبنان في قمة نواكشوط العربية بحثاً عن التضامن العربي المفقود.

لكن أي تضامن يمكن أن يجده بلد، غير متضامن مع نفسه؟

وأبسط مظاهر انعدام التضامن الحكومي، تشكيل الوفد الوزاري المرافق لرئيس الحكومة، ممثل الرئاسة اللبنانية، في القمة العربية… لقد هبط عديد الوفد الوزاري من أربعة وزراء مفترضين، الى واحد ثابت، هو الوزير رشيد درباس، وزير الشؤون الاجتماعية المعني الأول بأوضاع النازحين السوريين!

وتغطي الوفود الوزارية الى الخارج، التركيبة الطائفية للبلد، وقد حاول سلام اعتماد هذه القاعدة كالعادة، لكنه اصطدم بالاعتذارات، فوزير الخارجية جبران باسيل، بينه وبين وزراء الخارجية العرب، والخليجيين تحديداً ما صنع تحفظه على ادانة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، وما تلا ذلك من تحفظات على قرارات تصف حزب الله بالارهاب… ووزير الصحة وائل أبوفاعور المعني أيضاً بصحة النازحين السوريين، نسب اليه كلام عن واقع حال الدولة المضيفة أسيء فهمه، أو جرى التوسع في تفسيره، ما عطل امكانية حضوره.

أما وزير المال علي حسن خليل، فقد اتسم اعتذاره بالوضوح والصراحة، وقد أدرج في خانة استياء الرئيس نبيه بري من تريث رئيس الحكومة في دعوة اللجنة الوزارية المعنية بالملف النفطي، تمهيداً لاستصدار المرسومين التطبيقيين لقانون النفط في مجلس الوزراء.

ويبرر الرئيس سلام تريثه الى حاجة هذا الملف للدرس والمراجعة، هذا على مستوى الرد الرسمي، لكن عندما يخرج في مجالسه الخاصة عن الرسميات، يعتبر بصراحة أنه أُهين…

ومصدر الاهانة معروف، لقد اتفق رئيس مجلس النواب نبيه بري مع وزير الخارجية جبران باسيل على ما كانا مختلفين حوله في هذا الشأن، من خلف ظهر الحكومة ورئيسها، ثم جاءا يطالبانه بقوننة اتفاقهما في مجلس الوزراء!..

فضلاً عن ان الاتفاق الحاصل تم بالمونة بين من لا صلاحية تنفيذية مباشرة له، مع من لا علاقة وزارياً له بالموضوع.

ويبرر الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون الالحاح على حسم الموضوع النفطي الآن، مع ان اكتشافه رسمياً، يعود الى العام ١٩٩٠، وقد غُيّب يومها عن الاهتمامات، حتى لا يعود شرف استخراجه لحكومة الرئيس رفيق الحريري، ان وراء هذا الإلحاح خوف ضمني من قيام التسوية في سوريا، قبل رحيل أوباما من البيت الأبيض، فيكون من ضَرَب ضرب ومن هَرَب هرب…

التضامن الحكومي متوفر من مسألة مفصلية، تتمثل بالتحفظ على أي قرار يعتبر حزب الله منظمة ارهابية. هنا ينقسم مجلس الوزراء بين موافق على التحفظ وبين صامت حياله… والحصيلة واحدة… من هنا يأمل الرئيس سلام ان تتفهّم الدول العربية، التي تحفّظت على ادراج بند التضامن مع لبنان على جدول أعمال القمة، موقف لبنان وواقعه، فالحزب شريك سياسي في الحكومة، وتوصيفه بالارهاب يطال الحكومة أيضاً، ان لم تكن كشريك فكمتواطئ.

لكن أجواء القمة العربية، لا تبدو في وارد ان تتفهم خروج لبنان عن الاجماع العربي في القاهرة وفي غير القاهرة، ولا أن تتقبّل الحملات السامة المتمادية ضد بلدان شقيقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. بالطبع هناك حملات ضد ايران أيضا، لكنها حملات سياسية تتناول التثوير الايراني المدمّر لبلدان عربية، بينما التعرّض لدول مجلس التعاون، يغلب عليه الطابع الشخصي الجارح، الواقع بوضوح تحت طائلة قوانين العقوبات اللبنانية…

عندما نصاب بالهلع نرتكب الأخطاء، وبالعودة الى البدايات نكتشف ان الهلع المصطنع، هو من استدرجنا الى ما نحن فيه…