IMLebanon

إتفاق الترسيم بداية انفراج وصدمة إيجابيّة للوضع النقدي والإقتصادي

رفع «الفيتو» الأميركي عن الكهرباء وإشعال الضوء الأخضر لتحريك المساعدات

هل ينجز اتفاق ترسيم الحدود البحرية قبل نهاية ايلول او في النصف الاول من تشرين الاول المقبل ؟ وما هي النتائج المباشرة لاعلان هذا الاتفاق؟

 

المعطيات المتوافرة في الايام الاخيرة، تؤكد ان ملف الترسيم اصبح في مرحلته الاخيرة او في خواتيمه، كما نقل نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب امس عن الرئيس ميشال عون.

 

ويتلاقى هذا التوصيف مع ما صرح به الرئيس نجيب ميقاتي بعد لقائه في نيويورك وزير الخارجية الاميركي ، وان بشيء من الحذر ، عندما قال ان ملف ترسيم الحدود البحرية « يشهد تقدما كبيرا».

 

ويكمن الحذر رغم هذا التقدم الكبير في ان العدو الاسرائيلي ، الذي دأب مسؤولوه منذ اسابيع الكلام باسهاب عن التقدم والاجواء التفاؤلية ، يحرص اليوم على عدم الحديث عن هذا الموضوع بشكل قاطع وحاسم .

 

ومع ان الحكومة «الاسرائيلية» قد ابلغت الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين في جولته الاخيرة انها تتعامل مع ملف ترسيم الحدود البحرية بشكل منفصل عن اجواء معركة الانتخابات «الاسرائيلية» الداخلية المقبلة في تشرين، الا ان هناك اعتقادا قويا بان هذا الملف يدخل في صلب الحملات المتبادلة بين طرفي الصراع في هذه الانتخابات . وقد عكس هذا الامر رئيس الوزراء «الاسرائيلي» السابق نتنياهو حين إتهم امس رئيس الحكومة لابيد بانه « ينوي تسليم لبنان دون اي رقابة او سيطرة من اسرائيل، احتياطاتنا من الغاز في كاريش التي تبلغ مليارات الدولارات والتي يستخدمها حزب الله لشراء آلاف الصواريخ التي تستهدف المدن الاسرائيلية».

 

من هنا يبقى الحذر واجبا في التعامل مع المفاوضات غير المباشرة التي يجريها هوكشتاين حتى لحظة انجاز واعلان الاتفاق بشكل نهائي ، خصوصا ان العدو الاسرائيلي اعتاد على المناورة في هذا الملف منذ سنوات .

 

لكن في جانب آخر، ترى مصادر سياسية ان هامش المناورات «الاسرائيلية» ضيق بعد تكريس معادلة كاريش مقابل تأمين كل مطالب لبنان وحقوقه كاملة، كما اكد لبنان للوسيط الاميركي على لسان الرؤساء الثلاثة وكما عبر الامين العام لحزب الله في خطابه الاخير .

 

وتعتقد المصادر ان من ابرز عوامل تضييق هامش المناورة «الاسرائيلية» الى جانب الموقف اللبناني الثابت:

 

١- حاجة الادارة الاميركية الى انجاز هذا الملف عن طريقها، نظرا للمكاسب الاستراتيجية التي تتوخاها في موضوع النفط والغاز خصوصا بعد تداعيات حرب اوكرانيا. وكذلك ادراكها ان عدم التوصل الى اتفاق يهدد بنشوب نزاع وحرب بين لبنان و»اسرائيل» وبذلك يهدد المنطقة باسرها.

 

٢- حاجة «اسرائيل» الى الاسراع في التنقيب واستثمار النفط والغاز، لاسيما من حقل كاريش للافادة من الحاجة العالمية لمثل هذه الثروة في ضوء حرب اوكرانيا. ويعلم المسؤولون «الاسرائيليون» ان مفتاح كاريش هو الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية مع لبنان.

 

٣- حاجة العالم، خصوصا اوروبا، للنفط والغاز ورغبتها في ايجاد مصادر بديلة عن روسيا .

 

وبرأي المصادر ان المعلومات الاخيرة تؤشر الى اننا اصبحنا اقرب الى انجاز ملف ترسيم الحدود اكثر من اي وقت مضى، وان الاتفاق المرتقب سيشكل انجازا مهما يعول عليه في خروج لبنان من محنته ، ويعتبر فرصة ذهبية له لمعالجة ازمته الاقتصادية والمالية والاجتماعية، كما عبر السيد نصرالله وقبله الرئيس بري في مهرجان الامام الصدر بعبارة اخرى.

 

ويقول احد المسؤولين المتابعين لهذا الملف ان اتفاق ترسيم الحدود البحرية سيؤدي الى نتائج مهمة فورية وفي مرحلة لاحقة منها:

 

– احداث صدمة ايجابية مباشرة في لبنان تعيد الثقة بوضعه بشكل عام، وتنعكس على الوضع النقدي بما يسهل عملية توحيد سعر الصرف.

 

– ان انجاز واعلان هذا الاتفاق له انعكاسات فورية عديدة لا سيما على ازمة الكهرباء ، حيث يتوقع ان تبرز مرونة واضحة في الموقف الاميركي لجهة «رفع الباط» عن موضوع تنفيذ جر الكهرباء من الاردن والغاز المصري، باعتبار ان تجميد هذين الامرين ليس مرتبط بشروط البنك الدولي بقدر ما هو ناجم عن قرار الحصار الاميركي غير المعلن.

 

– ان اعلان اتفاق الترسيم سيخلق اجواء من الثقة ستنعكس حتما على علاقة الدول والهيئات المانحة مع لبنان ويفتح الابواب امام تقديم المساعدات له، اذ ان تأخرها وحجبها عنه اليوم لا يعود فقط الى مشكلة الفساد وضرورة اقرار الاصلاحات فحسب ، وانما ايضا لقرار عقابي غير معلن بحق لبنان.

 

اما النتائج غير الفورية فهي كثيرة وواسعة تبدأ باشعال الضوء الاخضر للتنقيب عن النفط والغاز من الحقول اللبنانية، وتنتهي بدخول لبنان في نادي دول النفط ، ما يعني ذلك من تحول كبير في بنيته الاقتصادية.