IMLebanon

حكومة ميقاتي الجديدة الى ما بعد عيد الأضحى… أم الى ما بعد نهاية عهد عون؟!

المشكلة ليست في الحقائب والأسماء بل في عدم اعتماد المعايير وفي عمرها القصير

فرضت عطلة عيد الأضحى نفسها على الساحة السياسية في البلاد، ولا سيما على مسألة تشكيل الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي الحكومة الأخيرة في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والحكومة الرابعة في مسيرته السياسية. وكأنّ المسؤولين كانوا بحاجة الى ذريعة لتقطيع الوقت دون التوصّل الى تشكيل الحكومة الجديدة بعد الإنتخابات، رغم أنّ ميقاتي كان قد قدّم صيغة حكومية أولى بعد يوم من انتهاء الإستشارات النيابية غير الملزمة في مجلس النوّاب. ولم تطل التعديلات فيها على حكومته الحالية، أي حكومة تصريف الأعمال سوى 5 وزارات، وتبديل 4 وزراء فقط، ونقل وزير من وزارة الى أخرى، مع تغيير في طائفة ثلاث حقائب. هذه التشكيلة التي لم يرفضها ولم يُوافق عليها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حتى الآن.

وتقول أوساط سياسية مطّلعة بأنّ البحث بين عون وميقاتي على التشكيلة الحكومية أرجىء الى ما بعد عطلة الأضحى المبارك، أي الى ما بعد منتصف الأسبوع المقبل، رغم حصول لقاء أو اثنين بين الرجلين، بحثا في إجراء المزيد من التعديلات على التشكيلة الحكومية لكي تنال الثقة في مجلس النوّاب الجديد. فالـ 54 صوتاً نيابياً التي على أساسها جرى تكليف ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة، لن تكون كافية لنيل حكومته الثقة، ما لم تتمّ مراعاة بعض مطالب الكتل النيابية التي فضّلت تسمية «اللا أحد» على ميقاتي للتأليف.

وترى بأنّ ميقاتي ليس متمسّكاً بهذه التشكيلة في حال أراد عون تعديل بعض الأسماء فيها. علماً بأنّ د. وليد سنّو الذي اقترحه ميقاتي لوزارة الطاقة والمياه بدلاً من الوزير وليد فيّاض المحسوب على «التيّار الوطني الحرّ» الذي قرّر عدم المشاركة في الحكومة، قد لن يمرّ كون «حزب الله» يرفض وجوده فيها لأنّه غالباً ما يتهجّم عليه وعلى سلاحه في مجمل مواقفه. ولهذا سيتمّ التداول بإسم آخر لتولّي هذه الحقيبة، غير أنّ إسنادها الى الطائفة السنيّة من قبل ميقاتي، وعدم موافقة عون على ذلك قد يبقى مدار بحث عقيم بين الرجلين في حال تمسّك كلّ منهما بموقفه.

أمّا النائب سجيع عطية الذي طرح ميقاتي إسناد وزارة المهجّرين، ووزارة الدولة لشؤون النازحين إليه بدلاً من الوزير الحالي عصام شرف الدين، على ما أضافت المصادر نفسها، قد لا يكون لدى الرئيس عون أي مانع من توزيره. غير أنّ شرف الدين الذي بدأ أخيراً بوضع «خطّة إعادة النازحين السوريين الى بلادهم»، مقترحاً إعادة 15 ألفاً منهم شهرياً، الى كلّ منطقة بمنطقتها، قد يكون من الأفضل إبقاء هذه الوزارة في عهدته ريثما يتمكّن من بدء تنفيذ هذه الخطة خلال الأشهر الثلاثة والنصف المتبقية من عمر العهد.

ويبدو أن لا اعتراض على إعطاء وزارة المالية للنائب ياسين جابر، ولا على إسناد وزارة الإقتصاد والتجارة الى الوزير جورج بوشيكيان الذي أظهر نشاطاً وكفاءة خلال تولّيه وزارة الصناعة، ولا يزال يُصرّف الأعمال فيها. غير أنّ إعطاء وزارة الصناعة لدرزي، على ما شدّدت، وليس إسم وليد عسّاف هنا هو الذي يُشكّل «العقدة»، إذا صحّ التعبير، يُظهر عدم اعتماد ميقاتي للمعايير ذاتها، وعدم تطبيق مبدأ مداورة الحقائب على الوزارات كافة، إنّما على عدد إنتقائي منها، ما قد يعيق التشكيل، إن لم يتمّ إيجاد حلّ لهذا الأمر المتبع من قبل الرجلين.

وفي مطلق الأحوال، أكّدت المصادر عينها، بأنّ الرئيس ميقاتي يجد حكومته الحالية «كاملة الأوصاف»، على ما سبق وأعلن، ما يعني بأنّه في حال لم يتوافق مع الرئيس عون على ملاحظاته ويجري التعديلات المطلوبة، فإنّ حكومته لن تُبصر النور لا خلال الأسبوع المقبل، ولا خلال الأشهر المتبقية من العهد، سيما وأنّ عمرها بدأ يضيق تدريجاً. الأمر الذي يجعل حكومة تصريف الأعمال باقية حتى نهاية العهد، خصوصاً مع بدء افتتاح الدورة لانتخاب رئيس الجمهورية المقبل في أواخر آب المقبل، إذ من غير المنطقي تشكيل حكومة جديدة لمدّة شهرين.

وذكّرت المصادر، بأنّ الرئيس ميقاتي كان في العام السابق، في مثل هذه الفترة يودّ تشكيل حكومته الأولى في عهد عون، وأراد أن يُنجز ذلك قبل الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، لكي يُعطي أهالي الضحايا والعائلات المنكوبة من هذا الإنفجار المشؤوم بعض الأمل بإمكانية معرفة حقيقة ما حصل، ومحاسبة المرتكبين. غير أنّ حكومته تشكّلت في أيلول الماضي ولم تتمكّن حتى الساعة من حلحلة هذا الملف. ولهذا قد لا يتوقّف ميقاتي هذه المرّة أمام موعد الذكرى السنوية الثانية لانفجار المرفأ سيما وأنّ العائلات المعنية لم تعد تثق لا بالحكومة ولا بالطاقم السياسي الحاكم ولا بأغلبية القضاة الذين تُمارس عليهم الضغوطات السياسية.

وتقول المصادر، بأنّ عمر الحكومة الجديدة، في حال جرى تشكيلها أواخر الأسبوع المقبل سيكون قصيراً جدّاً، حتى وإن كان من المرجّح أن تلعب دوراً مهمّاً في حال لم يجرِ انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية لسبب أو لآخر، خلال الأشهر التي تلي نهاية العهد. ولهذا لا يُعوّل عليها الكثير سوى تقطيع الوقت، خصوصاً وأنّ دول الخارج لا تُبدي أي اهتمام بولادة الحكومة الجديدة ما دام الرئيس ميقاتي هو نفسه رئيس حكومة تصريف الأعمال والرئيس المكلّف. وفي كلتا الحالتين سيبقى ميقاتي مدعوماً من الخارج لكي يتمكّن من توقيع الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، أو لتمرير الإتفاق على ملف الترسيم البحري الحدودي الذي لا يريد هذا الخارج أن يُبصر النور في عهد عون لكي لا يُسجّل له إنجازاً بارزاً في عهده..