IMLebanon

المشنوق يدفع «ثمن اعتداله»

بعد إنتشار اشرطة فيديو تعذيب بعض الموقوفين في سجن روميه، عادت اجواء البلبلة والتوتر الى عاصمة الشمال طرابلس، لان معظم الموقوفين الذين تعرّضوا للضرب المبرح هم من ابناء طرابلس، بحسب ما اشار مصدر نيابي طرابلسي لـ«الديار»، معتبراً ان الذي جرى لا يمكن قبوله بتاتاً، لانه ومن خلال هذه الطريقة فهم يشجّعون التيارات السلفية للانتشار اكثر فأكثر في طرابلس، لان المشاهد التي رآها اللبنانيون والعالم لا تصلح للحيوان فكيف بالانسان؟، ورأى أنه لا توجد شريعة في العالم تسمح بذلك، لانهم ذكّرونا بأنظمة دول الحرب العالمية الاولى والثانية، ومشاهد التعذيب هذه تخطت بوحشيتها عذابات سجنيّ» ابو غريب وغوانتانامو»، مشيراً الى ان وزير الداخلية نهاد المشنوق اراد من خلال ما قام به تحقيق حلمه بالوصول الى رئاسة الحكومة والفوز بمنصب دولة الرئيس ، لكن نطمئنه بأن حلمه هذا لن يتحقق، فهو لا «يتمرجل» إلا على ابناء طائفته فقط، داعياً اياه الى الاستقالة لانها افضل الحلول، بحسب تعبيره.

الى ذلك رأت مصادر سياسية مواكبة لما حصل في روميه أن ما رأيناه اعطى مرتبة جديدة للجماعات السلفية لإحتضان اهل السنّة، وبالتالي ايقظ من جديد المارد السنّي ليخرج من القمقم ، وخصوصاً التيارات الدينية التي بإستطاعتها اللعب على الوتر المذهبي بسرعة كبيرة في طرابلس وعكار وسعدنايل وعرسال والطريق الجديدة والجزء الاكبر من بيروت، حيث يبدو اهل السّنة هناك ومتطرّفين لانهم يريدون فقط إستعادة موقعهم كلبنانييّن ، لافتة الى ان اجواء الرعب والخوف تخيّم على عاصمة الشمال التي تعيش على فوهة البركان، جراء غليان الشارع الطرابلسي واهل الموقوفين الاسلاميين.

واعربت هذه المصادر عن خشيتها من سعي السلفيّين المتطرفين الى العمل من الان فصاعداً على شد العصب السّني، في سبيل الجهاد والانتشار اكثر فأكثر في المناطق اللبنانية، مما يعني ان الاشكالات ستعّم المناطق لان بعض اهل السّنة يسيرون وراءهم تحت شعار مذهبي يحوي الكثير من الاحتقان، مؤكدة ان التشاور قائم حالياً مع مشايخ المدينة والتيارات السلفية الخفية ، اذ يسّجل لدى الاهالي نقمة كبيرة على سياسة البعض التي قضت عليهم كما يقولون، وهذا يعني ان التيارات السلفية نجحت في تغييّر سياستهم من خلال الوتر العاطفي الذي تستغله بهدف إعطاء شعبية لها، انطلاقاً من انها تحوي مشايخ سّنة يبرزون خلال خطب الجمعة في المساجد، ويدعون الى تصحيح المفاهيم من خلال إعتبارهم أن التسّلح يتم بهدف الدفاع عن النفس ضد كل من يضطهد المسلمين السّنة وفي طليعتهم حزب الله، كما لا ينفي المشايخ وجود سلفية جهادية في لبنان هدفها الاول والاخير إسترجاع حقوق السّنة في لبنان، وهذا يعني ان طرابلس اليوم «فلتت» من يد جماعة الوسطية واصحاب الكلمات الرنانة التي تدعو الى العيش المشترك واحترام مؤسسات الدولة، وكل هذا يحتاج الى رفع السقف عالياً من تيار«المستقبل» للحؤول دون انتشار هذه التيارات في كل لبنان، وبصورة خاصة في طرابلس.

وسألت المصادر المذكورة عن التوقيت المريب لتسريب الفيديو الذي صوّر منذ شهرين، بالتزامن مع صعود الخط السياسي للوزير المشنوق على أثر إنفتاحه على الخصوم، وتحديداً حزب الله واكثرية فريق 8 آذار، بحيث تم إستبداله بالنائب السابق غطاس خوري للحوار مع العماد ميشال عون، مما يعني ان حظوظه برئاسة الحكومة باتت وشيكة، ملمّحة بإمكانية ان تكون جماعة الوزير اشرف ريفي في سجن روميه هي التي سرّبت الاشرطة، ما جعل الاهالي يطالبون على الفور بإستقالة المشنوق ويتهمونه بالتآمر على اهل طائفته من اجل الوصول الى الرئاسة الثالثة، ورأت ان القضية إتجهت الى منحى طائفي ومذهبي، وهذا خطر جداَ مع العلم أن العناصر التي قامت بالضرب والتعذيب تنتمي الى مختلف الطوائف والمذاهب ومن بينهم سنّة ايضاً.

وختمت هذه المصادر بان شيئاً ما يتحّضر لإسقاط المشنوق حتى من ابناء تياره، مبدية تخوفها من انفجار الشارع السنّي في أي لحظة، مع التأكيد على عدم وجود من يردعه، لذا تنشط حركة اتصالات واسعة لضبط ردات الفعل، مع وعود بمحاكمة المسؤولين عما جرى في السجن، بحيث تتابع شعبة المعلومات تحقيقاتها، مع تشكيل لجان قضائية في المحافظات تُعنى بمناهضة التعذيب في السجون، في ظل معلومات عن أن عدداً غير قليل من عناصر شعبة المعلومات قد تم توقيفهم، وبأن لا تراجع في هذه المسألة مهما كانت النتائج والتدخلات.