IMLebanon

نزوح إلى إقليم الخروب: خطة استباقية «باللحم الحيّ»!

 

لم يمهل القصف الإسرائيلي عائلة «أم محمد» لتوضّب أغراضها قبل «الهروب» من عيتا الشعب الجنوبية. حملت «شنطة» الأموال والأوراق الثبوتية التي تكون عادة جاهزة لأيّ طارئ. في ما عدا ذلك «خرجنا بالأواعي اللي علينا»، وفق السيدة السبعينية المحاطة بأبنائها الأربعة وزوجاتهم وأطفالهم. وفي تلك اللحظة، خرج كثيرون من البلدة الحدودية إلى البلدات الخلفية، فيما لم تكن وجهة النزوح حاضرة لدى العائلة. في الأيام الأولى، قصدت العائلة المكونة من نحو 25 شخصاً مدينة النبطية، حيث يسكن بعض الأقارب في انتظار العثور على شقة مفروشة في أي مكان آمن آخر. الصدفة قادت العائلة إلى بلدة الجية في إقليم الخروب، «توفقنا ببيت كبير ومريح يتسع لنا جميعاً. جمع أولادي المبلغ المطلوب لدفع إيجار الشهر الأول، وهو 500 دولار من دون بدلات الكهرباء والمياه. الإيجار مقبول بالنسبة إلى مناطق أخرى طلبوا 700 و800 دولار للشقة». وتضيف: «وضعنا أفضل بكثير من بعض أبناء الضيعة الذين نزحوا إلى المدارس الرسمية في صور». رغم ذلك، لا تستبعد «أم محمد» خيار اللجوء إلى المدارس «إذا طالت القصة». تستذكر حرب تموز 2006 عندما «هربنا إلى رميش المجاورة، وبقينا ننزح من منطقة إلى أخرى حتى وصلنا إلى طرابلس. لكن الفارق أننا يومها كنا نعي أننا في حالة حرب، أما اليوم فالصورة ضبابية، ولا يمكن معرفة ماذا سيحصل».

 

الإيجارات المرتفعة شكلت عائقاً أمام النازحين، على ما يقول الناشط الاجتماعي في بلدة شبعا، محمد نبعة، الذي تولى مساعدة أسر نزحت من القرية الحدودية إلى مناطق مختلفة، منها حاصبيا وصيدا والبقاع وإقليم الخروب، ولا سيما مزبود وكترمايا وبرجا، «فمنطقة شبعا فرغت تماماً من المقيمين فيها، ويعدّون نحو 11 ألفاً من أصل 45 ألفاً هو عدد أبناء البلدة». ولا يخفي نبعة الفرز الطائفي الذي صادفه أثناء مساعدة الأهالي النازحين مثل طلب البعض الذهاب إلى أماكن نزوح «تشبههم طائفياً».

 

في حاصبيا، وصل إيجار الشقة المفروشة إلى 1000 دولار، وفي «الإقليم»، تراوح بين 250 دولاراً و800 دولار، تبعاً لحالة الشقة وما إذا كانت مفروشة، «لكن الثابت أن القيمة ارتفعت عما كانت عليه قبل الأحداث الأخيرة، والاستغلال أكيد موجود. أحد أصحاب المنازل، مثلاً، طلب إيجار ستة أشهر مسبقاً». ويستدرك أنه «بسبب الظرف الاقتصادي، لم يعد المضيفون قادرين على فتح بيوتهم للنازحين كما كان يحصل سابقاً»، مشيراً إلى أن قلة من النازحين قادرة على دفع قيمة الإيجارات التي تُطلب. لذلك، فضّل كثيرون المكوث عند أقاربهم أو في المدارس. ويشير نبعة إلى أسر نزحت إلى صيدا، من دون أن تتمكن من إحضار أموال معها، فباعت النساء مصاغهنّ لتأمين الاحتياجات اليومية لعائلاتهن.

النزوح إلى منطقة إقليم الخروب لا يزال محدوداً، وإن كان العدد بدأ يزداد يوماً بعد آخر، على ما يقول رئيس بلدية برجا كامل الخطيب، و«الأسر التي أتت، في الأيام الأولى للأزمة، من مروحين والناقورة وشبعا وغيرها، قصدوا أقارب لهم هنا بفعل التزاوج بين العائلات»، لافتاً إلى أن المنازل المعروضة للإيجار «محدودة جداً في كل المنطقة، وهي بأكثريتها مشغولة من اللاجئين السوريين». وأشار الخطيب إلى تواصل بين الأحزاب في منطقة إقليم الخروب واتحادات بلدياتها، وجرى التحرك على مستوى تأمين المنازل، وشكلت لجنة لوضع خطة استباقية، «لكننا نعمل باللحم الحي»، مؤكداً أن فتح المدارس الرسمية سيكون أحد الخيارات الأساسية إذا تطورت الأمور وتوسعت الحرب».