IMLebanon

ميقاتي لا يهادن «صفقة عون ـ الحريري»!

لم يُحدث اللقاء الذي عقد بين الرئيس نجيب ميقاتي ووفد «التيار الوطني الحر» الذي ضم النائبين آلان عون وسيمون أبي رميا، أي خرق إيجابي في موقف رئيس الحكومة السابق من ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.

وكانت تصريحات ميقاتي قد سبقت اللقاء، فجاء «بروتوكوليا» في الشكل والمضمون، حيث كان الوفد العوني على علم مسبق بما سيسمعه من ميقاتي الذي بالفعل بدا منسجما مع المواقف التي أطلقها، ومع تطلعات الشارع السني، مؤكدا للوفد «أن ثمة هوة كبيرة جدا بين شريحة من اللبنانيين، وخاصة من أمثل، ومرشح التيار الوطني الحر».

ويبدو واضحا أن ميقاتي قرر السير في معارضة وصول «الجنرال» الى قصر بعبدا حتى النهاية، فإما يكون شريكا في معركة إسقاط الترشيح، وإما يتجه الى المعارضة في حال انتخاب عون رئيسا، وهو المدرك أنه لن يكون رابحا بأي حال من الأحوال في صفقة عون ـ الحريري.

وبرغم ذلك، فإن الوفد العوني قام بالمهمة الموكلة إليه ضمن إطار تسويق ترشيح عون لدى القيادات السياسية في لبنان، فقدم شرحا لميقاتي عن مسيرة عون الوطنية والسيادية وأنه مرشح طبيعي للرئاسة، عارضا له مواقفه الإيجابية من الطائفة السنية، ومؤكدا له أن الهجوم على مكوّن سياسي في أي طائفة لا يمكن أن يُعتبر هجوماً على الطائفة نفسها، وأن التيار وعلى رأسه العماد عون لا يضمر أي عدائية للسنّة، وهو يرفض أن يتهم بالعدائية لأي طائفة كانت، مشددا على أن الصراع السياسي شيء والصراع الطائفي شيء آخر.

ويشير مطلعون الى أن ميقاتي شرح لوفد «التيار الوطني الحر» وجهة نظره من ترشيح عون، لافتا انتباهه الى أن الاستفزاز الذي يشكله للشارع السني هو بسبب التراكمات السلبية التي أنتجتها مواقفه على مدى السنوات الماضية، معتبرا أن إطلالة تلفزيونية من هنا أو من هناك لا تكفي لإزالة كل هذه التراكمات، وأن العماد عون مطالب ببذل مجهود أكبر تجاه الشارع السني ليبدأ تدريجيا بكسر الصورة النمطية الراسخة في الأذهان حول تعاطيه السلبي معه.

وبحسب المطلعين، فإن ميقاتي أبلغ وفد التيار الوطني الحر أنه لا يستطيع أن يسير بعكس تطلعات الأغلبية الساحقة في طائفته وفي مدينته طرابلس، مؤكدا تمسكه بموقفه، آملا أن تتبلور المواقف في المستقبل القريب، خصوصا أن السياسة متحركة وليست جامدة، وهي تشهد تطورات متلاحقة، لكن التطوير المطلوب يُبنى على السلوك والمواقف، لا على التصريحات فقط.

ويقول النائب سيمون أبي رميا لـ«السفير» إن ميقاتي «أبلغنا ما كنا قد سمعناه منه عبر تصريحاته للإعلام، لكننا أكدنا له أن ارتفاع المنسوب المذهبي مؤذ لنا وله وللجميع، ونحن نعلم أن لديه حسابات في ساحته السنية، وأن مواقفه تراعي هذه الساحة التي يبدو أنه يريد أن يقوم بعملية تموضع فيها نتيجة خيارات جديدة، لذلك أكدنا أن الجنرال ليس مرشح تحد، ولا ينطلق من منطق إلغائي أو سياسة تغليب فئة على فئة، وأننا كتيار أنجزنا تفاهمات سياسية على مستوى الوطن مع المسيحيين والسنة والشيعة والدروز، علما أن في السياسة لا خصومات دائمة ولا تحالفات دائمة».

ويضيف أبي رميا: «إن موقفنا لم يكن عدائيا في يوم من الأيام تجاه السنّة، بل على العكس فهناك الكثير من التصريحات للعماد عون يفصل فيها السنّة عن الإرهاب الذي تشهده المنطقة والذي لا يمت بنظرنا الى سماحة الإسلام في شيء، كما لم يكن لدينا أي موقف عدائي تجاه الرئيس ميقاتي الذي تعاطينا معه بإيجابية في الحكومة السابقة وعلى مدار سنتين ونصف سنة، وكنا نسمع منه كلاما إيجابيا حول العماد عون والتلاقي معه في الخط التغييري والإصلاحي».

ويقول مقربون من ميقاتي لـ«السفير» إنه ليس في القاموس السياسي لرئيس الحكومة السابق كلمة «عدائية»، وإن اعتراضه على عون سياسي بامتياز، ولا علاقة له بالطائفية ولا بالمذهبية، ويؤكد هؤلاء أن ميقاتي معروف باعتداله ووسطيته وانفتاحه على كل الفئات اللبنانية، وعلى المكوّن المسيحي منها خاصة، وهو لا يعترض على ميشال عون كشخص، بل يعترض على أداء سياسي سلبي تميزت به الحقبة العونية الأخيرة.

ويضيف المقربون: «من الطبيعي أن يراعي ميقاتي ساحته السنية ومدينته، وأن تكون لديه أيضا حسابات في دور رئاسة الحكومة في المرحلة المقبلة، خصوصا أنه يشدد في كل مناسبة على ضرورة التمسك باتفاق الطائف والالتزام به».

في المقابل، رأت مصادر عونية أن موقف ميقاتي ينطوي على كثير من الفرضيات غير الدقيقة، و «هو إذ يعتقد أن موقفه المعارض لعون، وهو في الواقع معارض لتوجه الحريري، يمكنه أن يشد عصب السنّة المتحفظين على الجنرال، فيميلوا نحوه، فإن ذلك يبدو أمراً غير مضمون النتائج، خصوصا أن الشارع السني لا يستسيغ في المقابل ترشيح سليمان فرنجية».

وفيما تتفهم المصادر العونية أن يكون ميقاتي قد قرر طرح نفسه كشريك للحريري في الساحة السنية، رافضاً تكرار تجربة الانتخابات البلدية الأخيرة، تفترض أنه ستكون أمام ميقاتي مقاربة مهمتين صعبتين: الأولى، إثبات حالته الشعبية في مواجهة الحريري، والثانية، قطع الطريق على الوزير أشرف ريفي الذي تتمدد حالته في طرابلس والشمال.