IMLebanon

لماذا يصرّ فخامته على إلغاء «اتفاق الطائف»؟  

 

فخامته منذ أن كان رئيس الحكومة العسكرية التي كلفه بها الرئيس السابق أمين الجميّل، تلك الحكومة التي كانت لها مهمة واحدة «حسب التكليف»، وحسب «الدستور» هي تحضير الأجواء لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية… منذ ذلك التاريخ وفخامته يصرّ على خرق الدستور ومخالفة الطائف بعد توقيعه.

 

وبالفعل فإن الجنرال ميشال عون عمل ما في وسعه لإدارة الدولة والسيطرة على الحكم والجلوس في قصر بعبدا… لكنه تناسى أهم بند من البنود التي كُلّف من أجلها ألا وهو التحضير لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

 

وبالرغم (خلال وجوده في بعبدا) من كل المحاولات وكل العروض التي عُرضت عليه في الطائف، والدعوة الملكية التي وجهت إليه للذهاب الى المملكة العربية السعودية من أجل الاتفاق معه على مخرج للأزمة التي وضع نفسه فيها، لقد رفض كل المحاولات وبقي في بعبدا، وحتى بعد انتخاب الرئيس المرحوم رينيه معوّض ظلّ رافضاً الخروج.. وعندما انتخب الرئيس المرحوم الياس الهراوي رئيساً جرّب أكثر من مرّة الإاصال به، لكن وبالرغم من كل الوساطات التي جرّبت معه ظل مصرّاً على التمسّك بالبقاء في قصر بعبدا معتبراً نفسه صاحب حق.. ما اضطر الرئيس الياس الهراوي الى اتخاذ قرار تاريخي، وحصل خلاف بينه وبين رئيس الحكومة في ذلك الوقت الرئيس سليم الحص، أمدّ الله في عمره، حين قال الحص للرئيس الهراوي إنّ العملية العسكرية إن حصلت فسوف تكلف اللبنانيين مزيداً من الدم.

 

هنا قال الرئيس الهراوي يا دولة الرئيس أنا ماروني وميشال عون ماروني وإنني اتخذت هذا القرار بعد أن نفد صبري، حيث اني جرّبت كل الحلول وعرضت عليه مخارج عدّة ولكنه بقي مصرّاً على البقاء في قصر بعبدا.

 

أمام هذا الواقع أرى انه لا بد من إزالة حالة التمرّد، التي يمارسها الضابط الخارج على القانون ميشال عون ويجب معاقبته، وفعلاً صَدَرَت الأوامر للجيش اللبناني بإنهاء حالة التمرّد في قصر بعبدا، واستعان الجيش اللبناني بالجيش السوري. وهكذا دخل الجيش السوري بقيادة العميد علي ديب الى قصر بعبدا وألقى القبض على زوجة ميشال عون وبناته الثلاث، حيث طلب العميد علي ديب من الوزير السابق المرحوم ايلي حبيقة أن يتسلم «أهل» ميشال عون، أي زوجته وبناته الثلاث، وللعِلم فإنّ البطل ميشال عون الذي كان يريد أن يكسر رأس الرئيس حافظ الأسد، كان أوّل إنسان يهرب بالبيجاما الى السفارة الفرنسية في مار تقلا – الحازمية بالرغم من تصريحه قبل لحظات من بداية إنهاء حالة التمرّد، بأنه سيبقى مدافعاً عن القصر وسيكون آخر مدافع عن الشرعية، طبعاً الشرعية بمفهومه لا الشرعية الحقيقية.

 

والباقي معروف، كيف نقل الى فرنسا وماذا فعل في فرنسا، قبل نهاية عهد إميل لحود، أرسل الأخير ابنه اميل لحود والمحامي كريم بقرادوني و»يُقال» مع ضابط كبير الى فرنسا للاتفاق على عودة ميشال عون الى بيروت.

 

والبقية معروفة، إذ استطاع عون بالاتفاق مع «الحزب العظيم» أن يصل الى الرئاسة… ومنذ تسلمه الرئاسة نتوقف عند المحطات التي مارسها كي يلغي ”الطائف“ الذي صار دستوراً للبنان:

 

أولاً: عدم توقيع مرسوم التشكيلات القضائية، بالرغم من توقيع رئيس الحكومة عليها وتوقيع وزيرة العدل التي صرّحت قبل توقيعها، انها تنتظر المرسوم بفارغ الصبر لتوقع عليه… لكنها عادت وتراجعت بناءً لاتصال تلقته من الصهر العزيز، الذي لا يعيّـن أي وزير، قبل توقيع كتاب الاستقالة لتكون في جيبه، ليستعملها عند الحاجة… ولا يزال المرسوم في درج مكتب الرئاسة لا يريد أن يوقعه… وهذه مخالفة صريحة وواضحة للدستور.

 

ثانياً: التوقيع على مرسوم التجنيس… طبعاً هذا تم لسببين: أولاً الحجّة بأنّ المراسيم السابقة أخلّت بالتوازن الطائفي، وثانياً من أجل المصالح الانتخابية لصهره العزيز..

 

ثالثاً: خروج فخامته عن دوره كحكم والمطالبة بحصّة وزارية… تارة وتارة ثانية بتسمية الوزراء المسيحيين.. وهنا نتذكر انتقاده لإعطاء الرئيس ميشال سليمان وزيرين، حيث قال إنّه لا يحق إعطاء رئيس الجمهورية حصّة وزارية. وهنا تذكرت عندما كان رئيس حكومة وترشح المغفور له الرئيس سليمان فرنجية للرئاسة كان انتقاده يومذاك ان الرئيس فرنجية عمره لا يسمح له بأن يترشح… والمصيبة أنّ عون عندما ترشح كان عمره أكبر من عمر المرحوم الرئيس فرنجية..

 

رابعاً: الثلث المعطل وهذه مصيبة المصائب، إذ يريد أن تكون الحكومة كلها متوقفة على رأي وقرار فخامته، وبالممارسة أثبت أنّ عملية الثلث المعطل عطلت كل الحكومات وبقي رئيس الحكومة عاجزاً عن تفعيل دور الحكومة وعن إنتاج الأعمال المتوجب عليه القيام بها.

 

خامساً: عدم التوقيع على مرسوم 6433 والمتضمّن الخريطة الجديدة المتفق عليها في المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.

 

سادساً: عدم حث الحكومة على تعيين موعد لإجراء الانتخابات الفرعية.

 

سابعاً: السكوت على تصرّفات وزير الاقتصاد راوول نعمة بتوجيهه كتاباً الى المحقق العدلي المعيّـن في قضية تفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020 القاضي طارق البيطار والطلب منه إلغاء الأعمال الحربية والإرهابية من دائرة الأسباب التي أدّت الى انفجار مرفأ بيروت.

 

أكتفي بهذه المحطات اليوم ولكن لنا عودة لأنّ هناك الكثير من الممارسات التي تنتهك الدستور والأعراف التي يدّعي أنه يتمسّك بها لا تزال بحاجة الى توضيح وتفصيل.