IMLebanon

ميشال عون ولبنان وسوريا والمنطقة والعالم غير الـ 1988

لو لم «ينكش» غطاس خوري بإيعاز من رجل الأعمال جيلبير شاغوري اسم النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، لبقي الترشّح لهذه الرئاسة حلماً مستحيلاً بالنسبة لفرنجية، ولكن حدث ما حدث ومرّ عام على خطوة ترشيحه التي أحدثت «هزّة» في الداخل اللبناني، وحتى حلفاؤه رفضوا السير به رئيساً، وطوال عام لم يستطع فرنجيّة الذي لا يملك أيّ شعبيّة في أكثر من نصف زغرتا أن يخترق جدار الرّفض السياسي والشعبي لترشيحه، ومع هذا لا يجد «خيّ» بشّار الأسد غضاضة في التمسّك بادّعاء أنّه مرشّح جدّي لرئاسة لبنان!!

وأطرف ما صدر عن النائب سليمان فرنجية خلال اليومين الماضيين تغريدة أرفقها بهاشتاغ، حاول اللعب فيها على وتر أحداث العام 1988 وما تلاه من أحداث في العامين 1989 و1990 وهو بذلك يقصد التخويف والتهويل على اللبنانيين فقال: «إذا اتفق الرئيس سعد الحريري مع العماد ميشال عون وسَمّاه لرئاسة الجمهورية، فهو سيحصد نفس النتيجة حينما سمّى الرئيس أمين الجميّل عون رئيساً للحكومة سنة ١٩٨٨»، بداهة علينا أن نلفت القارىء إلى أن الرئيس سعد الحريري يتحمّل مسؤولياته تجاه المأزق اللبناني، في حين أن الرئيس أمين الجميّل رمى لبنان خلف ظهره وغادر إلى فرنسا فور انتهاء ولايته الرئاسيّة التي لم يفلح في إقناع الرئيس حافظ الأسد بتجديدها له، وأنّ كل ما تلا ذلك من أحداث يتحمّل مسؤوليّته التاريخيّة الرئيس أمين الجميّل لأنه لم يبذل جهداً لتأمين انتقال السلطة إلى رئيس آخر!

وهنا نودّ أن نلفت النائب سليمان فرنجيّة أنّ العماد ميشال عون اليوم هو غير ميشال عون العام 1988، إذ لم يعد قائداً للجيش ولا يملك بيده أي سلطة عسكريّة، ونودّ أن نلفته ثانياً أنّ لبنان العام 2016 هو غير لبنان العام 1988، في ذاك العام كان في لبنان أربعين ألف جندي لجيش الإحتلال السوري منتشرين على أكثر من نصف الأراضي اللبنانيّة، وهذا الاحتلال اندحر في العام 2005 وغادر الإحتلال السوري مطروداً الأرض اللبنانية على وقع هتاف اللبنانيين على مرأى من العالم، في نيسان العام 2005.

ولبنان اليوم وبرغم الانقسام بفعل الخلاف السياسي، هو غير لبنان العام 1988، اليوم لبنان واحد موحّد، وجيشنا واحد موحّد، ولا حرب أهلية ولا تقسيمات جغرافيّة ولا ديموغرافيّة تفرز الأرض والشعب، ولا ميليشيات مسلحة تحكم الأرض بفعل الأمر الواقع، ولا صراعات تنخر الدولة والجيش وبرغم الوجود المسلّح لحزب الله، الجيش اللبناني منتشر في الجنوب بعد طول قمع ومنع من حزب الله والاحتلال السوري، حتى في الضاحية الجنوبيّة حزب الله يستنجد بالدولة من حين لآخر، نعم ثمّة واقع شاذّ جداً بفضل وجود فريقٍ يدين بولائه للاحتلال الإيراني، وسلاح هذا الحزب مهما طال الزمن لا بدّ من أن يدخل تحت سلطة الدولة والجيش اللبناني، مهما طال الصمت عنه!

وسوريا العام 2016 غير سوريا العام 1988، بالكاد النظام السوري يملك اليوم بقايا ميليشيا لا جيش، فشل هو وحزب الله وإيران في السيطرة على الجغرافية السورية فاستنجد بالحليف الروسي الذي لولا مصالحه وآخر قواعده على البحر الأبيض المتوسط لما أرسل طائرة واحدة لإنقاذ دمشق من السقوط، ومع هذا هو وبكل المرتزقة الذين يقاتلون عنه عاجز عن بسط سيادته إلا على العاصمة دمشق، وإذا ما انسحب حزب الله من الحرب ومعه مرتزقة إيران سقط نهائياً نظام «خيّ» سليمان فرنجيّة، فمن أين سيتحصّل على أربعين ألف جنديّ يحتل بهم لبنان ويدخله خلسة تحت مسمّى جيش التحرير الفلسطيني ليحتلّ أرضنا ويقهر شعبنا!!

بالمناسبة أيضاً، نودّ أن نلفت نظر «خيّ» بشار الأسد النائب سليمان فرنجيّة، أنّ انتخابات العام 2009 التي أعادته إلى المجلس النيابي خاضها من ضمن عباءة العماد ميشال عون وكتلة الإصلاح والتغيير والتي ضمّت وقتها 27 نائباً تسعة عشر نائباً منهم ثمانية من أحزاب وكتل حليفة، بينها «كتلة لبنان الحرّ الموحد» التي يرأسها فرنجية الذي كان نائباً في كتلة العماد ميشال عون، وانسحب لاحقاً ليكبر حجمه ويصبح هو ومعه ثلاثة نواب آخرين «بينهم مندوب حزب الله إميل رحمة»، والكتلة على بعضها تتألف من أربعة نواب، فيما تتألف كتلة العماد ميشال عون من تسعة عشر نائباً أي تفوقها بما يقارب الستة أضعاف، فمن أولى بتمثيل المسيحييّن في رئاسة الجمهوريّة؟!

«ما ظبطت» تغريدة سليمان فرنجيّة ولا هاشتاغه، لقد فاته فقط أنّ ثمانية وعشرون عاماً انقضت تغيّر فيها وجه العالم كلّه لا وجه لبنان وسوريا، وتغيّر فيها كثيرون وليس فقط العماد ميشال عون…

للمناسبة؛ نحن آخر من نتّهم بأننا داعمين لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً، فقد كان بيننا وبينه عشرات الدعاوى القضائيّة وقفنا فيها أمام القضاء مقالاً تلو الآخر، نختلف عن غيرنا في أمر صغير، اننا نقول كلمة حقّ حتى لو لم تكن «طيبة» على قلبنا، حتى ولو كانت ضد قناعتنا، نعم .. لا خروج للبنان من مأزقه الرئاسي اليوم إلا بوصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا ليستعيد لبنان رأسه ورئاسته قبل أن يضيع الجميع في مهب الرياح العاصفة الآتية لتقتلع لبنان ودولته وتدخلنا في شرذمة المنطقة… كثيرون لن يعجبهم هذا الكلام، أعرف، لكن لم يعد هناك أيّ خيار متاح!