IMLebanon

قصداً وعمداً  

 

يتعذّر إيجاد أي توصيف للكثير مما يجري في سوق الدواء سوى أنه عمل قراصنة ومافيات. والفضيحة التي أزاح الستار عنها، أمس، وزير الصحة العامة الدكتور حمد حسن تَبيّن، بما لا يقبل أي شكّ، أنها جريمةٌ لا تُغتفر، يُنفّذها قصداً وعمداً من لا ذرّة له من الضمير والوجدان. والدليل ذلك الصيدلاني الذي حصل على كمّ ضخم من أحد الأدوية (كما أثبت الوزير بالوثائق) ثمّ تبيّن أن هذا الكمّ فُقد من الصيدلية بما لا يمكن أن يكون المستهلك المريض قد حصل عليه في الساعات القليلة. إضافة إلى عجز الصيدلية عن أن تُثبت كيف وممن باعت تلك الكمية.

 

في تقديرنا أنّ قرار الإقفال بالشمع الأحمر لا يكفي. هو ضروري وأضعف الإيمان، ولكن يجب أن تتبعه محاكمة تأديبية وقضائية، تضع حداً لهذا الجشع الإجرامي الذي يُقدم عليه كثيرون، عن سابق تصميم، في سبيل إنتفاخ الجيوب على حساب المريض اللبناني، بتهريب الدواء إلى خارج الحدود، وهو مدعوم من خزانة الدولة (الفارغة أساساً).

 

إنّ الدعم قرارٌ مهمّ مُعتمَد في لبنان منذ ما قبل هذه الأزمة الخانقة التي نعيشها، ولكن ليس ليتحوّل إلى جيوب أصحاب الضمائر العفِنة، وإلى مواطني دول أخرى!

 

وما ذكرناه أعلاه ليس سوى مثال محدود على ما يجري في سوق الدواء. وإذا كان المثال المذكور تناول إحدى الصيدليات (ونحن نعرف ما يعانيه قطاع الصيدلة من صعوبات والأكثرية الساحقة من الصيادلة هم ذوو ضمير ومواطنية) فهو لا يُقتصر على القطاع إنما يتجاوزه إلى قطاع إستيراد الدواء و…إحتكاره. فكيف يسمح لنفسه من يملك أي حدّ من الضمير أن يحجب الدواء عن الذين يُعانون الأمراض، خصوصاً المزمنة، بانتظار أن يُعيدَه النذر اليسير عندما يزداد إرتفاع سعر الدولار في السوق السوداء ليُضاعف الأرباح الحرام؟!. إنها جريمة أكثر من موصوفة نطالب بإجراءات مشدّدة ضدّ مُرتكبيها.

 

وأودّ أن أغتنم هذه المناسبة لأعلن التعاطف مع زميل صحافي عزيز علينا، مقيم في طرابلس، يفتقد إلى دواء أكثر من ضروي لحالته الصحية الصعبة، ولا يجده إلا بالقطّارة، هذا إذا توافر له.

 

إنّ ما ترتكبه هذه العصابات والمافيات يشكّل جريمة في حقّ الوطن والمواطن والإنسانية في الظروف العادية، فكم بالحري في ظروفنا الكارثية الحالية!