IMLebanon

المسافات بين جنبلاط والمعارضة تتسع…” لا كيمياء” تغيّب لافت لـ” الاشتراكي” عن لقاء معراب…

 

كثيرة هي هواجس الرئيس السابق للحزب ” التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط في هذه الفترة، فالمخاوف تزداد من تفاقم الاوضاع على الصعد كافة، من التدهور الامني الجنوبي الى احتمال اتساع الحرب، وملف النزوح السوري الذي كثرت تداعياته السلبية بكل أبعادها على لبنان واللبنانيين، والمشاهد الاخيرة المتنقلة بين المناطق اللبنانية منذ فترة وجيزة خير دليل على ما يجري.

 

هذه الملفات حضرت منذ أيام مع جنبلاط، خلال اللقاء الذي جمعه مع المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، في حضور النائبين وائل أبو فاعور وهادي أبو الحسن، فبرز ملف النزوح الذي سيكون قريباً جداً عنوان جولة سيقوم بها بعض نواب “الاشتراكي” على الافرقاء السياسيين، لشرح وجهة نظر الحزب في هذا الاطار، للتوصل الى موقف موحّد. وتنطلق الورقة “الاشتراكية” من آلية التعامل مع المجتمع الدولي الهادف الى إبقاء النازحين في لبنان، وضرورة مساندة الحكومة لمعالجة هذا الملف الشائك، قبل انعقاد مؤتمر بروكسل الذي سيبحث هذه القضية في 27 ايار المقبل.

 

وافيد وفق المعلومات بأنّ لقاءات جنبلاط بقياديين من حزب الله  تجري بعضها في العلن وبعضها الآخر في الخفاء، لانه بات على مسافة قريبة من “الثنائي الشيعي”  وبعيدة من المعارضة، لذا لم يعد أحد يتفاجأ  بتقلباته السياسية، ولا أحد يدري ماذا يدور في فلكه حتى “يشطح” سياسياً كل فترة، إذ لا تستطيع أي مرحلة أن تمحو خطاباته الفجائية، والتي تأتي من دون سابق تصوّر وتصميم، فإذا به يستدير بسرعة غير متوقعة، وتساعده في ذلك أنامل رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، الصديق والحليف الدائم الذي لا يستطيع جنبلاط الابتعاد عنه، خصوصاً أنه يعمل عند الضرورة على خط إصلاح علاقة المختارة بحارة حريك، ويكون المفتاح الذهبي لفتح درب العلاقة ومسافاتها الشاسعة في بعض الأحيان.

 

وفي أحيان أخرى “يشطح” جنبلاط نحو أي خصم سياسي من دون وساطة، فكما تنقّل من ضفة 8  آذار الى ضفة 14 آذار في العام 2005، ومن ثمّ عاد إليها بالطريقة عينها في شهر آب من العام 2009، حين ألقى قنبلة سياسية خلطت أوراق التحالفات السياسية مع تغيير خطابه وإعلانه: “أنّ تحالف الحزب “الاشتراكي” مع قوى 14 آذار كان بحكم الضرورة، ولا يمكن أن يستمر”.

 

الى ذلك ومع تفاقم الشغور الرئاسي، قام جنبلاط قبل فترة عبر بعض نواب “اللقاء الديموقراطي” بجولة على  الاطراف السياسية، لطرح مبادرة تهدف الى التوافق على رئيس، تاركاً الخط المعارض بطريقة غير مباشرة، حتى خرج التباين بينهما الى العلن، كما أصبحت مواقفه تتباعد عنها شيئاً فشيئاً، حتى برزت زيارات موفدين من حزب الله إلى كليمنصو، فيما استمرّ “الثنائي الشيعي” على موقفه المتمسّك بترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية للرئاسة، ورفض القبول بأيٍّ من المرشحين الوسطيين الذين يطرحهم جنبلاط وغيره، لكنّ الأخير حافظ على التمسّك بحزب الله لأنّ المرحلة تقتضي ذلك.

 

في السياق، تطرح اللقاءات “الاشتراكية” مع حزب الله بين الحين والآخر علامات استفهام بالجملة من قبل مراقبي تطور الأحداث السائدة، سائلة :” كيف سيكون وقع الاستدارة الجنبلاطية على الحلفاء غير الكثر عددياً؟ وعلى المملكة العربية السعودية خصوصاً مع حضور النائب أبو فاعور تلك اللقاءات؟ وهو المعني الدائم بملف الرياض- المختارة، والمهتم بعلاقة الطرفين.

 

من هنا، تشير مصادر سياسية مطلعة على ما يجري بين الطرفين، الى أنّ التغيرات في المنطقة فرضت واقعاً سياسياً جديداً استدعى إزالة التباين السياسي بينهما، لكن ذلك لم يرق القاعدة الجنبلاطية والكوادر والأعضاء، الأمر الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي لفترة معينة، ومن ثم التزم المناصرون الصمت بطلب من القيادة “الاشتراكية”، فخلصوا إلى خاتمة لافتة وهي ضرورة الحفاظ على العلاقة السياسية مع أي فريق، لأنّ ذلك يعني الخير للبنان في هذه الظروف، وبالتالي فالتقارب السياسي أفضل بكثير من التباعد الكفيل بهدم كل ما تمّ إصلاحه، مع إمكان أن يكون لجنبلاط قراءة سياسية معيّنة، تحمل المخاوف والمعطيات الإقليمية الجديدة. واشارت المصادر إلى وجود مخاوف، من أن تكون الطبخة السياسية تتحضّر على نار قوية بين حارة حريك والمختارة، وقد تكون رئاسية وتؤدي بجنبلاط لاحقاً إلى الجلوس الى مائدة 8 آذار والمضيّ بدعم فرنجية، معتبرة أنّ الوقت كفيل بتوضيح ما يجري، لذا سيكون هذا الملف موضوع متابعة ليبنى على الشيء مقتضاه، لكن المصادر المذكورة عادت وذكّرت جنبلاط بما أعلنه سابقاً: ” بأننا خضنا تجربة رئيس من فريق 8 آذار هو ميشال عون، وكانت تجربة فاشلة”، ومعنى ذلك أنه لا يجب الوقوع في الخطأ مرة أخرى”…

 

في غضون ذلك، اعتبرت مصادر مسؤولة في “الاشتراكي” أنّ جنبلاط لا يسير اليوم على خط مغاير، وترفض مقولة ” انعطافة المختارة “، وتصف ذلك بالانفتاح على حزب الله لتنظيم الخلاف ليس أكثر، خصوصاً في هذه الظروف التي تستدعي الوحدة، وتقول: “لذا أطلق جنبلاط مجموعة مواقف متضامنة مع حرب غزة مع بعض التوصيات لحزب الله، فالمرحلة تتطلب التضامن، ونحن نقوم بالتنسيق مع الحزب منذ بدء الحرب على جنوب لبنان، خصوصاً بمسألة تأمين النازحين الجنوبيين من كل النواحي في مناطق الجبل، ونعمل على تجاوز الاختلاف السياسي.

 

وعلى خط مغاير، يبدو أنّ انقلاب جنبلاط قد أربك حلفاءه السابقين أي المعارضة، فغابت الكيمياء من جديد في ظل مخاوف المعارضة من مضيّ جنبلاط بسليمان فرنجية رئيساً، تحت حجة ” التحولات الإقليمية المرتقبة “،  لذا تميل الدفة الجنبلاطية اليوم نحو حارة حريك. وما دام سيبقى جنبلاط الرئيس الفخري للحزب “الاشتراكي” و “اللقاء الديموقراطي”، ستكون الحارة مطمئنة، خصوصاً بعد غياب وفد “الاشتراكي” عن لقاء معراب منعاً للإحراج، حتى النائب مروان حماده  تغيّب عن الحضور، وهذا يعني انّ المسافات مع المعارضة تتسع، ولا سبيل لعودة المياه الى مجاريها على ما يبدو.