IMLebanon

محطات كثيرة تصرّف فيها الحريري وكأن لا شريك مسيحياً له

في الوقت الضائع وفي مرحلة الانتظار والمراوحة لم تحسن القوى السياسية تقطيعه كما يجب بل عمدت إلى الشطارة والاجتهاد وانصرف كل فريق إلى تنفيذ اجندته بحسب مصادر متابعة، محاولا أن «يظمط» بفعلته على إعتبار أن المجتمع الدولي والإقليمي مشغول عنه بالأمور الأخرى. لكن الحسابات الصغيرة والكيدية لم تطابق الحسابات الاستراتيجية التي تعمل عليها القوى المؤثرة في شؤوننا الداخلية. وضاع الجميع في الفوضى الخلاقة ومعهم ضاع الجمهور الذي كان يحتشد على ضفتي 8 و14 آذار. لكن الإيجابية الوحيدة التي خلفتها هذه الفوضى هي في الانشقاق الواضح داخل كل فريق. وأصبح لقوى 14 آذار ناخبان يصنعان الرئيس لكن بمواصفات ملزمة ومطلوبة أبرزها أن يكون من المنتسبين الفاعلين في قوى 8 آذار ومن صنف الصقور. وتشاء الظروف القاهرة والضاغطة أن يختار الناخب الآذاري الرئيس سعد الحريري المرشح سليمان فرنجية فيما لجأ شريكه في «ثورة الأرز» الدكتور سمير جعجع على خيار آخر وهو إعلان تأييد القوات اللبنانية للمرشح ميشال عون.

ضمن هذه الوقائع المفاجئة التي كادت تصيب الجمهور الاذاري بالدوخة . بدأت جولة من الحسابات واحصاء الخسائر والأرباح تضيف المصادر ومعها تصاعدت الارقام وانطلقت من كل حدب وصوب وبات المرشحان وخلفهما الداعمون يتحدثون عن السبعين نائب الذين هم أفضل بكثير من الرقم 40، كما أن النسبة استقرت لدى البعض على 80 بالمئة لناحية التمثيل المسيحي لأحد المرشحين. لكن بعيدا عن الارقام القياسية التي هي لزوم المعركة فإن الواقع الجديد الذي خلفته التفاهمات الجديدة سوف يظهر للعيان في الانتخابات البلدية إذا تجرأ الفريق الآخر ووافق عليها. وتؤكد الإحصاءات صحة المتفائلين داخل فريق معراب – الرابية. كما أن هذا الفريق سيدشن وفاقه في فرعية جزين لملء المقعد الشاغر بوفاة النائب ميشال الحلو. وهكذا سينتخب القواتيون إلى جانب العونيين مرشحا وحيدا قاطعين كافة الطرق من أمام رئيس المجلس النيابي الذي يطمح إلى تشكيلة من مختلف الطوائف في كتلته النيابية بإضافة المقعد الماروني الذي انتزعه تكتل التغيير الإصلاح في الانتخابات الماضية بعدما رفع العونيون قفاز التحدي عبر شعار استرجاع جزين.

لكن حسابات البيدر لدى معراب والرابية تقابلها حسابات أخرى لدى محور بنشعي – بيت الوسط حيث الكلام عن الانتخابات سابق لأوانه وان الأيام القادمة ستكون حبلى بالمفاجآت خصوصا أن النوايا بدأت تتحول إلى عدائية فيما كان رئيس تيار المستقبل يفتش عن الحلول بعدما بلغ الفراغ في سدة الرئاسة الأولى مرحلة خطيرة. لكن بعض الشركاء المسيحيين ومنهم الحلفاء فسروا المقاصد في غير مراميها تقول مصادر مقربة من تيار المستقبل، وحولوا التسوية التاريخية إلى قضية عدائية وبدأت الأصوات تتعالى عن الغبن المسيحي وعن إعادة الحقوق المهدورة في مرحلة يكاد المركز الماروني الأول يضيع في ظل المزايدة الشعبية الرخيصة. ولم يكتف المعارضون برفضهم سياسيا بل تخطوا الخطوط الحمر في الحديث الهامس داخل الحلقات الضيقة عن هيمنة إسلامية على المقاعد النيابية المسيحية. فالذي أوقف العد وأعاد المناصفة إلى الصيغة والميثاق هو فريقنا السياسي تؤكد المصادر، والرئيس الشهيد الذي توج اتفاق الطائف بشراكة طائفية سليمة. واستمر الحريري من بعده. والتاريخ الحديث يشهد كيف وصل النواب الحلفاء إلى مجلس النواب. ففي الكورة والشوف وزحلة كان الالتزام للناخبين السنة عاملا حاسما في نجاح نواب الحليف الذي يغرد حاليا منفردا. والنصيحة إلى حاملي الإحصائيات أن غداً لناظره قريب وقريب جدا.

مصادر مقربة من «لقاء معراب» تعدد المحطات التي تصرف فيها الحريري وكأن لا شريك مسيحياً لديه واهمها: اختيار ميشال سليمان كمرشح رئاسي دون التشاور مع الحلفاء المسيحيين والحملة التي شنها قياديو المستقبل على القوات لانها لم تعارض بكركي في خيار القانون الارثوذوكسي وبعدها مفاوضة عون ويومها سمع جعجع باللقاء الباريسي في وسائل الاعلام واخيراً اختيار فرنجية وجميعها محطات متعلقة بالمركز المسيحي الاول في الدولة علماً ان اخر محطتين تحملان مرارة كون جعجع كان المرشح المعلن ل 14 اذار وقد جرى استبعاده كما حصل مع المرحوم نسيب لحود دون علمه بالاضافة الى تفرد «المستقبل» بالكثير من القرارات والاعمال بتنسيق مع جنبلاط الذي ترك 14 اذار دون اشراك القوات في التسوية الحكومية وآليات اختيار الوزراء واستبعاد القوات عن الوزارات الحساسة.

اما الكلام عن شعبية القوات والدوائر حيث لديها نواب فالكل يعلم وبحسب المصادر، ان القوات تحملت بصدرها مطالبات جمهورها في هذه الدوائر بالانماء وطلبت اليها التغاضي عن المشاريع لان هذه المناطق عانت الامرين منذ 1990.

لكن الغيوم الملبدة بين معراب وبيت الوسط بدأت تنقشع وبدأت عملية غسل القلوب بين الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع. الأول بحضوره المفاجئ فجرا إلى لبنان والثاني بمشاركته حضورا إلى «البيال» حيث تضمن الخطاب الذي تلاه الحريري كلاما موجها لحليفه جعجع. كلام في العلن انتظره جعجع قبل أن تفلت الأمور كما هي الآن. فهل تنشط الواسطات بعد إيجابيات «البيال» ام ان سيف الفراق قد حصل ويبقى كل حليف على مرشحه الرئاسي؟