IMLebanon

14 آذار: قوى إقليميّة تستغلّ الصراع السوري لتوريط لبنان

لم تخرق الجلسة النيابية بالأمس جدار الجمود المحيط بالإستحقاق الرئاسي، كما لم يعدّل المشهد النيابي لوحة التوتّر الأمني التي شهدت إضافات جديدة نتيجة استهداف «حزب الله» دورية إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة. لكن أوراق الإستحقاق ما زالت على حالها خلافاً للواقع الأمني باستثناء الخلاف المستجدّ على محور فريقي 8 و 14 آذار، والذي تخطّى مسألة مشاركة «حزب الله» في الصراع الحاصل في سوريا إلى جانب النظام، إضافة إلى وضع جبهة الجنوب المتوتّرة في الأيام الماضية. وفي هذا المجال، وصف مصدر نيابي في 14 آذار الحملة القاسية التي تتعرّض لها قوى الرابع عشر من آذار منذ يوم الأحد الماضي غير منطقية ولا تستند إلى أية عناصر واقعية، كون خطاب هذه القوى ما زال مستقرّاً ولم يتغيّر إزاء الصراع في سوريا وتدخّل الحزب فيه وارتداداته الأمنية والعسكرية على لبنان عموماً، وعلى قرى البقاع خاصة. ووجد بالتالي أن دوافع هذه الحملة تتخطّى الحالة الأمنية إلى التغطية على ملف رئاسة الجمهورية، واستمرار الفراغ الرئاسي حتى التوصّل إلى اتفاق إقليمي، وتحديداً الضوء الأخضر الإيراني للإنتخابات كما سبق وأن حصل خلال عملية تشكيل حكومة المصلحة الوطنية، والتي ولدت بعد أشهر من المراوحة والتعطيل والمماطلة من قبل أطراف إقليمية معروفة لدى الجميع.

ومن هنا، فإن أصوات المعركة في جرود عرسال وبريتال، والتي فرضت واقعاً أمنياً هشّاً في المنطقة نتيجة الإعتداءات الإرهابية، قد شكّلت بداية مرحلة جديدة من الصراع السوري في لبنان، كما أضاف المصدر في 14 آذار نفسه، والذي رأى أن هذه المرحلة ستكون ذات طابع أمني مئة بالمئة، أي أن كل الملفات السياسية وغير السياسية ستتراجع في سلم الأولويات، وبالتالي، فإن الأولوية لن تكون للملف الرئاسي، وذلك بدليل استمرار المراوحة على صعيد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، على الرغم من خطورة اللحظة الداخلية، وذلك بعدما انخرط لبنان بشكل كلي في الآتون السوري وبات مربوطاً بالصراع الدائر هناك.

وقال المصدر النيابي ذاته، أن الخلاف مع «حزب الله» كما الحملة من قبل فريق 8 آذار على فريق 14 آذار، لا تحول دون القراءة الموضوعية في حوادث عرسال الأولى أو معركة جرود بريتال الأخيرة وعملية شبعا، والتي تشير إلى أن الساحة اللبنانية لن تكون بمنأى عن وضع المنطقة والإشتباك الإقليمي ـ الدولي، وليس فقط الصراع السوري. وأوضح أن كل حدث أمني يشكّل تطوّراً في سياق هذا الإشتباك المتعدّد الأطراف، والذي لا يقتصر فقط على الصراع في سوريا، بل يتعدّاه إلى الملف النووي الإيراني. وفي الخلاصة فإن لبنان تقول المصادر في 14 آذار بات في عمق الخلاف الإقليمي، ولم يعد بمقدور أي طرف فيه أن يعمل لنأي الساحة اللبنانية عن النار المشتعلة في المنطقة، حيث أن عملية تصفية الحسابات بين القوى الإقليمية والدولية التي بدأت في سوريا ثم في العراق فاليمن قد انتقلت إلى لبنان أخيراً.

وفي حين أعرب المصدر النيابي في 14 آذار نفسه عن خشيته من أن تكون الأحداث الأخيرة التي وقعت في جرود بريتال مؤشّراً على تطوّرات دراماتيكية قد تُسجّل في الأسابيع القليلة المقبلة، في ظل التقدّم والتصعيد في عمليات التحالف الدولي ضد الإرهابيين في سوريا والعراق على حد سواء، مما سيؤدي إلى فتح بازار واسع في المنطقة، حيث يسعى كل لاعب إقليمي إلى تحقيق مكاسب خاصة به على حساب الصراع في سوريا وما يستتبعه من ارتدادات أمنية على الساحات المجاورة، وخصوصاً على الساحة اللبنانية.